jo24_banner
jo24_banner

مهمشون ومستضعفون ومغيبون!

حلمي الأسمر
جو 24 :

السؤال الأول الذي كان يقفز إلى ذهني بعد الاطمئنان على صحة الوالدة هو عن حالة الطفل الوليد، وعما إذا كان سليما معافى، ثم يأتي السؤال عن الجنس، وعما إذا كان ذكرا أو أنثى!

كثير من أسرنا ابتليت بمواليد ذوي حاجات خاصة، وتختلف درجة الحاجة بين شديد جدا ومتوسط، بالنسبة للشديد فتلك مشيئة الله، ويتم التعامل مع الأمر كحالة ابتلاء مستعصية لا أمل في التخلص منها، لكن حينما تكون الحالة متوسطة، فتلك معضلة تعرفها الأسر التي يوجد بينهم من يعاني من حالة الداون سندروم، أو ما يعرفه العامة بالمنغولية..

انتصار عادل، في بيتها حالتان، حين تستمع لها يعتصر قلبك ألما، تقول انتصار: بالله عليكم أين الاهتمام بفئة الداون سندروم ضمن فئة الإعاقة العقلية البسيطة والمتوسطة – كما يصنفون في مؤسساتنا المعنية– إنهم ضائعون مضيعون تماما ومن يقول غير ذلك فهو واهم، نحن أهلهم ومن رحم ربي فقط من نحترمهم ونضعهم تاج عز وفخار على رؤوسنا نحن من نسميهم باسمهم – لكن ضمن الخطط والأنظمة والقوانين الحكومية لا يعتبرونهم لا ضمن العاديين ولا ضمن المعوقين – إنهم مغيبون مع سبق الإصرار والترصد هم لا ينالون حقوقهم إن كانت لهم حقوق أصلا ؟؟

انتصار تطالب، وأنا معها، مؤسسات الدولة بأن تحدد موقفها رسميا من فئة الداون سندروم بالذات تلك الفئة التي نسبة وجودها على أرض الواقع فرد أو مولود لكل ثمانمائة ولادة ضمن الإحصاءات الرسمية العالمية وليس الأردنية، لأنهم لا يدرجون ضمن الإحصاءات هم لا يحصلون من دولتنا حتى على رقم – هم فقط ينتظرون وفاتهم حتى يقوموا بإجراءاتهم لتشريح الجثة –عفوا لهذا الوصف – لعل هناك شبهة جنائية أو إهمالا أو تقصيرا من الأهل – سبحان الله !!!! أتعلمون إننا متهمون حتى تثبت براءتنا ؟؟!!

كم هو جارح كلام انتصار، التي تطلق صرختها المؤلمة تلك، على وقع أخرى..غرستي هم أحبتي الداون سندروم هم المهمشون المغيبون هم المستضعفون هم في واقع الحال مواطنون في حكوماتنا من الدرجه العاشرة .. أسمعتم بمواطن من الدرجة العاشرة ؟!! نعم هم أحبتنا الداون سندروم الذين لا يجدون دار حضانة تقبلهم ولا روضة تسمح باستقبالهم ولا مدرسة تعمل على دمجهم .. والمراكز الحكومية تقبلهم ضمن اجراءات رسمية يطول أمدها يكبر الطفل ويصبح غير مؤهل لدخولها يترقب على الدور ويأخذ رقما ويحمل هذا الرقم سنوات وسنوات لا يتحرك .. هذا من جهة ومن جهة أخرى إن وضعناهم في مؤسسة خاصة على نفقتنا نحتاج أن نخصص له كل راتبنا الشهري حتى نضمن قبوله ومن لا يملك دخلا ثابتا ومن لا يملك أموالا ومن يعمل ويكد ويشقى ولا يجد إلا قوت أولاده ماذا يعمل ؟؟

نريد أن تتغير نظرة المجتمع للداون سندروم، الناس لا يرونهم إلا بالشوارع العامة هائمين يهربون لا يعلمون الى أين ! لا يجدون أمامهم سوى الشارع وللأسف يستضعفهم الناس ويسخرون منهم ويضحكون عليهم فتتعالى أصواتهم ويتذمر أحبتنا الداون منهم لكن هل من يسمع .. ؟؟

نعم.. من يسمع وسط هذا الضجيج الذي يكاد يصم آذاننا في كل مكان؟


(الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news