بشار في موسكو.. ماذا بعد ذلك؟!
ياسر الزعاترة
جو 24 : كان هناك مناسبتان للاحتفال بالنسبة لشبيحة بشار خلال الأيام الماضية؛ الأولى بسفره الأول منذ اندلاع الثورة إلى موسكو، والثانية بتصريح السعودية وتركيا بإمكانية القبول بوجوده خلال مرحلة انتقالية؛ على أن تكون هناك ضمانات لرحيله بعد ذلك.
بالنسبة للأولى نفتح قوسا كي نشير إلى أنه لو كان سفر بشار إلى الخارج مهما إلى هذا الحد، لكان من الطبيعي أن تكون رحلته الأولى إلى الدولة التي وفرت له الحماية طوال الوقت، ودفعت كلفة الحرب من ألفها إلى يائها، بما في ذلك ثمن الأسلحة الروسية، وحيث يعرف الجميع أن بوتين لا يدفع، وإنما يبيع، ربما باستثناء ما يتعلق بحديقته الخلفية كما هو الحال في أوكرانيا مثلا، لكن إيران لم تحضر كمحطة للزيارة، وبالطبع لأنها موجودة في قلب دمشق ومناطق أخرى لا تسيطر عليها فصائل المعارضة، وهي التي تدير البلد عمليا، فيما يتوقع أن تتم زيارة لها قريبا، ربما لموازنة الموقف بعد زيارة روسيا.
لا شيء على ذلك القدر من الأهمية يستدعي من الناحية العملية زيارة سرية وسريعة لبشار إلى موسكو، فهي حاضرة هي الأخرى بعسكرها وبسياسييها الذين يأتون ويذهبون، لكن المسألة الرمزية هي التي حضرت كدافع أكبر للزيارة، وليس صحيحا أن لها أي تأثير يذكر على المسار السياسي، ولا صلة أبدا للموقف السعودي والتركي الجديد بها، فضلا عن المواقف الأوروبية التي تشتريها طهران بصفقات ما بعد النووي، فضلا عن تأثير الموقف الإسرائيلي على مجمل تلك المواقف لجهة الحرص على بقاء بشار ضعيفا منهكا، وبمرجعية إيرانية متصالحة مع الغرب، وبضمانة من الصديق الحميم بوتين، على أي خيار آخر.
لا وجود لأي تأثير سياسي للزيارة إذا، اللهم إلا منح الشبيحة فرصة للاحتفال، بل إن من غير العسير القول إن طهران نفسها، ربما لا تكون سعيدة بالزيارة، وبالطبع لأنها تحرص على أن تبقى هي المرجع رغم حاجتها للتدخل الروسي بعد فشلها في منع تدهور وضع النظام، كما تحرص على أن تظل المدخل لأي حوار بين بشار وبين الروس، أو سواهم، وهو أمر طبيعي في واقع الحال. أليست هي التي حمته ودفعت الكلفة الباهظة لوجوده كما أشرنا من قبل؟
نأتي هنا إلى الموقف السعودي والتركي، وهو موقف كان متوقعا إلى حد كبير، إذ لم يبق عمليا في العالم من يصر على رحيل بشار منذ البداية سوى السعودية وتركيا وقطر، ويبدو أن تفاهما بينها قد تم على قبول ذلك، ربما من زاوية رمي الكرة في ملعب الآخرين، إذ أن جنيف-1 يتحدث عن هيئة انتقالية كاملة الصلاحات، من دون الإشارة إلى بشار، وهو ما يعني أن على القائلين بإمكانية التسوية أن يتفضلوا بفرض هذا الحل على النظام وعلى إيران، لأن أمرا كهذا لا يمكن أن يعني بقاء سيطرة طائفة معينة على المؤسسة الأمنية والعسكرية، فضلا عن السياسية، فيما يعلم الجميع أن إيران ذاتها في من أفشل جنيف-1.
هل ثمة جديد إذا بعد الزيارة وبعد المواقف الجديدة من رافضي بشار سابقا؟ في الظاهر تبدو الإجابة هي نعم، لكن واقع الحال أن ألف شيطان سيظلا كامنا في التفاصيل يحول دون ترجمة ذلك إلى حل عملي، لا سيما أن الأمريكان لن يكونوا حريصين على إنجازه، وسيفضلون استمرار الصراع لاستنزاف الروس، ولجلب صفقات الأسلحة من جهة أخرى، ولفرض تعاون إيران في تنفيذ اتفاق النووي أيضا.
ومع تصاعد التفاهم التركي السعودي القطري، يمكن القول، إنه مقابل التدخل العسكري الروسي، تتبدى نوايا واضحة للاستمرار في المعركة أيا يكن الثمن، وذلك للحيلولة دون تغيير ميزان القوى، على نحو يفرض نفسه على طاولة التفاوض، والنتيجة أن الصراع سيتسمر، ومعه الاستنزاف إلى المرحلة التي يقتنع عندها محافظو إيران بأن عليهم تجرع كأس السم والقبول بتسوية متوازنة، لن تعني بحال بقاء حكم الأقلية في سوريا (كذلك فيما خصّ سيطرة الحوثي على صنعاء في اليمن).
(الدستور)
بالنسبة للأولى نفتح قوسا كي نشير إلى أنه لو كان سفر بشار إلى الخارج مهما إلى هذا الحد، لكان من الطبيعي أن تكون رحلته الأولى إلى الدولة التي وفرت له الحماية طوال الوقت، ودفعت كلفة الحرب من ألفها إلى يائها، بما في ذلك ثمن الأسلحة الروسية، وحيث يعرف الجميع أن بوتين لا يدفع، وإنما يبيع، ربما باستثناء ما يتعلق بحديقته الخلفية كما هو الحال في أوكرانيا مثلا، لكن إيران لم تحضر كمحطة للزيارة، وبالطبع لأنها موجودة في قلب دمشق ومناطق أخرى لا تسيطر عليها فصائل المعارضة، وهي التي تدير البلد عمليا، فيما يتوقع أن تتم زيارة لها قريبا، ربما لموازنة الموقف بعد زيارة روسيا.
لا شيء على ذلك القدر من الأهمية يستدعي من الناحية العملية زيارة سرية وسريعة لبشار إلى موسكو، فهي حاضرة هي الأخرى بعسكرها وبسياسييها الذين يأتون ويذهبون، لكن المسألة الرمزية هي التي حضرت كدافع أكبر للزيارة، وليس صحيحا أن لها أي تأثير يذكر على المسار السياسي، ولا صلة أبدا للموقف السعودي والتركي الجديد بها، فضلا عن المواقف الأوروبية التي تشتريها طهران بصفقات ما بعد النووي، فضلا عن تأثير الموقف الإسرائيلي على مجمل تلك المواقف لجهة الحرص على بقاء بشار ضعيفا منهكا، وبمرجعية إيرانية متصالحة مع الغرب، وبضمانة من الصديق الحميم بوتين، على أي خيار آخر.
لا وجود لأي تأثير سياسي للزيارة إذا، اللهم إلا منح الشبيحة فرصة للاحتفال، بل إن من غير العسير القول إن طهران نفسها، ربما لا تكون سعيدة بالزيارة، وبالطبع لأنها تحرص على أن تبقى هي المرجع رغم حاجتها للتدخل الروسي بعد فشلها في منع تدهور وضع النظام، كما تحرص على أن تظل المدخل لأي حوار بين بشار وبين الروس، أو سواهم، وهو أمر طبيعي في واقع الحال. أليست هي التي حمته ودفعت الكلفة الباهظة لوجوده كما أشرنا من قبل؟
نأتي هنا إلى الموقف السعودي والتركي، وهو موقف كان متوقعا إلى حد كبير، إذ لم يبق عمليا في العالم من يصر على رحيل بشار منذ البداية سوى السعودية وتركيا وقطر، ويبدو أن تفاهما بينها قد تم على قبول ذلك، ربما من زاوية رمي الكرة في ملعب الآخرين، إذ أن جنيف-1 يتحدث عن هيئة انتقالية كاملة الصلاحات، من دون الإشارة إلى بشار، وهو ما يعني أن على القائلين بإمكانية التسوية أن يتفضلوا بفرض هذا الحل على النظام وعلى إيران، لأن أمرا كهذا لا يمكن أن يعني بقاء سيطرة طائفة معينة على المؤسسة الأمنية والعسكرية، فضلا عن السياسية، فيما يعلم الجميع أن إيران ذاتها في من أفشل جنيف-1.
هل ثمة جديد إذا بعد الزيارة وبعد المواقف الجديدة من رافضي بشار سابقا؟ في الظاهر تبدو الإجابة هي نعم، لكن واقع الحال أن ألف شيطان سيظلا كامنا في التفاصيل يحول دون ترجمة ذلك إلى حل عملي، لا سيما أن الأمريكان لن يكونوا حريصين على إنجازه، وسيفضلون استمرار الصراع لاستنزاف الروس، ولجلب صفقات الأسلحة من جهة أخرى، ولفرض تعاون إيران في تنفيذ اتفاق النووي أيضا.
ومع تصاعد التفاهم التركي السعودي القطري، يمكن القول، إنه مقابل التدخل العسكري الروسي، تتبدى نوايا واضحة للاستمرار في المعركة أيا يكن الثمن، وذلك للحيلولة دون تغيير ميزان القوى، على نحو يفرض نفسه على طاولة التفاوض، والنتيجة أن الصراع سيتسمر، ومعه الاستنزاف إلى المرحلة التي يقتنع عندها محافظو إيران بأن عليهم تجرع كأس السم والقبول بتسوية متوازنة، لن تعني بحال بقاء حكم الأقلية في سوريا (كذلك فيما خصّ سيطرة الحوثي على صنعاء في اليمن).
(الدستور)