تلفزيون الخدمة العامة وخبرات الصحف!
حلمي الأسمر
جو 24 : حين نتحدث عن «محطات الخدمة العامة المستقلة المرئية أو المسموعة» ينصرف الذهن إلى نماذج قائمة في دول العالم المختلفة، مثل بي بي سي البريطانية، ودويتشه فيله الألمانية، وغيرهما، وهي مؤسسات لا ترتبط بالحكومات، بل لها مجالس أمناء وإدارات مستقلة بشكل تام عن السلطة التنفيذية، يشرف عليها ممثلو الشعب، كون ميزانياتها تدفع من عوائد الضرائب، ولهذا فليس من الصائب أبدا القول إن التلفزيون الجديد هو محطة خدمة عامة مستقة، بل هو تلفزيون أردني حكومي جديد، ويمكن أن نقول انه التلفزيون الأردني 2، كونه يتبع بالكامل للإشراف الحكومي غير المباشر، عبر التنسيب بتعيين المسؤولين عنه للملك، الذي يصدر إرادته بالتعيين بناء على هذه التنسيبات، ومصداقا لهذا الاستخلاص، ينص النظام الخاص للمحطة صراحة على أنها ستتولى «المهام التي ينيطها بها مجلس الوزراء»، ومن المعروف لدى الجميع إن تعيين أي مسؤول من قبل رئيس الوزراء أو بتنسيبه، يعني أنه لا يستطيع فعليا التجاوز عن توجيهاته الشفوية والمكتوبة ورغباته السياسية والإعلامية، إضافة إلى أن المدير العام للمحطة، الذي سيكون مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة، يعيّن بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب رئيس مجلس الإدارة المعيّن أصلا بتنسيب من رئيس الوزراء، فضلا عن أن المحطة ستخضع لنظام الخدمة المدنية، ورقابة ديوان المحاسبة، وأنظمة اللوازم والشراء وخلافه، يعني ستكون دائرة حكومية كاملة النصاب، ولا يجوز والحالة هذه أن تدعى «مستقلة»! تأسيسا على هذا الفهم، بوسعنا أن نقترح على الحكومة (صاحبة الولاية الحقيقية على المحطة) توجيه المحطة للاستعانة بكوادر الصحف الورقية اليومية، من صحفيين محترفين وذوي خبرة كبيرة في العمل الإعلامي، عبر شكل ما من أشكال الاتفاق، بين المحطة والصحف الورقية، خاصة وان الأخيرة تعاني تعثرا غير مسبوق، وبعضها وربما أكثرها، مهدد بالتوقف عن الصدور وربما الإفلاس، علما بأن أكبر صحيفتين في البلاد وهما الرأي والدستور، هما من مشروعات مؤسسة الضمان الاجتماعي، المملوكة للمواطنين، ومن باب أولى أن تحرص الجهات الحريصة على إنقاذ أموال الضمان من الهدر، عبر إيجاد الطرق السليمة لمنع هاته المؤسسات من الانهيار، ويمكن أن تكون صيغة التعاون بين المحطة، (قيل أنه رصد لها مبلغ 20 مليون دينار) وبين الصحف اليومية، طريقة مناسبة لتحقيق الخير للجميع، فالمحطة ستستفيد من خبرات كبار الصحفيين، مقابل عمل إضافي لا يكلفها الكثير، كما سيعود هذا الأمر بالنفع على استثمارات الضمان، عبر الاستفادة من خدمات الصحف وخبراتها، وتجنيبها مخاطر الانهيار، ناهيك عن الفائدة التي ستحققها المحطة من استيعاب كوادر مهنية مدربة على العمل الصحفي على مختلف فنونه.. أعتقد أن تنفيذ مثل هذا الاقتراح سيصيب عدة عصافير بحجر واحد، ويتعين على صاحب الشأن النظر إليه من منظار المصلحة العامة، التي تحقق الخير للجميع!