إنهم يطاردون انتفاضة الشعب الفلسطيني
ياسر الزعاترة
جو 24 : تتعرض انتفاضة الشعب الفلسطيني التي اندلعت نظريا منذ مطلع شهر تشرين أول/ أكتوبر، وعمليا منذ شهور طويلة في القدس، لمؤامرة كبيرة، من أجل منعها من الاستمرار والطور نحو مستوىً أعلى من الرصاص والعبوات، وحتى الاشتباك الشامل مع العدو.
يحدث ذلك لأسباب عديدة تختلف بحسب الجهة التي تتآمر ضد الانتفاضة، لكن الأمر يصل في نهاية المطاف إلى السلطة الفلسطينية التي ينبغي عليها أن تباشر الجهد الأكبر في عملية وقف الانتفاضة، في حين يتكفل الآخرون بالضغط، وربما توفير الذرائع لها كي تباشر الفعل من دون أن تخشى ردود فعل كبيرة من قبل الناس، بخاصة من قبل كوادر حركة فتح الذين يمنحون الشرعية لقيادة تلك السلطة بوصفها قيادة حركة كبيرة، لها ثقلها الواقعي والتاريخي في القضية الفلسطينية.
والحال أن محمود عباس لا يحتاج إلى ضغط من أحد كي يباشر عملية المطاردة للانتفاضة، فهو لم يتوقف عمليا عن ذلك، وما حدث عمليا، كان رغم أنفه وإرادته، وليس صحيحا أنه يتسامح مع الانتفاضة كما يذهب بعض قادة فتح. صحيح أنه لا يضغط على كوادر الحركة كي ينضموا إليه في لعبة مطاردة الانتفاضة خشية انفجار الوضع الداخلي، لكن ماكينته تعمل بكل قوة.
الدليل الأكبر على ذلك هو أن الانتفاضة حتى هذه اللحظة لم تشمل كل الضفة الغربية، وإنما تتركز عمليا في القدس التي تقع خارج سيطرة محمود عباس، وكذلك الحال في الخليل التي يتواجد فيها المستوطنون بحكم تقسيمات أوسلو البائسة، فيما تعيش مدا مقاوما؛ إسلاميا على وجه الخصوص، ومن الصعب لجمه بالكامل.
والحال أن بقاء الحال على هذا المنوال، أعني لجهة بقاء أغلب المدن الفلسطينية بعيدة عن الانتفاضة، وحيث يحول أمن السلطة بين الناس وبين الاشتباك مع الحواجز الصهيونية، سيجعل مهمة الاستمرار في القدس والخليل بالغة الصعوبة.
نفتح قوسا كي نشير هنا إلى أن الكرة الآن ليس في ملعب السلطة التي نعرف تاما خيارات قائدها، والتي لن تتغير بأي حال مهما لوّح وهدد، بل في ملعب حركة فتح التي ينبغي عليها أن تنحاز إلى انتفاضة الشعب، وإذا لم تفعل، فضلا عن التحامها مع عباس في مساعي لجمها، فإن الوضع سيكون بالغ الصعوبة.
الشق الثاني الذي يضغط باتجاه لجم الانتفاضة في الشق العربي، ممثلا في أنظمة التي لا تريد لشيء كهذا أن يحدث، لأن اشتعال الوضع الفلسطيني سيحرجها أمام جمهورها بشكل كبير، وسيضطرها إلى مجاملته من أجل أن لا يثور ضدها، ومن أجل أن يحافظ على توافقه معها في حالات أخرى.
الوضع الدولي بدوره يتحمل الجزء الأكبر، وفي المقدمة الولايات المتحدة التي تدرك أن انتفاضة فلسطينية متطورة من السكاكين إلى الرصاص والعبوات والعمليات الاستشهادية ستكلف الكيان الصهيوني الكثير، وهي ستعيد ترتيب أوراق المنطقة على نحو مختلف، وقد تؤدي إلى تصحيح بوصلة الصراع فيها، وهو الصراع الذي يفيد القوى الاستعمارية. مع ضرورة التذكير بأن إيران هي المسؤول الأكبر عن هذا الحريق الذي يعم المنطقة برمتها، وذلك أولا بدعم طائفية المالكي، وثانيا بدعم دموية بشار، وثالثا بدعم جنون الحوثي.
هكذا تبدو الانتفاضة الفلسطينية في حالة يُتم استثنائي، ويكفي أن يضطر شعب تقف من ورائه أمة بمليار ونصف المليار من البشر إلى استخدام السكاكين والسيارات (الدعس) في مواجهة عدو، كي ندرك أي حصار يتعرض إليه. ويكفي أن يتواطأ عرب على حصاره حتى نتأكد من ذلك.
بقيت مسألة بالغة الأهمية تتعلق بالجهود التي بُذلت مؤخرا من أجل تغيير الموقف عبر ترتيبات تخص المسجد الأقصى، وهنا ينبغي القول إن حشر الحراك الفلسطيني في مسألة المسجد الأقصى خاطئ، مع يقيننا بأنه لا يوجد اتفاق يمكن أن يمنع انتهاكات المستوطنين، وهو ما تأكد خلال الأسبوعين الماضيين، بعد الاتفاق الذي رعاه كيري.
المعضلة هي الاحتلال وليس ممارساته وحسب، ومن الخطأ الحديث عن مسألة الأقصى أو القدس وحدها كسبب للانتفاضة، ولا الاستيطان ولا أية ممارسات أخرى، فوجود الاحتلال يكفي لكي تكون هناك مقاومة، وتصحيح البوصلة هنا ضروري، بخاصة من قوى المقاومة التي يجب أن تتوقف عن الحديث عن المقاومة كرد على ممارسات الاحتلال، وتؤكد في المقابل على أنها رد على وجود الاحتلال بصرف النظر عن ممارساته.
إن واجب الوقت الآن على كل قوى المقاومة يتمثل في العمل من أجل الحيلولة دون نجاح الجهود الفلسطينية (من السلطة)، ومن الوضع العربي والدولي الرامية لإجهاض الانتفاضة، وإعادة الوضع الفلسطيني إلى حالة التيه التي يعيشها منذ 11 عاما؛ تحديدا منذ سيطرة عباس على السلطة والمنظمة وحركة فتح. الدستور
يحدث ذلك لأسباب عديدة تختلف بحسب الجهة التي تتآمر ضد الانتفاضة، لكن الأمر يصل في نهاية المطاف إلى السلطة الفلسطينية التي ينبغي عليها أن تباشر الجهد الأكبر في عملية وقف الانتفاضة، في حين يتكفل الآخرون بالضغط، وربما توفير الذرائع لها كي تباشر الفعل من دون أن تخشى ردود فعل كبيرة من قبل الناس، بخاصة من قبل كوادر حركة فتح الذين يمنحون الشرعية لقيادة تلك السلطة بوصفها قيادة حركة كبيرة، لها ثقلها الواقعي والتاريخي في القضية الفلسطينية.
والحال أن محمود عباس لا يحتاج إلى ضغط من أحد كي يباشر عملية المطاردة للانتفاضة، فهو لم يتوقف عمليا عن ذلك، وما حدث عمليا، كان رغم أنفه وإرادته، وليس صحيحا أنه يتسامح مع الانتفاضة كما يذهب بعض قادة فتح. صحيح أنه لا يضغط على كوادر الحركة كي ينضموا إليه في لعبة مطاردة الانتفاضة خشية انفجار الوضع الداخلي، لكن ماكينته تعمل بكل قوة.
الدليل الأكبر على ذلك هو أن الانتفاضة حتى هذه اللحظة لم تشمل كل الضفة الغربية، وإنما تتركز عمليا في القدس التي تقع خارج سيطرة محمود عباس، وكذلك الحال في الخليل التي يتواجد فيها المستوطنون بحكم تقسيمات أوسلو البائسة، فيما تعيش مدا مقاوما؛ إسلاميا على وجه الخصوص، ومن الصعب لجمه بالكامل.
والحال أن بقاء الحال على هذا المنوال، أعني لجهة بقاء أغلب المدن الفلسطينية بعيدة عن الانتفاضة، وحيث يحول أمن السلطة بين الناس وبين الاشتباك مع الحواجز الصهيونية، سيجعل مهمة الاستمرار في القدس والخليل بالغة الصعوبة.
نفتح قوسا كي نشير هنا إلى أن الكرة الآن ليس في ملعب السلطة التي نعرف تاما خيارات قائدها، والتي لن تتغير بأي حال مهما لوّح وهدد، بل في ملعب حركة فتح التي ينبغي عليها أن تنحاز إلى انتفاضة الشعب، وإذا لم تفعل، فضلا عن التحامها مع عباس في مساعي لجمها، فإن الوضع سيكون بالغ الصعوبة.
الشق الثاني الذي يضغط باتجاه لجم الانتفاضة في الشق العربي، ممثلا في أنظمة التي لا تريد لشيء كهذا أن يحدث، لأن اشتعال الوضع الفلسطيني سيحرجها أمام جمهورها بشكل كبير، وسيضطرها إلى مجاملته من أجل أن لا يثور ضدها، ومن أجل أن يحافظ على توافقه معها في حالات أخرى.
الوضع الدولي بدوره يتحمل الجزء الأكبر، وفي المقدمة الولايات المتحدة التي تدرك أن انتفاضة فلسطينية متطورة من السكاكين إلى الرصاص والعبوات والعمليات الاستشهادية ستكلف الكيان الصهيوني الكثير، وهي ستعيد ترتيب أوراق المنطقة على نحو مختلف، وقد تؤدي إلى تصحيح بوصلة الصراع فيها، وهو الصراع الذي يفيد القوى الاستعمارية. مع ضرورة التذكير بأن إيران هي المسؤول الأكبر عن هذا الحريق الذي يعم المنطقة برمتها، وذلك أولا بدعم طائفية المالكي، وثانيا بدعم دموية بشار، وثالثا بدعم جنون الحوثي.
هكذا تبدو الانتفاضة الفلسطينية في حالة يُتم استثنائي، ويكفي أن يضطر شعب تقف من ورائه أمة بمليار ونصف المليار من البشر إلى استخدام السكاكين والسيارات (الدعس) في مواجهة عدو، كي ندرك أي حصار يتعرض إليه. ويكفي أن يتواطأ عرب على حصاره حتى نتأكد من ذلك.
بقيت مسألة بالغة الأهمية تتعلق بالجهود التي بُذلت مؤخرا من أجل تغيير الموقف عبر ترتيبات تخص المسجد الأقصى، وهنا ينبغي القول إن حشر الحراك الفلسطيني في مسألة المسجد الأقصى خاطئ، مع يقيننا بأنه لا يوجد اتفاق يمكن أن يمنع انتهاكات المستوطنين، وهو ما تأكد خلال الأسبوعين الماضيين، بعد الاتفاق الذي رعاه كيري.
المعضلة هي الاحتلال وليس ممارساته وحسب، ومن الخطأ الحديث عن مسألة الأقصى أو القدس وحدها كسبب للانتفاضة، ولا الاستيطان ولا أية ممارسات أخرى، فوجود الاحتلال يكفي لكي تكون هناك مقاومة، وتصحيح البوصلة هنا ضروري، بخاصة من قوى المقاومة التي يجب أن تتوقف عن الحديث عن المقاومة كرد على ممارسات الاحتلال، وتؤكد في المقابل على أنها رد على وجود الاحتلال بصرف النظر عن ممارساته.
إن واجب الوقت الآن على كل قوى المقاومة يتمثل في العمل من أجل الحيلولة دون نجاح الجهود الفلسطينية (من السلطة)، ومن الوضع العربي والدولي الرامية لإجهاض الانتفاضة، وإعادة الوضع الفلسطيني إلى حالة التيه التي يعيشها منذ 11 عاما؛ تحديدا منذ سيطرة عباس على السلطة والمنظمة وحركة فتح. الدستور