jo24_banner
jo24_banner

حكم رشيد لشعب تليد

عمر احمد
جو 24 : تستمد أنظمة الحكم شرعيتها من صناديق الاقتراع سواء انتخبت بطريقة شفافة ونزيهة كما يحدث في الدول الديمقراطية أو عن طريق تزوير ارادة الناخبين كما يحدث في الدول الديكتاتورية التي تجري الانتخابات من باب "رد العتب" لا غير. أما في الأردن فالحال مختلف فنظام الحكم الذي ملأ فراغ الخلافة بعد سقوط دولة آل عثمان بنى شرعيته على نقطة واحدة هي الانتساب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في دولة جل سكانها من المسلمين. قد يصلح النسب كنطقة انطلاق لنظام حكم جديد ولكنه لم يكن كافيا لاستمراريته المرتبطة منطقيا بأسلوب الحكم وطبيعة الممارسة وحجم الانجاز، وفي دولة مثل الأردن لا يتغير حاكمها إلا بالموت أو بعدم الأهلية وفقا لدستورها ليس أمام نظامها للحفاظ على شرعيته إلا طريق واحد هو الحكم الرشيد والعمل على تحقيق تطلعات الشعب وآماله باخلاص وتفان، وبغير ذلك يغامر النظام في استمرارية شرعيته وبالتالي انتهاء صلاحيته.

ما يحدث الآن من حراك اجتماعي يرتفع سقفه يوما بعد يوم يمثل بلا شك استفتاء على شرعية النظام وأهليته، وعلى صناع القرار أخذ هذا الحراك بالجدية التي يستحقها ليس من باب تنفيس الاحتقان وادارة الأزمة بل من باب تجديد شرعية النظام وضخ الدماء في عروقها من خلال تلبية الحد الأدنى من مطالب الشعب وحقوقه. ولكن النظام حتى الآن يبدو أنه بكل أسف لم يستوعب الفكرة وبدلا من الاستماع لصوت الشارع غير المسيّس والصادق والواضح والصريح والصارخ نجده يتحالف يائسا مع أرباب السياسة وخبرائها الذين يحسنون ركوب الأمواج وفرد أشرعتهم لرياح التغيير للحصول على مكتسبات ضيقة تتمثل في حدها الأعلى في الحصول على نزر يسير من كعكعة الحكم. ولكن الرهان سيكون خاسرا ولن تنعكس مسألة تغيير قانون الانتخاب وفوز المسيّسين بأغلبية مقاعد البرلمان الجديد على مطالب الحراك الذي سيكفر عندها بكل الساسة بمن فيهم أولئك الذين ظن لعقود أنهم في صفه، والنتيجية والحال كذلك لن تسفر إلا عن المزيد من التأزيم الذي قد يصل حد الثورة.

هل فات الوقت؟ لا. ما يحتاجه النظام الآن هو اصلاح خزان شرعيته التقليدية الذي ملأه الفاسدون والطارئون وهواة السياسة بالثقوب، ولن يمتلىء هذا الخزان مرة أخرى إلا بالاعتراف بفساد النهج وخطأ المسيرة. نعم.. فالشعب يريد محاسبة المسؤولين عن التفريط بالوطن ومقدراته وتفكيك مؤسساته وتقزيم رجالاته وضرب الحائط بكرامة الأردنيين وأسباب عيشهم وتدمير مستقبل أطفالهم. على النظام أن يضحي بكل الرؤوس حفاظا على نفسه ولن يجد من الأردنيين حينها إلا كل صفح ومغفرة فهم أهل لها، عندها ستطوى صفحة وتفتح أخرى عنوانها حكم رشيد لشعب تليد.

تابعو الأردن 24 على google news