أزمة حركة فتح .. أزمة القضية
ياسر الزعاترة
جو 24 : في أكثر من مدينة، هناك نشاط لشبان من حركة فتح في الانتفاضة الراهنة التي اندلعت منذ مطلع تشرين أول/ أكتوبر الماضي؛ جنبا إلى جنب مع إخوانهم من فصائل أخرى. وفي مواقع التواصل تعثر على حماسة لدى أولئك الشبان حيال قضيتهم ومعاناة شعبهم، ومقاومته أيضا.
حالة من التناقض يعيشها هؤلاء الشبان لا يمنع انفجارها سوى القبلية الحزبية التي تلملم شتات التنظيمات حين تضيع بوصلتها؛ طبعا بوجود منافس، وربما منافسين في الساحة السياسية.
نقول حالة من التناقض، لأن هؤلاء الشبان مضطرون للدفاع عن رئيسهم ورئيس حركتهم ورئيس المنظمة في آن، بينما يرون بأم أعينهم أنه ضد الانتفاضة وضد المقاومة، ومع التعاون الأمني مع العدو، ومع استمرار المراهنة على خيار يردد قادة آخرون بلا كلل ولا ملل أنه خيار عبثي، وهم أي أولئك الشبان يدركون تماما أنهكذلك، لا سيما أنهم يرون قائدا صهيوينا يرفض حتى تجميد الاستيطان في أراضي 67 مقابل استئناف المفاوضات، بينما يردد “قائدهم” بأنه يريد دولة كاملة السيادة على الأراضي لمحتلة عام 67، بما فيها القدس.
في ضوء ذلك يغدو أولئك الشبان، شاءوا أم أبوا شركاء في تكريس هذا التيه، لأنهم لم يأخذوا موقفا من هكذا قيادة، ويصرون على بيعتها، ولو كفوا في الجامعات وغير الجامعات عن الانحياز لهكذا برنامج، وقدموا استقالاتهم، لكان للقضية شأن آخر.
ألا يشعر هؤلاء بالأزمة، وهو يرون من يُحسبون على حركتهم يفاخرون بالتعاون الأمني، وهل يعتقدون أن البحث عن عيوب الفصائل الأخرى يعفيهم من المسؤولية؟!
إذا كانت تلك الفصائل بائسة برأيهم، فليس مطلوبا منهم الانحياز إليها، أو الانضمام لصفوفها. ما هو مطلوب منهم فقط هو ألا يكونوا شهود زور على هذا الذي يجري، ويصرونعلى أنه ينتمي لحركة تحرر، لم تعد في واقع الحال سوى حزب سلطة تحت الاحتلال يستفيد منها بعض المنتفعين.
نتحدث بالطبع عن جحافل من الشبان الذي يشعرون بالأزمة بالفعل، وينحازون نفسيا، وربما عمليا إلى خيارات شعبهم، لكن الأسوأ هو أن تجد بعضا من أولئك، وهم لا يزالون شبانا يدافعون باستماتة عن خيارات قيادتهم، بل وينحتون لسلوكها المصطلحات، حتى ناقشني أحدهم منذ مدة، قائلا لي إن ما يفعله عباس هو “الإرهاب الدبلوماسي”، فقلت له: إذا كنت تدافع عن التعاون الأمني وتتبنى مصطلحا كهذا وأنت في أول العشرينات، فماذا سيكون حالك عندما تبلغ الأربعين أو الخمسين؟!
نتحدث عن فتح، لأن أزمتها هي أزمة القضية برمتها، والتيه الذي تعيشه هو تيه القضية، ولو كفت عن كونها حزب سلطة تحت الاحتلال، لتراجع الصراع بينها وبين حماس والآخرين، إذا لماذا نقتتل على وهمٍ، ولماذا تكون هناك انتخابات من الأصل؟ فلنحرر الأرض أولا. أليست هذه هي الأولوية الطبيعية لشعب يقع تحت الاحتلال؟
المصيبة بالطبع أن حماس وقعت في الفخ أيضا، وإن باجتهاد مخلص، حين شاركت في انتخابات هذه السلطة المصممة لخدمة الاحتلال، ثم حشرت نفسها في قطاع غزة بالحسم العسكري، وصارت أسيرة منطق السلطة واستحقاقاتها، رغم أنها خاضت معارك رائعة ومشرفة، وهو ما منح أولئك الشبان من فتح مادة لتبرير مسارهم، مع أنه ليس مبرَرا بطبيعة الحال، فأخطاء الآخرين لا تبرر أخطاءك، فضلا عن خطاياك.
نحن إزاء فرصة تاريخية لإخراج القضية من التيه الراهن، وهذه الانتفاضة الباسلة بحاجة إلى وقوف جميع المخلصين في صفها، ورفض أية مراهنات وصفقات تعمل على وقفها. فليتوحد الجميع في هذا الميدان، كما توحدوا من قبل في انتفاضة الأقصى، ولكن وفق بوصلة واضحة لا تراهن إلا على المقاومة.
(الدستور)
حالة من التناقض يعيشها هؤلاء الشبان لا يمنع انفجارها سوى القبلية الحزبية التي تلملم شتات التنظيمات حين تضيع بوصلتها؛ طبعا بوجود منافس، وربما منافسين في الساحة السياسية.
نقول حالة من التناقض، لأن هؤلاء الشبان مضطرون للدفاع عن رئيسهم ورئيس حركتهم ورئيس المنظمة في آن، بينما يرون بأم أعينهم أنه ضد الانتفاضة وضد المقاومة، ومع التعاون الأمني مع العدو، ومع استمرار المراهنة على خيار يردد قادة آخرون بلا كلل ولا ملل أنه خيار عبثي، وهم أي أولئك الشبان يدركون تماما أنهكذلك، لا سيما أنهم يرون قائدا صهيوينا يرفض حتى تجميد الاستيطان في أراضي 67 مقابل استئناف المفاوضات، بينما يردد “قائدهم” بأنه يريد دولة كاملة السيادة على الأراضي لمحتلة عام 67، بما فيها القدس.
في ضوء ذلك يغدو أولئك الشبان، شاءوا أم أبوا شركاء في تكريس هذا التيه، لأنهم لم يأخذوا موقفا من هكذا قيادة، ويصرون على بيعتها، ولو كفوا في الجامعات وغير الجامعات عن الانحياز لهكذا برنامج، وقدموا استقالاتهم، لكان للقضية شأن آخر.
ألا يشعر هؤلاء بالأزمة، وهو يرون من يُحسبون على حركتهم يفاخرون بالتعاون الأمني، وهل يعتقدون أن البحث عن عيوب الفصائل الأخرى يعفيهم من المسؤولية؟!
إذا كانت تلك الفصائل بائسة برأيهم، فليس مطلوبا منهم الانحياز إليها، أو الانضمام لصفوفها. ما هو مطلوب منهم فقط هو ألا يكونوا شهود زور على هذا الذي يجري، ويصرونعلى أنه ينتمي لحركة تحرر، لم تعد في واقع الحال سوى حزب سلطة تحت الاحتلال يستفيد منها بعض المنتفعين.
نتحدث بالطبع عن جحافل من الشبان الذي يشعرون بالأزمة بالفعل، وينحازون نفسيا، وربما عمليا إلى خيارات شعبهم، لكن الأسوأ هو أن تجد بعضا من أولئك، وهم لا يزالون شبانا يدافعون باستماتة عن خيارات قيادتهم، بل وينحتون لسلوكها المصطلحات، حتى ناقشني أحدهم منذ مدة، قائلا لي إن ما يفعله عباس هو “الإرهاب الدبلوماسي”، فقلت له: إذا كنت تدافع عن التعاون الأمني وتتبنى مصطلحا كهذا وأنت في أول العشرينات، فماذا سيكون حالك عندما تبلغ الأربعين أو الخمسين؟!
نتحدث عن فتح، لأن أزمتها هي أزمة القضية برمتها، والتيه الذي تعيشه هو تيه القضية، ولو كفت عن كونها حزب سلطة تحت الاحتلال، لتراجع الصراع بينها وبين حماس والآخرين، إذا لماذا نقتتل على وهمٍ، ولماذا تكون هناك انتخابات من الأصل؟ فلنحرر الأرض أولا. أليست هذه هي الأولوية الطبيعية لشعب يقع تحت الاحتلال؟
المصيبة بالطبع أن حماس وقعت في الفخ أيضا، وإن باجتهاد مخلص، حين شاركت في انتخابات هذه السلطة المصممة لخدمة الاحتلال، ثم حشرت نفسها في قطاع غزة بالحسم العسكري، وصارت أسيرة منطق السلطة واستحقاقاتها، رغم أنها خاضت معارك رائعة ومشرفة، وهو ما منح أولئك الشبان من فتح مادة لتبرير مسارهم، مع أنه ليس مبرَرا بطبيعة الحال، فأخطاء الآخرين لا تبرر أخطاءك، فضلا عن خطاياك.
نحن إزاء فرصة تاريخية لإخراج القضية من التيه الراهن، وهذه الانتفاضة الباسلة بحاجة إلى وقوف جميع المخلصين في صفها، ورفض أية مراهنات وصفقات تعمل على وقفها. فليتوحد الجميع في هذا الميدان، كما توحدوا من قبل في انتفاضة الأقصى، ولكن وفق بوصلة واضحة لا تراهن إلا على المقاومة.
(الدستور)