jo24_banner
jo24_banner

خيمة اعتصام الصحفيين

نضال منصور
جو 24 : لو كان الصحفيون موحدين لما تجرأت الحكومة والبرلمان على إقرار قانون للمطبوعات والنشر يعيدنا عقوداً للوراء، ويعصف بحرية التعبير والإعلام والإنترنت في الأردن.
لو كانت نقابة الصحفيين قوية، ويدا واحدة في الدفاع عن حرية الإعلام، لما ظل الصحفيون الإلكترونيون وحدهم في خيمتهم منذ أكثر من 12 يوماً يواجهون القانون ويتصدون له، في حين تدافع النقابة باستحياء عن اتهامات حكومية لها بأنها متواطئة وموافقة على هذا القانون، والأدهى والأخطر أنها قدمت مشروع قانون جديدا للنقابة يعطي شرعية لقانون المطبوعات والنشر المعدل
بعد أيام من إقراره.
لو كانت نقابة الصحفيين جادة في مواجهة قانون المطبوعات، وتعتبره خطيراً على الحريات، لحشدت أعضاء الهيئة العامة لرفضه، ولأمرت أعضاءها بالتوقف عن العمل احتجاجاً، ولضغطت على الصحف اليومية والإذاعات والتلفزة أن يتضامنوا بالحد الأدنى مع الصحفيين الإلكترونيين.
ولكن لا حياة لمن تنادي، ومنذ أن قررت المواقع الإلكترونية نصب خيمة الاعتصام احتجاجاً، وأنا أتصل بالإعلاميين لأستفسر عن غيابهم، وللأسف هناك صحفيون يعتبرون ما حدث أمرا لا يعنيهم، ولا يعبأون بكل كلام الحريات، وآخرون يتشفون بالصحافة الإلكترونية ويحرضون الحكومة على المضي بتأديبها، لأنها أساءت وخرجت عن النص، وبعضهم يردد شعارات ضرورة التنظيم ورفض الفوضى الإلكترونية، دون إدراك حقيقي للفرق بين التنظيم وفرض القيود والتأديب والتدجين.
واقع الحال يقول بأن الجسم الإعلامي ممزق، ومخترق، ولا توجد لديه مفاهيم موحدة حول الحريات الصحفية، والأنكى أن قضية الحريات كمبدأ قابلة للتفاوض والمفاصلة والتخلي عنها عند البعض في لمح البصر.
خيمة اعتصام الصحفيين احتجاجاً على قانون المطبوعات ما تزال صامدة رغم كل الضغوط، وما تزال تستقطب القوى المجتمعية أحزاباً ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني وحراكات شعبية ترى أن استهداف الحرية الإعلامية استهداف للديمقراطية والإصلاح، وأن خنق الإعلام الإلكتروني عبر القيود التشريعية، يعني التعمية على الحراك الشعبي الذي يعمل للتغيير.
التحدي الذي يواجه خيمة اعتصام الصحفيين وهم يدخلون أسبوعهم الثالث؛ كيف يجعلون من قضية التصدي لقانون المطبوعات مسؤولية كل أردني، كيف يحولون قصة حرية الإعلام الإلكتروني إلى قصة الناس وحريتهم، ماذا يعملون ليضمنوا أن لا يتركهم الشارع وحدهم، وهم من تبنوا قضايا الجميع؟!.
أكثر من ذلك كيف يضخون دماً جديداً في خيمتهم، كيف تصبح قيادة هذا الاحتجاج ليست حكراً على الصحفيين، وما هو البرنامج التصعيدي الذي سيقدمونه للضغط على الحكومة حتى تشعر وتدرك أن هذا القانون لن يبقى؟!.
ماذا سيقول المحتجون في خيمتهم للعالم الغائب عنهم، إما بسبب الوضع العالق في سورية، أو بسبب الانشغال بالانتخابات الأميركية، أو لتداعيات الفيلم المسيء للرسول، وكيف سيعيدون استقطابهم لنصرة موقفهم، والضغط على حكومتنا للتراجع عن هذا القانون المعادي للحريات عالمياً وليس أردنياً فقط؟!.
مهمة خيمة اعتصام الصحفيين ليست سهلة، وطريقهم طويل، وإذا أرادوا أن ينجحوا فعليهم أن يتحلوا بالصبر والشجاعة، والقدرة على احتواء الآخرين حتى خصومهم، والتوحد والقدرة على التجديد والابتكار للبقاء في دائرة الحدث!.
فائدة خيمة الصحفيين لا تنحصر في أنها الخط الأخير لمواجهة قانون المطبوعات العرفي، بل أنها أسقطت أوراق التوت، وكشفت من يضعون أقنعة الحرية على وجوههم، وإن كان من حكمة تروى لمن لا يلتفت لمعارك الحريات، نقول "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"!."الغد"
تابعو الأردن 24 على google news