jo24_banner
jo24_banner

حول التقرير البريطاني عن الإخوان

ياسر الزعاترة
جو 24 : أخيرا صدر التقرير البريطاني المتعلق بمراجعة فكر الإخوان، وكانت النتيجة منزلة بين المنزلتين، فلا هي التي توقعها أو أملها الإخوان بسبب التراث البريطاني في إعلاء شأن التعددية واستقلالية القضاء بعيدا عن التجاذبات السياسية، ولا هي النتيجة التي أرادها من تولوا كبر الضغط على بريطانيا والتلويح لها بالعلاقات الاقتصادية، والتي كان هدفها إدانة واضحة للإخوان بوصفهم حركة إرهابية، تماما كما حصل مع قوائم صدرت من بعض الدول في حق الجماعة أو عدد من المنظمات ذات الصلة بها بهذا القدر أو ذاك، وبعضها ليس كذلك أيضا.
والحال أن النتيجة التي توصل إليها التقرير لا تنتمي إلى المنطق بصلة، وهي التي لخصها محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة الغارديان (إيان بلاك) بالتالي: “العضوية أو الارتباط مع؛ أو التأثر بالإخوان المسلمين يجب أن تكون إشارة للتطرف”، أو كما ورد في التقرير، أنها “جماعة غامضة بشكل مقصود وسرية”، و”العلاقة الغامضة لها مع العنف المتطرف”.
ما تقوله السيرة الذاتية للعنف المسلح في العقود الثلاثة الماضية هو أنه كان سلفي الفكر، ولا صلة له بالإخوان، أما القول بأن الانتماء للإخوان يمثل “إشارة على التطرف”، فهو أكثر سخفا، ذلك أن من يمرون على الجماعة غالبا ما يصبحون أكثر عقلانية، ربما من اللازم في بعض الأحيان، ونادرا ما حدث أن ذهب بعضهم إلى جماعات تتبنى العمل المسلح، والحالة السورية بطبيعة الحال استثنائية، لأن كثيرين حملوا السلاح مضطرون، وكثير منهم لم يكونوا مؤدلجين أصلا.
من هنا يمكن القول إن الانتماء للإخوان، بشهادة الجماعات الإسلامية التي تتبنى السلاح (في معرض الهجاء طبعا)، وفي مقدمتها تنظيم الدولة يمنع الشباب من اللجوء لهذا الخيار وليس العكس. ولو كان ما ذكره التقرير صحيحا، لكانت الساحة المصرية الآن لهيبا من العنف المسلح بعدما واجهه الإخوان من قمع دموي. صحيح أن هناك شبان ربما مالوا إلى بعض أشكال العنف أو ذهبوا إلى تنظيم الدولة، لكن هؤلاء لم يكونوا سوى عشرات في أعلى التقديرات.
إن تراث الإخوان منذ أحداث مطلع الثمانينات في الصدام مع النظام السوري لم يعد يسمح بالعمل المسلح، وصار موقفهم منه حديا، ربما على نحو مرضي في بعض الأحيان، من دون أن نتجاهل تأثيرات الصدام مع نظام عبد الناصر، وتراث التنظيم السري في تلك الأثناء.
كل ذلك ليس خافيا على أحد، ومن يعرفون أبجديات الوضع الإسلامي يعرفون ذلك تماما، لكن من صاغوا التقرير وأجّلوا إعلانه مرارا لم يكونوا يريدون الحقيقة، بقدر ما كانوا يستجيبون للضغوط، وإن لم يستجيبوا لها تماما، وهم لم يكونوا ليفعلوا بطبيعة الحال، لأن القوة الناعمة البريطانية ليست مسألة هامشية، بل مسألة أمن قومي، وتتمثل في أنه بلد حر لا يخضع للضغوط، والقضاء فيه مستقل تماما، ويمكن لأي سياسي من أي لون أن يجد فيه ملاذا.
الأرجح أن التقرير لن ينبني عليه شيء يذكر من ناحية التعامل مع الإخوان في الداخل أو الخارج، أقله في القريب، لكن المشكلة أن من وجدوا ثمرة لضغوطهم في إخراج التقرير، لن يكفوا عن المضي في برنامج الضغط من أجل تغيير التعامل أيضا، وهو ما ينبغي أن يُرد عليه بالعمل القانوني في بريطانيا، وبالعمل الشعبي من خلال الجالية المسلمة هناك. أما احتفال البعض في مصر بالتقرير، فهو لا يعدو أن يكون ممارسة رخيصة من أناس هم أكثر من يعرفون حقيقة الإخوان ورفضهن للعنف.. ولكن!!


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير