ثروات حمزة منصور وزكي بني ارشيد
وزعت في المسجد الحسيني مناشير تتحدث عن ثروات معارضين منهم حمزة منصور وزكي بني ارشيد. ومع أنها جاءت في ظل أجواء الاستقطاب حول مسيرة الخمسين ألفا وما يرافقها من تشهير وتشويه، إلا أنها تطرح فكرة ممتازة على الحكومة والمعارضة. فالمشتغل في العمل العام، سواء كان حاكما أم معارضا هو شخصية عامة. والمعارضة في الديمقراطيات هي حكومة ظل. وفي بلادنا شهدنا نوابا يرفعون صوتهم لرفع سعرهم فقط، وحققوا ثروات تفوق ما حققوه في أثناء العمل الوزاري.
في العام 2007 اتهمت حكومة معروف البخيت جمعية المركز الإسلامي بالفساد ودمرت الجمعية وأحالتها للقضاء، وإلى اليوم ننتظر إدانة الفاسدين الذين حققوا ثروات من وراء العمل الخيري.
ومنهم المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين همام سعيد. لكن للأسف بدا واضحا أن القضية ليست، كما أثبتت هيومان رايتس ووتش، أكثر من صراع سياسي مع الجماعة، ولم يدن سعيد ولا غيره، على قادة المعارضة وليس الحركة الإسلامية فقط، أن يبادروا إلى إشهار ذممهم في مؤتمر صحفي. وليطالبوا بتوسيع مظلة إشهار الذمة إلى كل مشتغل في العمل العام، أحزابا ونوابا وجمعيات وصحافة أيضا. وكنت قد طالبت نقابة الصحفيين بذلك من قبل يوم نشرت حكاية قوائم الدفع للصحفيين. إن قضية الإصلاح الأولى هي محاربة الفساد. ولا يمكن أن يحارب الفساد بشكل انتقائي، بل يحارب عندما تكون الشفافية هي القاعدة في الأمور المالية. وكل شخص نظيف قادر أن يجيب بلا تلعثم على سؤال: من أين لك هذا؟ على مستوى شخصي أعرف قادة الحركة الإسلامية عن قرب، وجلهم في أدنى الطبقة الوسطى أو دونها. باستثناء قلة قليلة ورثت عن آبائها أو انخرطت في قطاع الأعمال. والسمة العامة لها النزاهة والصلاح، وهذا لا يمنع وجود فاسدين فيها.
وفي أوساط الصحافة يعرف وسطنا بعضه بعضا بشكل تفصيلي، ولا يجوز أن تترك الاتهامات مرسلة دون تحقيق. توجد مؤسسات تؤمّن أقصى درجات الشفافية لمن يريد، في دائرة الأراضي تستطيع أن تعرف مصدر كل متر أرض، وفي ضريبة الدخل تستطيع أن تحدد دخل أي شخص أو مؤسسة، وفي الضمان الاجتماعي كذلك. لو فعّلنا مبدأ الشفافية سنحار كيف يبني أحدهم عمارة بنحو مليون دينار ولا يدفع ضريبة دخل على راتبه. وهذا ينطبق على الموالين والمعارضين. فالمشكلة ليست في الثراء، بل في الثراء غير المشروع. لا استثناء لأحد من الشفافية؛ رؤساء حكومات وديوان ومسؤولين عسكريين وأمنيين ووزراء ومديرين عامين ومحافظين. وكذلك النواب والأعيان وقادة الأحزاب والعاملين في العمل الخيري والمجتمع المدني والنقابي. وفوق ذلك كله الشركات، فالذين يختلسون أموال المساهمين أو يبددونها مجرمون مثل من يسرقون حبة العلكة في المول!
هذا هو الإصلاح أولا، حماية المال العام. من حقنا أن نسأل حمزة منصور وهمام سعيد وزكي بني ارشيد ورحيل الغرايبة وغيرهم عن ثرواتهم، وعليهم أن يجيبوا، تماما كما أن من حقنا أن نسأل عن أموالنا في الضمان الاجتماعي، وكيف تعين إدارته، وهل يعقل لمن فشل في إدارة الشركات الخاصة أن يدير الأموال العامة؟ في العمل العام قد يتعرض الشخص للظلم والتشويه، لكن الحق أبلج، والأردن بلد صغير وليس من الصعب على الناس معرفة ثروات الناس ومصادرها.الغد