2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بعد قانون المطبوعات.. الشعب في مواجهة جديدة لنيل حقه في المعرفة

رانية الجعبري
جو 24 :

بذات درجة الغضب التي قوبلت بها التعديلات على قانون المطبوعات والنشر من قبل ناشطين وصحافيين وحقوقيين في الأردن، قابل الشباب التعديلات بالضحك والمزاح، ساخرين من رعونة التعديلات التي لم تتفهم بعد معنى العالم الافتراضي، لتشعرهم التعديلات وكأن المشرّع الأمني مستعد لفرض القيد في أي مكان لحماية سمعة ومصالح فئة معينة متنفذة في البلد.

مساحة خصبة للضحك والتندر

يتندر الشباب بأن عليهم البحث عن رؤساء تحرير لمدوناتهم وتسجيلها في دائرة المطبوعات، فتصريحات الناطق الاعلامي باسم الحكومة سميح المعايطة بأن المدونات والفيس بوك ليست في إطار التعديلات لم تخدعهم.

وفي هذا السياق يؤكد المحامي محمد قطيشات بأن كل التطمينات التي صدرت عن مسؤولين بأن القانون لن يمس المواقع الالكترونية ومحركات البحث العالمية المعروفة إنما يقع بين أمرين، فهو إما “غباء تشريعي” أو أنه رغبة من السياسي لفرض وجهة نظره بأي طريقة حتى لو تتطلب الأمر تبرير القانون.

مبينا أن العلة في تعريف المطبوعة الالكترونية الوارد في المادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر والتي تنص على أن الموقع الكتروني “هو الذي له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر، بما في ذلك الاخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات، ويختار التسجيل في سجل خاص ينشأ في الدائرة بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية”.

ووفقا لما سبق فإن التعريف العام يشمل جميع المواقع الالكترونية الموجودة على شبكة الانترنت وبغض النظر عن مصدرها ونوعها وشكلها ولغتها وفق القطيشات الذي بين أن هذا سيجعل من القائمين على عمل المواقع الالكترونية مثل الياهو والجوجل والفايس بوك واليوتيوب وغيرها من المواقع الالكترونية العالمية التي تقدم الاخبار والتقارير والتحققيات والمقالات وهي بالملايين وبغض النظر على لغتها مواقع الكترونية ملزمة بالترخيص في دائرة المطبوعات والنشر وهذا ما لن يحدث ولايمكن أن يطبق .

ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل يشرح المستشار القانوني محمد الحموري ما يتوجب على أي مواطن يمتلك صفحة على الفيس بوك، فيقول ساخرا في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الصحافي الذي عقدته تنسيقية المواقع الالكترونية لاعلان ائتلاف ضد تعديلات القانون “كل مواطن عليه أن يحتفظ بسجلات للتعليقات الواردة على كل ما يدرجه على صفحته لمدة ستة أشهر، وإلا سيتعرض للمساءلة القانونية”.

مما يفتح باب الضحك والتندر بالتعديلات على قانون المطبوعات “فأي تعليقات سنحتفظ بها؟ التعليقات على الأغاني العاطفية والوطنية والبوستات الشخصية”؟؟!!

تدمير لقيم “العالم الافتراضي”

الحرية التي يتصدى لها قانون المطبوعات هي من أبرز قيم العالم الافتراضي التي تحدث عنها الأساتذة لطلابهم، وهم يشرحون فكرة الانترنت قبل ما يزيد على الثلاثة عشر عاما، في حينها كان الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي ـــــ التي لا يستطيع بعضنا العيش بدونها اليوم ــــ ضربا من ضروب الخيال العلمي، في حينها استبشر كثيرون بفكرة “المواطن الصحافي”، وتحديدا عندما كانت الصورة الأشهر في العام 2005 هي الصورة الأولى لتفجيرات لندن التي التقطها مواطن من كاميرة موبايله.

إضافة لما سبق فقد لعبت الفيديوهات والتدوينات والصور حول ثورتي تونس ومصر دورا كبيرا في توثيق الثورتين بل وفي التحشيد الاعلامي لهما، في حين أصبحت الفضائيات الكبيرة تتزود بفيديوهات تم تداولها في الفضاء الالكتروني، وأمسى الفيس بوك واليوتيوب مصادر معلومات للفضائيات في كثير من الأحيان.

لذلك، فإن الخوف من سلطة هذه المواقع إلى جانب المواقع الاخبارية الاردنية على الانترنت صاحبة السقف العالي نسبيا، هو الذي دفع السلطة في الأردن للضغط وإقرار قانون المطبوعات في زمن قياسي “خمسة أيام”، وكأنها تسابق الزمن لافتراس ذلك الغول “العالم الافتراضي” المتأهب لفضح أية سياسات فساد أو حالات انتهاك حرية يصادفها “المواطن الصحافي” أو الصحافي الذي تمكن من التفلت من قيود الشرطي الذي يسكن كل صحافي بفعل الرقابة على الصحف اليومية والاعلام الرسمي.

لكن السؤال الأهم هل تطبيق هذا القانون ممكن في العالم الافتراضي؟

بمزيد من السخرية يجيب قطشيات “الموقع الالكتروني لا يمكن أن يكون له جنسية، فإذا أردنا تطبيق البنود على المواقع الاخبارية الأردنية، فكيف سنحددها؟ هل بمجرد تناولها للأخبار الأردنية؟ أم بمكان البث؟، إن جميع هذه الأسئلة التي عجز العلماء عن الاجابة عليها تمكن البعض في بلدنا من الاجابة عنها ببساطة”.

وأمام عقم الاجابة عن الأسئلة، يضيف بأن القانون لن يطبق بالعموم بل بالخصوص، بلغة أخرى فإن الموقع الذي لن يعجب السلطة سيتم إغلاقه بناء على قانون صِيْغَ فضفاضاً لغايات تكميم الأفواه.

نقابة مع وقف التنفيذ

في هذا السياق يتساءل كثيرون عن دور نقابة الصحافيين في محك حقيقي كهذا، لكن بدلا من قيامها بتحرك تصعيدي قامت النقابة بتعديل قانونها، ليسمح للعاملين في المواقع الالكترونية بالانضمام لنقابة الصحافيين، مما يعد مكملا لسياق قانون المطبوعات الذي يصارعه الاعلاميون ويرفضونه.

يعلق قطيشات “إن هذا يعطي مؤشرا بأن النقابة مسيطر عليها”، لكن هنا يشرح الزميل والعضو المستقيل من نقابة الصحافيين راكان السعايدة بأن هذا القانون تم سحبه من ديوان التشريع منذ مدة وعمل مجلس النقابة لتعديل بعض القضايا عليه.

لكن السعايدة المستقيل من مجلس النقابة حديثا بسبب التعديلات على قانون المطبوعات والنشر يصف مجلس النقابة الحالي بأنه مجلس غير متماسك وضعيف، ويفضل السعايدة ان يتم إطلاق رصاصة الرحمة عليه بانتظار مجلس نقابة قوي متماسك وأكثر صلابة في مواجهة الجهات الرسمية وغير الرسمية.

ويتحدث بالتفصيل عن رصاصة الرحمة التي يمكنها انهاء وجود مجلس النقابة “تنص المادة 40 من قانون النقابة على انه في حال وجود 4 استقالات من مجلس النقابة فإن المجلس يعد منحلا”، وإذا أحصينا الاستقالات فلقد استقال في وقت سابق الزميل المصور خليل مزرعاوي، كما استقال كل من راكان السعايدة وإخلاص القاضي بسبب تعديلات قانون المطبوعات.

ويضيف السعايدة بأن مجلس النقابة دعا الزملاء ماجد توبة وظاهر الضامن للانضمام للمجلس، وحتى الآن لم يستجب الزملاء، وعدم استجابتهم تعد مساوية للاستقالة، وترفع الغطاء عن المجلس الحالي، على أمل أن يأتي مجلس جديد أقوى من الحالي.


لكن وقبيل نشر العدد الحالي من راديكال بأيام قليلة استجاب الزميلين توبة والضامن لطلب المجلس والتحقا بالمجلس شريطة أن يتمكنا من تحقيق طموح الصحافيين المتمثل بتحسين الأوضاع المهنية والمعيشية للصحافيين، إلى جانب التأكيد على رفضهما لقانون المطبوعات “العرفي” على وحد وصف الزميلين في رسالة قاما بتوجيهها لنقيب واعضاء مجلس نقابة الصحافيين تضمن استجابتهما لدعوة المجلس لهما. إذن؛ فرصاصة الرحمة خابت هذه الجولة.

لكن السؤال الأهم، هل سيتمكن الجسد الصحافي الذي لا يخفي أبناؤه افتقاره للصحافيين المسيسيين من افراز مجلس نقابة في المستقبل أكثر تماسكا وقادر على مواجهة السلطة؟

مسألة لا تخص الصحافيين وحدهم

على الرغم من الدور المنوط بنقابة الصحافيين حيال القانون كونه يمس بالدرجة الأولى أبناء مهنة الصحافة، إلا أن هذا لا ينفي المسؤولية العامة على المجتمع، فإن ما تتم مصادرته هذه الأيام هو حق الناس بالمعرفة، الناس الذين ينهب الفساد قوت يومهم ومستقبل أبنائهم.

واليوم تسعى السلطة لتكميم الأفواه لحماية الفاسدين، ليظهر الفرق بين نظام يعمل لأجل صورته في الخارج ومصالحه الخاصة، وبين نظام سياسي يعمل لأجل شعبه، فالمهم أن لا تثار فضائح الفساد، أما علاجه فهو أمر غير مطروق اليوم، واليوم يقف الأردنيون أمام محك حقيقي، فهل سينتصرون لكرامتهم وحقهم في التعبير أم سينصتون لنصائح الآباء في الخنوع التي لم تزدهم إلا قهرا وسيصمتون حيال حقوقهم التي تصادر كل يوم؟

فعندما يصادر حقك في المعرفة والتعبير ما الذي يتبقى لك؟

يتحدث ناشط عن الوضع السياسي في البلد وحالة الأحكام العرفية غير المعلنة قائلا “ربما نتحدث بهذه الجرأة لأننا لسنا آباءً أو أمهات، لربما سنخشى الحديث في السياسة على الملأ في حال أصبحنا آباء في المستقبل؟”.

لكن السؤال “ألا ينشط الشباب في هذه الفترة لأجل أبناء المستقبل؟؟، ألا يسخط الشباب اليوم على صمت الآباء والأمهات وخوفهم؟، فمن دفع ويدفع ذلك الصمت هم الشباب الذين يجدون انفسهم محاصرين وغريبين في وطنهم.
(مجلة راديكال)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير