عن الموقف المصري من التصعيد بين السعودية وإيران
ياسر الزعاترة
جو 24 : عاد سؤال العلاقة المصرية السعودية إلى الواجهة، مع أنه لم يغب عمليا طيلة شهور.. عاد بعد أن أعلن مؤخرا عن رزمة المساعدات السعودية الجديدة لمصر، ثم أصبح مطروحا هذه الأيام بعد التصعيد في العلاقة السعودية مع إيران، إثر إعدام نمر النمر، وما تلاه من قطع للعلاقات؛ ليتركز في الأثناء على الموقف المصري من هذا التصعيد، ومن عموم الصراع مع مشروع التمدد الإيراني في المنطقة.
واقع الحال أن هناك مزاجا إعلاميا مصريا مناهضا للسعودية بين صفوف عدد من مؤيدي النظام، مقابل فريق آخر يمعن في الغزل، وهو ما دفع الرياض إلى التسامح مع الأصوات الإعلامية السعودية التي ترد على تلك الهجمة، بخاصة بعد أن شملت رموزا كبارا محسوبين على السلطة، بل يمثلون عقلها السياسي، كما هو الحال بالنسبة لمحمد حسنين هيكل.
أيا يكن الأمر فيما يتعلق بالأصوات الإعلامية، فالمؤكد أن هناك تباينا في الرأي بين الرياض والقاهرة فيما خصّ التعامل مع الملفات الشائكة في المنطقة، أعني ما يتعلق منها بالصراع مع المشروع الإيراني؛ من اليمن وحتى سوريا مرورا بالعراق ولبنان، ولا يبدو أن النظام المصري يريد قطع خطوط العلاقة مع إيران (العلاقة الرسمية ووجود السفير الذي سُحب منذ 27 عاما ليس هو المهم)، وهو يأمل بكل تأكيد في أن يطاله شيء من المكاسب الاقتصادية التي تترتب على اتفاق النووي، ربما لأنه يدرك أن السعودية لم تعد قادرة على مده بالكثير من الدعم بذات المستوى القديم؛ ليس فقط لأن نظامه قد استقر نسبيا، ولا خوف يذكر عليه، ولكن أيضا لأن كلفة الحرب في اليمن، وحتى في سوريا باتت تثقل الموازنة السعودية، لا سيما أن اليمن نزيف قد يطول، ومعه سوريا أيضا.
اللقاءات والزيارات الأخيرة؛ ومعها رزمة المساعدات، خرجت بتصريحات مهمة، لكن القول بأنها ستسهم في حلحلة المواقف بعيدا عن سياقها التقليدي منذ عام مضى، يبدو صعبا إلى حد ما، اللهم إلا إذا كان بوسع السعودية أن تقدم للنظام المصري بديلا اقتصاديا كاملا عن الابتعاد عن إيران، لكن المشهد قد ينطوي على تسوية ما تغير في بعض مفردات المواقف كما عكست ذلك التصريحات والتفاهمات المعلنة.
ليس من اليسير الجزم بالمآل القادم في العلاقة بين أطراف هذا المثلث، لكن المؤكد أن أية مواجهة مع المشروع الإيراني ستظل صعبة إلى حد ما إذا لم تدخل فيها مصر بثقلها.
الحق أن هناك من يعتقد بأننا سعداء بحدوث صراع بين نظام السيسي وبين المملكة، وبالطبع بسبب الموقف من النظام المذكور، لكن الأمر ليس كذلك في واقع الحال، فالسياسة لا تتوقف عند نقطة معينة، والانقلاب أصبح حقيقة واقعة، ومن الصعب الحديث عن سقوطه في القريب، ما يعني أن التفاهم على أدوات لمواجهة المشروع الإيراني بين الرياض والقاهرة سيكون في مصلحة الجميع، بما فيها إيران نفسها التي ستقصّر مدى نزيفها بدل أن تطيله؛ وهو ذاته نزيف المنطقة كلها دون شك.
إن موقف النظام المصري من المواجهة مع المشروع الإيراني يظل مهما إلى حد كبير، وحاله الراهن هو الذي يغري إيران بالغطرسة ويمنحها الأمل بالانتصار، مع أنه أمل كاذب، ولن يعني غير إطالة النزيف أكثر فأكثر، وفي حال شعر “محافظوها” أن مصر بثقلها ستنتقل إلى المربع الآخر إذا لم يقبلوا بتسوية شاملة لكل الملفات العالقة، فربما يغيرون رأيهم.
نعود إلى القول إنه لا شيء مؤكد، فالجنون الإيراني ما زال واضحا، لكن سؤال مصر ودورها وحضورها سيبقى بالغ الأهمية، وإذا ما كان هيكل وأمثاله يعبرون عن مزاج النظام، فهذا يعني أن الموقف لن يتغير، وتبعا لذلك ستطول المواجهة في عموم المنطقة، وسيدفع الجميع بما في ذلك إيران ثمنا أكبر بكثير مما دُفع لغاية الآن.
الدستور
واقع الحال أن هناك مزاجا إعلاميا مصريا مناهضا للسعودية بين صفوف عدد من مؤيدي النظام، مقابل فريق آخر يمعن في الغزل، وهو ما دفع الرياض إلى التسامح مع الأصوات الإعلامية السعودية التي ترد على تلك الهجمة، بخاصة بعد أن شملت رموزا كبارا محسوبين على السلطة، بل يمثلون عقلها السياسي، كما هو الحال بالنسبة لمحمد حسنين هيكل.
أيا يكن الأمر فيما يتعلق بالأصوات الإعلامية، فالمؤكد أن هناك تباينا في الرأي بين الرياض والقاهرة فيما خصّ التعامل مع الملفات الشائكة في المنطقة، أعني ما يتعلق منها بالصراع مع المشروع الإيراني؛ من اليمن وحتى سوريا مرورا بالعراق ولبنان، ولا يبدو أن النظام المصري يريد قطع خطوط العلاقة مع إيران (العلاقة الرسمية ووجود السفير الذي سُحب منذ 27 عاما ليس هو المهم)، وهو يأمل بكل تأكيد في أن يطاله شيء من المكاسب الاقتصادية التي تترتب على اتفاق النووي، ربما لأنه يدرك أن السعودية لم تعد قادرة على مده بالكثير من الدعم بذات المستوى القديم؛ ليس فقط لأن نظامه قد استقر نسبيا، ولا خوف يذكر عليه، ولكن أيضا لأن كلفة الحرب في اليمن، وحتى في سوريا باتت تثقل الموازنة السعودية، لا سيما أن اليمن نزيف قد يطول، ومعه سوريا أيضا.
اللقاءات والزيارات الأخيرة؛ ومعها رزمة المساعدات، خرجت بتصريحات مهمة، لكن القول بأنها ستسهم في حلحلة المواقف بعيدا عن سياقها التقليدي منذ عام مضى، يبدو صعبا إلى حد ما، اللهم إلا إذا كان بوسع السعودية أن تقدم للنظام المصري بديلا اقتصاديا كاملا عن الابتعاد عن إيران، لكن المشهد قد ينطوي على تسوية ما تغير في بعض مفردات المواقف كما عكست ذلك التصريحات والتفاهمات المعلنة.
ليس من اليسير الجزم بالمآل القادم في العلاقة بين أطراف هذا المثلث، لكن المؤكد أن أية مواجهة مع المشروع الإيراني ستظل صعبة إلى حد ما إذا لم تدخل فيها مصر بثقلها.
الحق أن هناك من يعتقد بأننا سعداء بحدوث صراع بين نظام السيسي وبين المملكة، وبالطبع بسبب الموقف من النظام المذكور، لكن الأمر ليس كذلك في واقع الحال، فالسياسة لا تتوقف عند نقطة معينة، والانقلاب أصبح حقيقة واقعة، ومن الصعب الحديث عن سقوطه في القريب، ما يعني أن التفاهم على أدوات لمواجهة المشروع الإيراني بين الرياض والقاهرة سيكون في مصلحة الجميع، بما فيها إيران نفسها التي ستقصّر مدى نزيفها بدل أن تطيله؛ وهو ذاته نزيف المنطقة كلها دون شك.
إن موقف النظام المصري من المواجهة مع المشروع الإيراني يظل مهما إلى حد كبير، وحاله الراهن هو الذي يغري إيران بالغطرسة ويمنحها الأمل بالانتصار، مع أنه أمل كاذب، ولن يعني غير إطالة النزيف أكثر فأكثر، وفي حال شعر “محافظوها” أن مصر بثقلها ستنتقل إلى المربع الآخر إذا لم يقبلوا بتسوية شاملة لكل الملفات العالقة، فربما يغيرون رأيهم.
نعود إلى القول إنه لا شيء مؤكد، فالجنون الإيراني ما زال واضحا، لكن سؤال مصر ودورها وحضورها سيبقى بالغ الأهمية، وإذا ما كان هيكل وأمثاله يعبرون عن مزاج النظام، فهذا يعني أن الموقف لن يتغير، وتبعا لذلك ستطول المواجهة في عموم المنطقة، وسيدفع الجميع بما في ذلك إيران ثمنا أكبر بكثير مما دُفع لغاية الآن.
الدستور