هل استنفدت المقاطعة غاياتها؟
د. رلى الحروب
جو 24 : بعد إعلان حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة، أغلق الباب في وجه أي تعديلات مطلوبة على قانون الانتخاب، وبات من المؤكد إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي، ثم تشكيل حكومة برلمانية، حسب تصريحات الملك عبد الله الثاني خلال الأشهر الماضية، أو " تنبثق عن البرلمان"، حسب التعبير الأكثر حداثة الذي استخدمه في خطابه في قمة "أسبا".
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن البرلمان القادم سيتشكل في ظل غياب تيار واسع مؤثر من القوى السياسية المعارضة المنظمة وغير المنظمة، الحزبية والمستقلة، غياب ليس فقط عن الترشح، بل عن التسجيل والانتخاب!
من إذن يترشح لهذا البرلمان الذي سيشكل حكومة ليحكم قبضته أو تأثيره على السلطتين التشريعية والتنفيذية؟
مع الأسف الشديد، فإن الأسماء التي تتواتر في الساحة حتى اللحظة، معظمها من اليمين السياسي المعادي قلبا وفكرا للإصلاح، رغم ادعائه عكس ذلك في تصريحاته، أما البقية الباقية فهم إما من هواة السياسة وطالبي النفوذ، أو من رجال الأعمال الذين يملكون مالا مكدسا كرسوا جزءا منه لشراء الأصوات، والوصول إلى القبة، إكمالا لمصالحهم الاقتصادية مع الدولة عبر بوابة البرلمان، أو بحثا عن نفوذ سياسي، بعدما أصبحت القوة المالية وحدها غير كافية لهم.
الأخطر من هؤلاء، تلك الفئة التي تتشكل بإيعاز ودعم من عدد من رموز الفساد في الأردن، وبدأت بعض أسمائهم بالتسرب إلى وسائل الإعلام، إن يكن على مستوى الدوائر أو حتى قوائم الوطن!
إلى أين يقودنا ذلك؟
برلمان أغلبية نوابه من قوى اليمين السياسي المتحالفة مع قوى الفساد والإفساد، ورجال الأعمال الذين لم يصعدوا إلى القبة لغايات إنقاذ الوطن، بل خدمة لمصالحهم، مع بعض اليساريين والحزبيين الذين لا يسمن وجودهم ولا يغني من جوع، خاصة وأن بعضهم قد أصابه عمى الألوان، ولم يعد يفرق بين الصح والخطأ في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة.
هذا البرلمان سيشكل حكومة، أو يزكي حكومة تنبعث من منتسبي الأحزاب الفائزة ضمن قائمة الوطن، وأصدقاء وحلفاء النواب الأفراد، أو بعض النواب أنفسهم، إن ارتأى الملك أن تكون الحكومة "برلمانية" وليست "منبثقة عن البرلمان".
معنى ذلك أن البرلمان القادم والحكومة القادمة قد يعمران فترة زمنية طويلة، أقلها عامان، قياسا على عمر المجلسين الراحلين، خاصة في ظل المطالب الشعبية المتصاعدة بوجود حكومات مستقرة تضع خططا وتنفذها وتتابع تقييمها وتقويمها، وصولا إلى تنمية مستدامة، واستقرار في صنع السياسات، وهما الأمران اللذان افتقر إليهما الاقتصاد الأردني مؤخرا، جراء التقلب السريع في الحكومات، وسوء اختيار رموز تلك الحكومات وشخوصها في كثير من الحالات.
أمام هذه الحكومة " البرلمانية" أو "المنبثقة عن البرلمان" تبقى قوى المعارضة الرئيسة خارج المعادلة السياسية، وفي الشارع، فإلام يقودنا هذا؟
يقودنا إلى لحظة صدام حتمية بين الفريقين، ولكن، هذه المرة، سيجد الفريق المدافع عن الفساد وعن تجميد الإصلاحات وإبقاء الأمور في جوهرها على ما هي عليه، ذرائع أقوى يتذرع بها أمام الفريق المطالب بحل البرلمان ورحيل الحكومة، لأن الحكومة هذه المرة تأتي بتفويض شعبي، وليس تعيين ملكي فحسب، ومن ثم، فإن الطعن في شرعيتها أو شرعية البرلمان، خاصة إن لم تضبط حالات تزوير فاضحة، سيضحي أشبه بإعلان حرب على الدولة والسلطتين التنفيذية والتشريعية اللتين وصلتا عبر صناديق الاقتراع، بغض النظر عن نسب المقترعين.
هذا هو السيناريو الأكثر إلحاحا، أمامه سيناريو آخر لا يقل سوءا، يتمثل في استيلاء برلمان معاد للإصلاح على زمام الأمور تشريعا وتنفيذا، وهو ما سيدخل الوطن والمواطنين في دوامة جديدة من سوء الإدارة، ستزيد من مشاعر الغضب الشعبي التي تتفاقم يوما بعد يوم، وتقودنا في نهاية المطاف إلى أمور لا تحمد عقباها، تبدأ بالتخلي عن البقية الباقية من ثروات الوطن، وتنتهي بقبول حلول سياسية واقتصادية كارثية على مستقبل الأردن ومصير الأردنيين.
وإن كان مجلسا النواب الخامس عشر والسادس عشر قد سترا على الفساد وحميا المفسدين، فإن مجلس النواب السابع عشر سيحول الفساد إلى مؤسسة، ويشرع له قانونا، بل وينظر له، ويمهد له الطرق الوعرة، ويزيل العوائق، في ظل وحدة الحال بين الحكومة والبرلمان الخالي من قوى الإصلاح.
ما هو الحل؟
على قوى المعارضة السياسية المنظمة وغير المنظمة، إعادة النظر في قرار المقاطعة، بعدما استنفد غاياته، فالملك قد سد الطريق على أي حلول خارج البرلمان، وأعلن أن التغيير يأتي من البرلمان وحده، وفي ظل المشهد الراهن، فإن البرلمان القادم سيكون أسوأ من الاثنين الذين سبقاه، في مرحلة لا تحتمل المغامرات، فالكثير الكثير موضوع على النار.
الحكم الديموقراطي هو نظام يقوم على المشاركة، والمقاطعة السياسية لدى بعض قوى المعارضة ليست هدفا أو غاية، بل وسيلة لتحسين ظروف المشاركة، وحين تصل المعركة إلى أفق مسدود، فإن من الحكمة بمكان إعادة النظر في أدوات الفعل السياسي، وقراءة متأنية تخبرنا أن الخاسر الأكبر من المقاطعة اليوم، هو الوطن أولا، وقوى المعارضة ثانيا، والكاسب الأكبر هو منظومة الفساد والإفساد، التي ستسرح وتمرح، وتصول وتجول، في برلمان وحكومة ضامنين متضامنين، فهل هذا هو ما نريده، وهل يمكن أن نقبل بمثل هذه النتائج؟!
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن البرلمان القادم سيتشكل في ظل غياب تيار واسع مؤثر من القوى السياسية المعارضة المنظمة وغير المنظمة، الحزبية والمستقلة، غياب ليس فقط عن الترشح، بل عن التسجيل والانتخاب!
من إذن يترشح لهذا البرلمان الذي سيشكل حكومة ليحكم قبضته أو تأثيره على السلطتين التشريعية والتنفيذية؟
مع الأسف الشديد، فإن الأسماء التي تتواتر في الساحة حتى اللحظة، معظمها من اليمين السياسي المعادي قلبا وفكرا للإصلاح، رغم ادعائه عكس ذلك في تصريحاته، أما البقية الباقية فهم إما من هواة السياسة وطالبي النفوذ، أو من رجال الأعمال الذين يملكون مالا مكدسا كرسوا جزءا منه لشراء الأصوات، والوصول إلى القبة، إكمالا لمصالحهم الاقتصادية مع الدولة عبر بوابة البرلمان، أو بحثا عن نفوذ سياسي، بعدما أصبحت القوة المالية وحدها غير كافية لهم.
الأخطر من هؤلاء، تلك الفئة التي تتشكل بإيعاز ودعم من عدد من رموز الفساد في الأردن، وبدأت بعض أسمائهم بالتسرب إلى وسائل الإعلام، إن يكن على مستوى الدوائر أو حتى قوائم الوطن!
إلى أين يقودنا ذلك؟
برلمان أغلبية نوابه من قوى اليمين السياسي المتحالفة مع قوى الفساد والإفساد، ورجال الأعمال الذين لم يصعدوا إلى القبة لغايات إنقاذ الوطن، بل خدمة لمصالحهم، مع بعض اليساريين والحزبيين الذين لا يسمن وجودهم ولا يغني من جوع، خاصة وأن بعضهم قد أصابه عمى الألوان، ولم يعد يفرق بين الصح والخطأ في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة.
هذا البرلمان سيشكل حكومة، أو يزكي حكومة تنبعث من منتسبي الأحزاب الفائزة ضمن قائمة الوطن، وأصدقاء وحلفاء النواب الأفراد، أو بعض النواب أنفسهم، إن ارتأى الملك أن تكون الحكومة "برلمانية" وليست "منبثقة عن البرلمان".
معنى ذلك أن البرلمان القادم والحكومة القادمة قد يعمران فترة زمنية طويلة، أقلها عامان، قياسا على عمر المجلسين الراحلين، خاصة في ظل المطالب الشعبية المتصاعدة بوجود حكومات مستقرة تضع خططا وتنفذها وتتابع تقييمها وتقويمها، وصولا إلى تنمية مستدامة، واستقرار في صنع السياسات، وهما الأمران اللذان افتقر إليهما الاقتصاد الأردني مؤخرا، جراء التقلب السريع في الحكومات، وسوء اختيار رموز تلك الحكومات وشخوصها في كثير من الحالات.
أمام هذه الحكومة " البرلمانية" أو "المنبثقة عن البرلمان" تبقى قوى المعارضة الرئيسة خارج المعادلة السياسية، وفي الشارع، فإلام يقودنا هذا؟
يقودنا إلى لحظة صدام حتمية بين الفريقين، ولكن، هذه المرة، سيجد الفريق المدافع عن الفساد وعن تجميد الإصلاحات وإبقاء الأمور في جوهرها على ما هي عليه، ذرائع أقوى يتذرع بها أمام الفريق المطالب بحل البرلمان ورحيل الحكومة، لأن الحكومة هذه المرة تأتي بتفويض شعبي، وليس تعيين ملكي فحسب، ومن ثم، فإن الطعن في شرعيتها أو شرعية البرلمان، خاصة إن لم تضبط حالات تزوير فاضحة، سيضحي أشبه بإعلان حرب على الدولة والسلطتين التنفيذية والتشريعية اللتين وصلتا عبر صناديق الاقتراع، بغض النظر عن نسب المقترعين.
هذا هو السيناريو الأكثر إلحاحا، أمامه سيناريو آخر لا يقل سوءا، يتمثل في استيلاء برلمان معاد للإصلاح على زمام الأمور تشريعا وتنفيذا، وهو ما سيدخل الوطن والمواطنين في دوامة جديدة من سوء الإدارة، ستزيد من مشاعر الغضب الشعبي التي تتفاقم يوما بعد يوم، وتقودنا في نهاية المطاف إلى أمور لا تحمد عقباها، تبدأ بالتخلي عن البقية الباقية من ثروات الوطن، وتنتهي بقبول حلول سياسية واقتصادية كارثية على مستقبل الأردن ومصير الأردنيين.
وإن كان مجلسا النواب الخامس عشر والسادس عشر قد سترا على الفساد وحميا المفسدين، فإن مجلس النواب السابع عشر سيحول الفساد إلى مؤسسة، ويشرع له قانونا، بل وينظر له، ويمهد له الطرق الوعرة، ويزيل العوائق، في ظل وحدة الحال بين الحكومة والبرلمان الخالي من قوى الإصلاح.
ما هو الحل؟
على قوى المعارضة السياسية المنظمة وغير المنظمة، إعادة النظر في قرار المقاطعة، بعدما استنفد غاياته، فالملك قد سد الطريق على أي حلول خارج البرلمان، وأعلن أن التغيير يأتي من البرلمان وحده، وفي ظل المشهد الراهن، فإن البرلمان القادم سيكون أسوأ من الاثنين الذين سبقاه، في مرحلة لا تحتمل المغامرات، فالكثير الكثير موضوع على النار.
الحكم الديموقراطي هو نظام يقوم على المشاركة، والمقاطعة السياسية لدى بعض قوى المعارضة ليست هدفا أو غاية، بل وسيلة لتحسين ظروف المشاركة، وحين تصل المعركة إلى أفق مسدود، فإن من الحكمة بمكان إعادة النظر في أدوات الفعل السياسي، وقراءة متأنية تخبرنا أن الخاسر الأكبر من المقاطعة اليوم، هو الوطن أولا، وقوى المعارضة ثانيا، والكاسب الأكبر هو منظومة الفساد والإفساد، التي ستسرح وتمرح، وتصول وتجول، في برلمان وحكومة ضامنين متضامنين، فهل هذا هو ما نريده، وهل يمكن أن نقبل بمثل هذه النتائج؟!