يوم وداع الرزاز لكثير الغلبة
د. عودة ابو درويش
جو 24 : لن ادع اليوم الذي نتذكّر فيه مؤنس الرزّاز يمر , لن ادع كثير الغلبة يغلبني , وينسيني ان اتذكر كاتب كبير انجبته الاردن , لتمر الايام من دون ان نقرأ له ونقرأ فيه انفسنا , فلا الكتّاب بعدك يا رزاز انجزوا مشروعك الذي كنت تفكّر فيه , ولا ما كتبوا عبّر عمّا أردت , اليوم ذكراك فعسى ان يسعفنا الوقت , كي لا ننسى ما أفنيت حياتك لأجله , لأنك عندما كتبت لنا , اردت ان تفسح لنا الطريق الى اليقظة , وان لا نغفل عن انفسنا لحظة , كي لا يسبقنا الاخرين الى زمن نكون اعجز ما نكون عن الوصول الية , او ان نصل اليه عندما يغادره الآخرون .
لا اعرف عن رحلة حياتك الاّ ما قلته وكتبته انت , وما كتبه عنك الآخرين ومع ذلك وفي كل ما كتبت , كل ما وصفت وابدعت , كأنك تصف حياتنا , وتصف لنا أحوالنا أو كأننا نقف امامك , نسرد عليك قصصنا مع حاراتنا , شوارعنا , أزقتنا , كي تمسك قلمك , تفكّر قليلا , وتبدأ كتابة قصّتنا مع انفسنا , لكن بعبقريّة ما كنّا نستطيع ان نفهمها , لولا اننا كنّا نعرف انك تكتب قصتنا .
عرفت متاهات الاعراب , ولم تكن عاجزا عن صبر غورها , تريد ان تضع لهم لحنا يعبّر عمّا فيك تجاه ما يعانون , كي يختبروا جرأتهم في معرفة ما فيهم ليعالجوه , فمن اين لك هذه الجرأة , وكيف تستطيع أن تعلن لمن لا يحب ان يعلن عما فيه , وان تدلّه على الطريق الى اعماق نفسه , بقصّه او لوحة معبّرة , كنت قد اويت الى فراشك قبل ان ترسمها , ثم نهضت كالمفزوع لترسمها , خوفا من ان تضيع الفكرة , لتعبّر عن ما رأيت في منامك , لمن يريد ان يعرف ما يراه في منامه دون ان يفهمه .
جبل اللويبدة الحزين على فراقك , والذي قضيت فيه اروع سنين عمرك , ما يزال حزينا , لأنه افتقد دفأ خطواتك وانت تعبر شوارعه الى مقعدك في مقهاك . مع انك لم تكن تغادره سوى لساعات تقضيها مع اصحابك , الاّ انه يظلّ ينتظر قدومك صابرا , لكنك عبرته في ذلك اليوم الحزين , لتوّدعه الوداع الأخير , وعدت باسم يحمله شارع كنت ان عبرته , فكّرت بقصة او رواية تكتبها للقراء اللذين يستمتعون بقصصك ويجتهدون في معرفة معانيها.
اعلم ان اسمك خالدا سيبقى , قصصك , لوحاتك , مقالاتك , كلّ ما انتجت عبقريتك ستبقى تعبر عن مبدع لا يمكن لأي كان ان ينساه , ومع اننا لغاية الان لم نستطع ان نجعل لك دارا تليق بأن تكون موئلا لآثارك الباقيات , ومع ان كثيرا من ابداعاتك اصبحت عالميّة , الاّ اننا , اقصد القادرين منّا , لم يفعلوا ما يجب كي يصل اسمك الى كل بقاع الدنيا , معلنة ان الاردن انجب عبقريا مبدعا في يوم من الايام اسمه مؤنس الرزاز .
******مؤنس منيف الرزاز، (1951-2002 م) روائي أردني ولد في مدينة السلط. الرزاز هو ابن المناضل الأردني منيف الرزاز الذي عاش في الأردن فترة من حياته. له عدد كبير من الروايات ونشرت أعماله الكاملة عام 2003 بعد وفاته. من رواياته , أحياء في البحر الميت , اعترافات كاتم صوت , وغيرها و له العديد من المقالات المنشورة في صحف عربية واسعة الانتشار. شغل منصب رئيس تحرير مجلة افكار الثقافية الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية حتى وفاته. توفي بتاريخ 8 شباط 2002.
لا اعرف عن رحلة حياتك الاّ ما قلته وكتبته انت , وما كتبه عنك الآخرين ومع ذلك وفي كل ما كتبت , كل ما وصفت وابدعت , كأنك تصف حياتنا , وتصف لنا أحوالنا أو كأننا نقف امامك , نسرد عليك قصصنا مع حاراتنا , شوارعنا , أزقتنا , كي تمسك قلمك , تفكّر قليلا , وتبدأ كتابة قصّتنا مع انفسنا , لكن بعبقريّة ما كنّا نستطيع ان نفهمها , لولا اننا كنّا نعرف انك تكتب قصتنا .
عرفت متاهات الاعراب , ولم تكن عاجزا عن صبر غورها , تريد ان تضع لهم لحنا يعبّر عمّا فيك تجاه ما يعانون , كي يختبروا جرأتهم في معرفة ما فيهم ليعالجوه , فمن اين لك هذه الجرأة , وكيف تستطيع أن تعلن لمن لا يحب ان يعلن عما فيه , وان تدلّه على الطريق الى اعماق نفسه , بقصّه او لوحة معبّرة , كنت قد اويت الى فراشك قبل ان ترسمها , ثم نهضت كالمفزوع لترسمها , خوفا من ان تضيع الفكرة , لتعبّر عن ما رأيت في منامك , لمن يريد ان يعرف ما يراه في منامه دون ان يفهمه .
جبل اللويبدة الحزين على فراقك , والذي قضيت فيه اروع سنين عمرك , ما يزال حزينا , لأنه افتقد دفأ خطواتك وانت تعبر شوارعه الى مقعدك في مقهاك . مع انك لم تكن تغادره سوى لساعات تقضيها مع اصحابك , الاّ انه يظلّ ينتظر قدومك صابرا , لكنك عبرته في ذلك اليوم الحزين , لتوّدعه الوداع الأخير , وعدت باسم يحمله شارع كنت ان عبرته , فكّرت بقصة او رواية تكتبها للقراء اللذين يستمتعون بقصصك ويجتهدون في معرفة معانيها.
اعلم ان اسمك خالدا سيبقى , قصصك , لوحاتك , مقالاتك , كلّ ما انتجت عبقريتك ستبقى تعبر عن مبدع لا يمكن لأي كان ان ينساه , ومع اننا لغاية الان لم نستطع ان نجعل لك دارا تليق بأن تكون موئلا لآثارك الباقيات , ومع ان كثيرا من ابداعاتك اصبحت عالميّة , الاّ اننا , اقصد القادرين منّا , لم يفعلوا ما يجب كي يصل اسمك الى كل بقاع الدنيا , معلنة ان الاردن انجب عبقريا مبدعا في يوم من الايام اسمه مؤنس الرزاز .
******مؤنس منيف الرزاز، (1951-2002 م) روائي أردني ولد في مدينة السلط. الرزاز هو ابن المناضل الأردني منيف الرزاز الذي عاش في الأردن فترة من حياته. له عدد كبير من الروايات ونشرت أعماله الكاملة عام 2003 بعد وفاته. من رواياته , أحياء في البحر الميت , اعترافات كاتم صوت , وغيرها و له العديد من المقالات المنشورة في صحف عربية واسعة الانتشار. شغل منصب رئيس تحرير مجلة افكار الثقافية الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية حتى وفاته. توفي بتاريخ 8 شباط 2002.