التآمر الأميركي على الشعب السوري
ياسر الزعاترة
جو 24 : طالما صدّع أدعياء الممانعة رؤوسنا بالتآمر الأميركي الصهيوني على بشار الأسد، مع أن الصورة كانت واضحة منذ البداية، ممثلة في أن المؤامرة كانت على ثورة الشعب السوري، تماما كما كان الموقف الأميركي الصهيوني مناهضا لربيع العرب، الذي سماه أولئك مؤامرة حين وصل نظامهم الحبيب في دمشق.
اليوم يبدو الوضع أكثر وضوحا، بل فضائحية في واقع الحال (دعك هنا من العناق الأميركي الإيراني في العراق)، وبالطبع بعد أن لم يعد بوسع الأمريكان أن يداهنوا أكثر من ذي قبل؛ هم الذين كانت سياستهم هي ذات السياسة الصهيونية فيما يتعلق بالصراع الذي منحهم الكيماوي السوري، ثم النووي الإيراني، وما سيتبعه من صفقات أيضا بعد رفع العقوبات، مع أملهم القائم بتغيير “ناعم” داخل إيران نفسها.
هناك صراع سافر بين الغالبية السنية في هذه المنطقة، وبين الأقلية التي تمثلها إيران، والتي تجد نصيرا من بعض الأقليات في المنطقة، وبات واضحا أن واشنطن قد اختارت الانحياز للتحالف الإيراني، وإن بقيت تفضل؛ كدولة إمبريالية استمرار الصراع بين الطرفين، لما يدره من مصالح وصفقات أسلحة على مصانعها واقتصادها.
في الأسابيع الأخيرة بدا الموقف سافرا في الوقوف إلى جانب الغزو الروسي لسوريا، فها هي صحيفة متعاطفة مع الحلف الإيراني مثل الإندبندنت البريطانية على سبيل المثال تقول بشكل واضح إن الولايات المتحدة “أصبحت تلعب لعبة رئيس النظام السوري بشار الأسد، عندما حاولت تخفيف حدة التصعيد، وقررت تخفيض الدعم عن المعارضة قبل بدء محادثات جنيف (لم يكن هناك دعم يُعتد به أصلا)، وضغطت على دول الخليج كي تخفض من عمليات الدعم العسكري، وهو ما عرض المعارضة للهجوم العسكري”.
أما وزير خارجية روسيا، فقال دون مواربة تعليقا على أحاديث التدخل التركي في سوريا “لا أظن أن التحالف الذي يقوده الأمريكيون وتنتمي إليه تركيا سيسمح بتنفيذ مثل هذه الخطط المتهورة”.
لا يغير ذلك في حقيقة أن الأمريكان لا يريدون نجاحا للروس في سوريا، لكن الحقيقة الأهم هي أنهم لا يريدون أي تهديد جدي للنظام، والأرجح أن جزءا من الصفقات مع إيران كانت تقتضي ذلك، فضلا عن بقاء المقاربة الأهم ممثلة في تشجيع استمرار الصراع المدمر للجميع، من دون يؤدي في النهاية إلى سقوط النظام ببنيته الأساسية، على نحو لا يريده الكيان الصهيوني الذي ينسق كل شيء مع الروس.
هكذا تبدو الثورة السورية من أكثر الثورات يُتما، ربما في التاريخ البشري، إذ تقف في مواجهتها جميع المحاور الدولية بلا استثناء؛ على ما بينها من تناقض، ولا شك أن العامل الإسرائيلي يبدو الأكثر حسما في تحديد هذه الوجهة. أما الدعم التركي والسعودي والقطري، وهو الوحيد عمليا، فلم يكن بوسعه التمرد على شروط التسليح مع الأسف، وبقي يمنح الثورة بعض أسباب البقاء، من دون القدرة على الحسم.
أيا يكن الأمر، فالحرب لم تضع أوزارها بعد، سواء تدخلت السعودية وتركيا أم لم تتدخلا، ومن دون تسوية ترضي الشعب السوري، فإن الصراع سيستمر، حتى مع خسارة الأرض أو أجزاء منها، ربما بأسلوب حرب العصابات والعمليات بمختلف أشكالها، ما يعني مزيدا من النزيف للمعسكر إياه، وللجميع بكل تأكيد.
ما ينبغي أن يكون واضحا أن هذا المشرق برمته لن يستقر بأي حال ما دامت الغالبية تشعر بالظلم، وبوطأة عدوان الأقلية التي تمثلها إيران، وسيدرك الجميع ذلك، عاجلا أم آجلا.
الدستور
اليوم يبدو الوضع أكثر وضوحا، بل فضائحية في واقع الحال (دعك هنا من العناق الأميركي الإيراني في العراق)، وبالطبع بعد أن لم يعد بوسع الأمريكان أن يداهنوا أكثر من ذي قبل؛ هم الذين كانت سياستهم هي ذات السياسة الصهيونية فيما يتعلق بالصراع الذي منحهم الكيماوي السوري، ثم النووي الإيراني، وما سيتبعه من صفقات أيضا بعد رفع العقوبات، مع أملهم القائم بتغيير “ناعم” داخل إيران نفسها.
هناك صراع سافر بين الغالبية السنية في هذه المنطقة، وبين الأقلية التي تمثلها إيران، والتي تجد نصيرا من بعض الأقليات في المنطقة، وبات واضحا أن واشنطن قد اختارت الانحياز للتحالف الإيراني، وإن بقيت تفضل؛ كدولة إمبريالية استمرار الصراع بين الطرفين، لما يدره من مصالح وصفقات أسلحة على مصانعها واقتصادها.
في الأسابيع الأخيرة بدا الموقف سافرا في الوقوف إلى جانب الغزو الروسي لسوريا، فها هي صحيفة متعاطفة مع الحلف الإيراني مثل الإندبندنت البريطانية على سبيل المثال تقول بشكل واضح إن الولايات المتحدة “أصبحت تلعب لعبة رئيس النظام السوري بشار الأسد، عندما حاولت تخفيف حدة التصعيد، وقررت تخفيض الدعم عن المعارضة قبل بدء محادثات جنيف (لم يكن هناك دعم يُعتد به أصلا)، وضغطت على دول الخليج كي تخفض من عمليات الدعم العسكري، وهو ما عرض المعارضة للهجوم العسكري”.
أما وزير خارجية روسيا، فقال دون مواربة تعليقا على أحاديث التدخل التركي في سوريا “لا أظن أن التحالف الذي يقوده الأمريكيون وتنتمي إليه تركيا سيسمح بتنفيذ مثل هذه الخطط المتهورة”.
لا يغير ذلك في حقيقة أن الأمريكان لا يريدون نجاحا للروس في سوريا، لكن الحقيقة الأهم هي أنهم لا يريدون أي تهديد جدي للنظام، والأرجح أن جزءا من الصفقات مع إيران كانت تقتضي ذلك، فضلا عن بقاء المقاربة الأهم ممثلة في تشجيع استمرار الصراع المدمر للجميع، من دون يؤدي في النهاية إلى سقوط النظام ببنيته الأساسية، على نحو لا يريده الكيان الصهيوني الذي ينسق كل شيء مع الروس.
هكذا تبدو الثورة السورية من أكثر الثورات يُتما، ربما في التاريخ البشري، إذ تقف في مواجهتها جميع المحاور الدولية بلا استثناء؛ على ما بينها من تناقض، ولا شك أن العامل الإسرائيلي يبدو الأكثر حسما في تحديد هذه الوجهة. أما الدعم التركي والسعودي والقطري، وهو الوحيد عمليا، فلم يكن بوسعه التمرد على شروط التسليح مع الأسف، وبقي يمنح الثورة بعض أسباب البقاء، من دون القدرة على الحسم.
أيا يكن الأمر، فالحرب لم تضع أوزارها بعد، سواء تدخلت السعودية وتركيا أم لم تتدخلا، ومن دون تسوية ترضي الشعب السوري، فإن الصراع سيستمر، حتى مع خسارة الأرض أو أجزاء منها، ربما بأسلوب حرب العصابات والعمليات بمختلف أشكالها، ما يعني مزيدا من النزيف للمعسكر إياه، وللجميع بكل تأكيد.
ما ينبغي أن يكون واضحا أن هذا المشرق برمته لن يستقر بأي حال ما دامت الغالبية تشعر بالظلم، وبوطأة عدوان الأقلية التي تمثلها إيران، وسيدرك الجميع ذلك، عاجلا أم آجلا.
الدستور