شبيحة إيران إذ يحتفلون باعتراف إسرائيلي يدينهم!!
ياسر الزعاترة
جو 24 : منذ خمس سنوات تقريبا، يسعى شبيحة إيران وإعلامها التابع عربيا إلى التقاط أية كلمة من وسائل الإعلام الإسرائيلية تصب في خدمة دعايتهم الفجة عن نظامهم الممانع في دمشق، بل إن بعض إعلامهم لا يتورع، وقد حدث ذلك مرارا وتكرارا عن تأليف تصريحات ونسبتها لوسائل إعلام إسرائيلية لتحقيق الغرض. قبل التوقف عند القصة التي نحن بصددها، نشير إلى أن ذلك يعكس أزمة نفسية عند القوم، ذلك أنهم وبعد تجاوزهم للمسألة الأخلاقية بالوقوف إلى جانب طاغية فاسد يقتل شعبه (داسوا الأخلاق بأحذيتهم)، لم يجدوا سوى التبرير السياسي، وحين لم يسعفهم أيضا، ذهبوا يبحثون، ولو بالكذب عما يدعمه من إعلام العدو. القصة التي نحن بصددها هي مقال، أو تحليل الخبير الأمني بصحيفة "هآرتس”؛ عاموس هرئيل، الذي نشره يوم الأحد الماضي، عن الوضع في سوريا بعد التطورات الأخيرة. إعلام التابعية الإيرانية بكل أطيافه احتفى بالمقال أو التحليل وأخذ منه الجزء المتعلق بالقلق من التقدم الذي يحرزه النظام بدعم روسي، وركز على جملة يقول فيها "هرئيل” بالنص: "انتصار نظام الأسد سيكون سيئا لإسرائيل، إذ إن معناه هو نجاح إيران وحزب الله”. والحال أن التحليل كان أشمل من ذلك بكثير، وهو بمجمله يفضح حقيقة الموقف الإسرائيلي الذي تحدثنا عنه عشرات المرات، مع العلم أن هناك عشرات المقالات والتصريحات التي صدرت عن ساسة وإعلاميين إسرائيليين تؤكد أن الخيار الأفضل للكيان الصهيوني هو بقاء النظام، وما دعم التدخل الروسي سوى تأكيد على ذلك. من يقرأ النص سيدرك أنه يتحدث عن الوضع الراهن والتعامل معه، وليس مع الموقف الجوهري من النهاية التي يريدها الصهاينة للصراع، ذلك أن التحليل يؤكد أن الموقف الأصلي الذي يريده الكيان لا زال قائما، وهو استمرار القتال الذي خدمه بشكل كبير دون أن يتكلف أي ثمن. خذوا هذا النص الطويل من كلام هرئيل، لتكتشفوا سخف الشبيحة، ولتعرفوا حجم الجريمة التي ارتكبتها إيران بعدوانها على الشعب السوري، وجزء منها جريمة بحق نفسها وحلفائها، بل بحق المنطقة كلها، لأن هناك من الفوائد ما لم يذكرها الكاتب، كما هو حال ضرب الربيع العربي، وضرب تركيا التي صارت تصنف عدوة خلال السنوات الماضية. يقول هرئيل: "عمليا، خدمت الحرب في سوريا بقدر كبير مصالح إسرائيل، دون أن تحتاج هذه إلى تحقيقها بشكل نشط. فالقتال المتواصل سحق الجيش السوري لدرجة أنه تبقى بالكاد ظل من قدراته الأصلية. مخزون السلاح الكيميائي الهائل لدى نظام الأسد تفكك بأغلبيته الساحقة في أعقاب التسوية الأمريكية الروسية التي فُرضت على الطاغية السوري في صيف 2013، حزب الله؛ الخصم الأساسي المتبقي للجيش الإسرائيلي في الساحة الشمالية، يوظف نحو ربع حتى ثلث قوته النظامية في القتال ويفقد كل شهر عشرات المقاتلين في المعارك. ومع أن الناطقين الرسميين امتنعوا عن التعبير عن ذلك علنا- هناك أمور لا يمكن قولها عندما يُذبح نحو 470 ألف نسمة خلف الحدود-، بل بصمت، فقد تمنت إسرائيل النجاح للطرفين، ولم تكن تعارض أن يتواصل سفك الدماء المتبادل لبضع سنوات أخرى بلا حسم”. ألم نقل ذلك منذ الأيام الأولى لعسكرة الثورة بتخطيط من النظام، وهو أن قرار الكيان الصهيوني هو إطالة أمد النزاع لاستنزاف الجميع، وتحويل سوريا إلى ثقة أسود يستنزف جميع الأعداء، مع ضرب ربيع الشعوب الذي مثل محطة خطر كبير بالنسبة إليه؟! هنا، يأتي تفسير الكلام الأولي لهرئيل الذي احتفى به الشبيحة، إذ أنه يركز على الوضع الراهن، خشية انتهاء نزاع يُفضل أن يستمر من أجل مزيد من النزيف (لم يذكروا طبعا أنه لولا نزيف سوريا، لما دفعت إيران مشروعها النووي أيضا بعرض كان لديها أفضل منه في السابق)، ما يذكرنا بقصة الحرب العراقية الإيرانية التي كان المطلوب أن تتواصل؛ مرة بدعم هذا الطرف، وثانية بدعم الطرف الآخر؛ بحسب تطور المعركة. أما الخيار النهائي الذي يريده الكيان واعترف به قادته وإعلاميوه مرارا، فهو أن يبقى النظام، ولكن ضعيفا منهكا يحتاج عقودا حتى يتماسك، وطبعا بمرجعية إيرانية من نوع مختلف، سواء بقي المحافظون، أم جاء الإصلاحيون. في النهاية يُطمئن هرئيل قراءه على أن الصراع لا يزال طويلا رغم تقدم النظام بدعم الروس، والنتيجة أن النزيف سيتواصل، وستواصل هذه الحرب تقديم خدماتها للكيان الصهيوني. وهنا يأتي السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه، بعيدا عن الأخلاق التي داستها إيران وأتباعها، كما أسلفنا، هو: ماذا لو تركت إيران الشعب السوري يأخذ حقه من الطاغية، وينتصر، ويؤسس دولته الجديدة؟ هل كان سيتصالح مع العدو، أم سيكون جزءا لا يتجزأ من ضمير أمته؟ لا سيما إذا تذكرنا حقيقة أنه لو انتصرت ثورة سوريا، لما توقف ربيع العرب على نحو ما جرى. لقد أجرم خامنئي وتلامذته بحق الشعب السوري، وبحق الأمة كلها، بل بحق إيران وشعبها والشيعة العرب أيضا. دمّروا أنفسهم والمنطقة، ودمّروا التعايش، ولم يخدموا سوى العدو الصهيوني، وفي النهاية لن ينتصروا، ولن يعيدوا الوضع إلى ما كان عليه بأي حال، وفي ذلك تفصيل آخر. فاصلة أخيرة لمجرد الجدل، ولتأكيد فضيحة أتباع إيران: إذا كانت الممانعة تكفي لتأييد طاغية يقتل شعبه، فلماذا وقفوا جميعا ضد صدام، ولم يكن ثمة جدال في استهدافه من قبل أمريكا والكيان الصهيوني؟! ألم نقل إن الأخلاق لا تعنيهم في شيء؟!!
الدستور