رئيس الحكومة: هل يحترق أم يخرج من عنق الزجاجة؟
نضال منصور
جو 24 : بكل تأكيد فإن رئيس الحكومة الجديد الدكتور عبدالله النسور سياسي واقتصادي محنك، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا، وهو لاعب ماهر، خبر شؤون الحكم منذ عقود نائباً ووزيراً، وهذا الواقع يزيد من مساءلة ومراقبة الناس له.
لا يمكن القول بأن النسور ليبرالي المنهج في إدارته لشؤون السياسة والاقتصاد، وفي الوقت ذاته فإنه لا يلبس جلباباً محافظاً، فهو يوائم بين المنهجين ويغازل مناصري المدرستين.
لو لم تكن هذه الحكومة انتقالية ولتسيير الأعمال إلى حين إجراء الانتخابات، لكان الرئيس النسور قد أعاد بناء الحكومة واختار فريقاً جديداً، ولكن في هذه المرحلة الصعبة ظل محكوماً لشعار بأنه لا يمكن تغيير الطاقم الوزاري في حكومة لن تتعدى صلاحيتها بداية شهر شباط (فبراير) القادم.
البصمة الرئيسية التي وضعها النسور في حكومته كانت اختيار نائبه ووزير داخليته الدكتور عوض خليفات، وقد عملا معاً في حكومة عبدالكريم الكباريتي عام 1996. ورسالة النسور للأردنيين هي تطمينهم بأن الداخلية تدار من شخص أكاديمي ليس له خلفية عسكرية، وربما يكون هذا مهماً في زمن يسبق الانتخابات البرلمانية، ولتأكيد أن الولاية العامة بالانتخابات هي للهيئة المستقلة للانتخابات، وأن دور الداخلية وغيرها من الوزارات داعم ومساند.
الرسالة المهمة التي يمكن التقاطها من الحكومة هي اختيار النائب السابق المخضرم بسام حدادين وزيراً للشؤون البرلمانية ووزيراً للتنمية السياسية، ومن المعروف أن حدادين ظل منذ 1989 نائباً تحت القبة، وشهد ربيع العمل البرلماني وخريفه، ولعب ومد جسور علاقاته مع كل الأطراف السياسية بما فيها الإسلاميون، ولذلك، وهو اليساري، مؤهل أكثر من غيره ليخوض غمار الحوارات والتحركات لمرحلة ما قبل الانتخابات، وخاصة في الجدل الذي يدور حول القوائم الوطنية، وأيضاً ما بعد الانتخابات إذا كان للرئيس النسور حظ في رئاسة أول حكومة برلمانية، أو إذا قرر النظام العودة لطاولة المفاوضات في اللحظة الأخيرة لتعديل قانون الانتخاب.
مهمة حكومة النسور رغم عمرها القصير ليست سهلة، والأسلحة التي يملكها لمواجهة مناوئيه وخصومه محدودة، والأهم أن كلامه وأفعاله تحت المجهر، فالناس ستحاسبه على مواقفه التي اتخذها من الحكومات الأربع السابقة والتي حجب عنها الثقة، فلن يقبلوا منه أسلوباً محافظاً في الحكم وهو الذي وصف فايز الطراونة بـ"شيخ المحافظين"، ولن يرضوا عن ممارسات توحي بالمحاصصة والعشائرية، وهي التهمة التي ألصقها برئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة، وبالتأكيد سيرصدون تدخلاته بالانتخابات البرلمانية القادمة بعدما اتهم سمير الرفاعي ومعروف البخيت بتزوير الانتخابات الماضية.
لا يعيب الدكتور النسور أن يحجب الثقة عن الحكومات الأربع السابقة، فلقد صنعت له شعبية ونجومية ستختبر على أرض الواقع في إدارته لحكومته.
مشكلة الرئيس النسور في هامش المناورة الذي يملكه لمواجهة حالة الاحتقان السياسي والتأزيم، فالانطباعات الأولى التي خلقها بتصريحاته، لا تقدم معالجة ولا توحي بالاطمئنان، فهو ماض بطريق الانتخابات بالقانون الذي عارضه بشدة، ولا يستطيع أو لا يريد أن يقوم باستدارة للعودة إلى طاولة الحوار لصناعة توافق حول قانون انتخاب جديد، وبذلك ستبقى المعارضة وخاصة الإسلامية في الشارع، وإذا صعدت هجومها وفعالياتها سيكون الرئيس وحكومته في وضع حرج جداً، وحتى ملف المعتقلين من الحراك الشعبي الذين يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة في تجاوز للقواعد الدستورية لم يقطع فيه وعداً، ولم يتحرك للإفراج عنهم بما يعزز مواقفه، بل ربط الأمر بصفح ملكي.
ملف التأزيم الثالث بعد قانون الانتخاب والاعتقالات، هو الصدام مع الإعلام الإلكتروني، بعد إقرار حكومة الطراونة لقانون المطبوعات والنشر المعدل، عارضه النسور تحت القبة وورثه رئيساً للحكومة، ولا يُعرف كيف سيتعامل مع هذه المشكلة ويديرها، والصحافة الإلكترونية تنصب خيمة للاعتصام منذ أكثر من 27 يوماً احتجاجاً على القانون ومطالبة بإسقاطه ومعلنة عصياناً إلكترونياً يرفض الامتثال لهذا القانون المقيد للحريات؟.
الشهور المعدودة لرئاسة النسور للحكومة صعبة ووعرة، وتريد حكمة في التعامل لا صلفاً في المواجهة، وهي أولاً وأخيراً اختبار له كسياسي عريق، إما تحرقه ويصبح كبش فداء للمرحلة، وإما ينجح، ويخرج الأردن من عنق الزجاجة!.
(الغد)
لا يمكن القول بأن النسور ليبرالي المنهج في إدارته لشؤون السياسة والاقتصاد، وفي الوقت ذاته فإنه لا يلبس جلباباً محافظاً، فهو يوائم بين المنهجين ويغازل مناصري المدرستين.
لو لم تكن هذه الحكومة انتقالية ولتسيير الأعمال إلى حين إجراء الانتخابات، لكان الرئيس النسور قد أعاد بناء الحكومة واختار فريقاً جديداً، ولكن في هذه المرحلة الصعبة ظل محكوماً لشعار بأنه لا يمكن تغيير الطاقم الوزاري في حكومة لن تتعدى صلاحيتها بداية شهر شباط (فبراير) القادم.
البصمة الرئيسية التي وضعها النسور في حكومته كانت اختيار نائبه ووزير داخليته الدكتور عوض خليفات، وقد عملا معاً في حكومة عبدالكريم الكباريتي عام 1996. ورسالة النسور للأردنيين هي تطمينهم بأن الداخلية تدار من شخص أكاديمي ليس له خلفية عسكرية، وربما يكون هذا مهماً في زمن يسبق الانتخابات البرلمانية، ولتأكيد أن الولاية العامة بالانتخابات هي للهيئة المستقلة للانتخابات، وأن دور الداخلية وغيرها من الوزارات داعم ومساند.
الرسالة المهمة التي يمكن التقاطها من الحكومة هي اختيار النائب السابق المخضرم بسام حدادين وزيراً للشؤون البرلمانية ووزيراً للتنمية السياسية، ومن المعروف أن حدادين ظل منذ 1989 نائباً تحت القبة، وشهد ربيع العمل البرلماني وخريفه، ولعب ومد جسور علاقاته مع كل الأطراف السياسية بما فيها الإسلاميون، ولذلك، وهو اليساري، مؤهل أكثر من غيره ليخوض غمار الحوارات والتحركات لمرحلة ما قبل الانتخابات، وخاصة في الجدل الذي يدور حول القوائم الوطنية، وأيضاً ما بعد الانتخابات إذا كان للرئيس النسور حظ في رئاسة أول حكومة برلمانية، أو إذا قرر النظام العودة لطاولة المفاوضات في اللحظة الأخيرة لتعديل قانون الانتخاب.
مهمة حكومة النسور رغم عمرها القصير ليست سهلة، والأسلحة التي يملكها لمواجهة مناوئيه وخصومه محدودة، والأهم أن كلامه وأفعاله تحت المجهر، فالناس ستحاسبه على مواقفه التي اتخذها من الحكومات الأربع السابقة والتي حجب عنها الثقة، فلن يقبلوا منه أسلوباً محافظاً في الحكم وهو الذي وصف فايز الطراونة بـ"شيخ المحافظين"، ولن يرضوا عن ممارسات توحي بالمحاصصة والعشائرية، وهي التهمة التي ألصقها برئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة، وبالتأكيد سيرصدون تدخلاته بالانتخابات البرلمانية القادمة بعدما اتهم سمير الرفاعي ومعروف البخيت بتزوير الانتخابات الماضية.
لا يعيب الدكتور النسور أن يحجب الثقة عن الحكومات الأربع السابقة، فلقد صنعت له شعبية ونجومية ستختبر على أرض الواقع في إدارته لحكومته.
مشكلة الرئيس النسور في هامش المناورة الذي يملكه لمواجهة حالة الاحتقان السياسي والتأزيم، فالانطباعات الأولى التي خلقها بتصريحاته، لا تقدم معالجة ولا توحي بالاطمئنان، فهو ماض بطريق الانتخابات بالقانون الذي عارضه بشدة، ولا يستطيع أو لا يريد أن يقوم باستدارة للعودة إلى طاولة الحوار لصناعة توافق حول قانون انتخاب جديد، وبذلك ستبقى المعارضة وخاصة الإسلامية في الشارع، وإذا صعدت هجومها وفعالياتها سيكون الرئيس وحكومته في وضع حرج جداً، وحتى ملف المعتقلين من الحراك الشعبي الذين يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة في تجاوز للقواعد الدستورية لم يقطع فيه وعداً، ولم يتحرك للإفراج عنهم بما يعزز مواقفه، بل ربط الأمر بصفح ملكي.
ملف التأزيم الثالث بعد قانون الانتخاب والاعتقالات، هو الصدام مع الإعلام الإلكتروني، بعد إقرار حكومة الطراونة لقانون المطبوعات والنشر المعدل، عارضه النسور تحت القبة وورثه رئيساً للحكومة، ولا يُعرف كيف سيتعامل مع هذه المشكلة ويديرها، والصحافة الإلكترونية تنصب خيمة للاعتصام منذ أكثر من 27 يوماً احتجاجاً على القانون ومطالبة بإسقاطه ومعلنة عصياناً إلكترونياً يرفض الامتثال لهذا القانون المقيد للحريات؟.
الشهور المعدودة لرئاسة النسور للحكومة صعبة ووعرة، وتريد حكمة في التعامل لا صلفاً في المواجهة، وهي أولاً وأخيراً اختبار له كسياسي عريق، إما تحرقه ويصبح كبش فداء للمرحلة، وإما ينجح، ويخرج الأردن من عنق الزجاجة!.
(الغد)