الاتفاق الذي عطلته الثورة السورية
ياسر الزعاترة
جو 24 : مثير ما كشفه الصحفي الصهيوني المعروف “شمعون شيفر” بخصوص المفاوضات التي كانت جارية منذ عام 2009 بين نتنياهو وبين بشار الأسد لتحقيق تسوية سياسية بين البلدين عبر وساطة دبلوماسي أمريكي سابق هو فريد هوف، وهي المفاوضات التي أكدتها المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية.
اللافت أن توقيت كشف المعلومات قد جاء عشية إعلان نتنياهو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وهي الانتخابات التي يبدو واثقا من قدرته على كسبها بسهولة نظرا لتشرذم القوى الأخرى.
هنا وجد نتنياهو أن كشف الوثائق يستهدفه شخصيا، حيث يشكك في صقوريته أمام الجمهور الإسرائيلي الذي ينزع نحو اليمين، وربما مال إليه بوصفه الزعيم القوي الذي يخيف العرب ولا يخضع للأمريكان.
ولكن ماذا في الوثائق التي كشفها “شيفر”؟.
خلاصتها أن مفاوضات كانت تجري بين الطرفين عبر الوسيط الأمريكي، وكانت سرية إلى حد كبير. شارك فيها من الطرف السوري وليد المعلم، كما تضمنت لقاءً بين “هوف” وبين بشار الأسد.
في المفاوضات فوجئ الأمريكان كما عبروا عن ذلك بالمرونة التي أبداها نتنياهو، حيث وافق من حيث المبدأ على التنازل عن هضبة الجولان والانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران، الأمر الذي لم يحدث مع أي من رؤساء الوزراء السابقين، بمن فيهم رابين (صاحب الوديعة الشهيرة) التي طالما طالب بشار الأسد بأن تكون بداية أية مفاوضات بين الطرفين.
للتذكير كانت المفاوضات بين الأسد (الأب) وإسحق رابين قد بلغت مستويات متقدمة، لكنها انتهت إلى الفشل في اللحظات الأخيرة بعد الخلاف حول بعض التفاصيل.
نتنياهو لم يوافق على الانسحاب حتى حدود 67 فقط، بل وافق أيضا على أن يتم ذلك خلال عامين رغم أنه طلب مدة أطول، كما وافق على أن تستمر علاقة دمشق مع طهران، مع الاتفاق طبعا على تطبيع كامل في العلاقة بين سوريا والكيان الصهيوني.
وفيما نفى نتنياهو تقديمه للتنازلات المشار إليها كما ذكرنا من قبل خشية التأثير على فرصه في الانتخابات، فقد سكت نظام بشار الأسد، أقله إلى الآن، فيما يرجح أن يذهب نحو النفي خشية تأثير القصة على معركته مع الثورة، هو الذي يبيع على الناس حكاية المقاومة والممانعة التي تتعرض لمؤامرة أمريكية صهيونية.
لسنا ابتداءً ممن ينكرون وجود محور المقاومة والممانعة مقابل محور الاعتدال، فتلك حقيقة سياسية بصرف النظر عن الأهداف والنوايا، مع العلم أن الحركات والقوى الإسلامية التي تقف اليوم ضد بشار (باستثناء حزب الله) كانت الكتلة الأهم في المحور الأول، وهي التي وقفت مع المقاومة والممانعة وضد كل أشكال التطبيع مع العدو.
اليوم يتبين أن بشار الأسد لم يكن لديه أي مانع في التوصل إلى تسوية مع العدو الصهيوني، من دون أي شرط يتعلق بالقضية الفلسطينية، تماما كما كان حال أبيه في مفاوضات التسعينات التي وضعت القيادة الفلسطينية على صفيح ساخن.
والحال أن فكرة المقاومة والممانعة لا تلغي أبدا أن النظام السوري جزء لا يتجزأ من النظام العربي الرسمي الذي يعترف بالقرارات الدولية التي تؤكد أن الأراضي المحتلة عام 48 هي دولة إسرائيل. ولا ننسى أن المبادرة العربية في بيروت عام 2002 قد مرت برضاه وموافقته أيضا، وهي كما يعرف الجميع تضيف إلى الاعتراف بالقرارات الدولية إياها تنازلا عن حق العودة للاجئين بالحديث عن “حل متفق عليه”.
من هنا يمكن القول إن الثورة السورية قد أفشلت اتفاقا كان يطبخ على نار حامية، مع التذكير بأن نتنياهو هو الأكثر قدرة على توقيع اتفاق من هذا النوع وتحمل مسؤوليته، لاسيما أن الجولان ليس من أراضي “إسرائيل” بحسب العقيدة الصهيونية، ويمكن التنازل عنه من أجل تسوية مقبولة مع الفلسطينيين.
سينكر الشبيحة الذين يناصرون بشار الأسد ذلك كله، ويتهموننا بالاستناد إلى مصادر إسرائيلية، مع أنهم يعرفون أكثر من غيرهم صحة المعلومات.
كل ذلك لا صلة له البتة بموقفنا من الثورة السورية، ولو ثبت لنا أن بشار كان يُعدُّ القنبلة النووية لإبادة الكيان الصهيوني لما وقفنا معه ضد شعب يطلب الحرية. تلك قضية أخلاقية لا تعني أصحابنا أولئك.
(الدستور)
اللافت أن توقيت كشف المعلومات قد جاء عشية إعلان نتنياهو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وهي الانتخابات التي يبدو واثقا من قدرته على كسبها بسهولة نظرا لتشرذم القوى الأخرى.
هنا وجد نتنياهو أن كشف الوثائق يستهدفه شخصيا، حيث يشكك في صقوريته أمام الجمهور الإسرائيلي الذي ينزع نحو اليمين، وربما مال إليه بوصفه الزعيم القوي الذي يخيف العرب ولا يخضع للأمريكان.
ولكن ماذا في الوثائق التي كشفها “شيفر”؟.
خلاصتها أن مفاوضات كانت تجري بين الطرفين عبر الوسيط الأمريكي، وكانت سرية إلى حد كبير. شارك فيها من الطرف السوري وليد المعلم، كما تضمنت لقاءً بين “هوف” وبين بشار الأسد.
في المفاوضات فوجئ الأمريكان كما عبروا عن ذلك بالمرونة التي أبداها نتنياهو، حيث وافق من حيث المبدأ على التنازل عن هضبة الجولان والانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران، الأمر الذي لم يحدث مع أي من رؤساء الوزراء السابقين، بمن فيهم رابين (صاحب الوديعة الشهيرة) التي طالما طالب بشار الأسد بأن تكون بداية أية مفاوضات بين الطرفين.
للتذكير كانت المفاوضات بين الأسد (الأب) وإسحق رابين قد بلغت مستويات متقدمة، لكنها انتهت إلى الفشل في اللحظات الأخيرة بعد الخلاف حول بعض التفاصيل.
نتنياهو لم يوافق على الانسحاب حتى حدود 67 فقط، بل وافق أيضا على أن يتم ذلك خلال عامين رغم أنه طلب مدة أطول، كما وافق على أن تستمر علاقة دمشق مع طهران، مع الاتفاق طبعا على تطبيع كامل في العلاقة بين سوريا والكيان الصهيوني.
وفيما نفى نتنياهو تقديمه للتنازلات المشار إليها كما ذكرنا من قبل خشية التأثير على فرصه في الانتخابات، فقد سكت نظام بشار الأسد، أقله إلى الآن، فيما يرجح أن يذهب نحو النفي خشية تأثير القصة على معركته مع الثورة، هو الذي يبيع على الناس حكاية المقاومة والممانعة التي تتعرض لمؤامرة أمريكية صهيونية.
لسنا ابتداءً ممن ينكرون وجود محور المقاومة والممانعة مقابل محور الاعتدال، فتلك حقيقة سياسية بصرف النظر عن الأهداف والنوايا، مع العلم أن الحركات والقوى الإسلامية التي تقف اليوم ضد بشار (باستثناء حزب الله) كانت الكتلة الأهم في المحور الأول، وهي التي وقفت مع المقاومة والممانعة وضد كل أشكال التطبيع مع العدو.
اليوم يتبين أن بشار الأسد لم يكن لديه أي مانع في التوصل إلى تسوية مع العدو الصهيوني، من دون أي شرط يتعلق بالقضية الفلسطينية، تماما كما كان حال أبيه في مفاوضات التسعينات التي وضعت القيادة الفلسطينية على صفيح ساخن.
والحال أن فكرة المقاومة والممانعة لا تلغي أبدا أن النظام السوري جزء لا يتجزأ من النظام العربي الرسمي الذي يعترف بالقرارات الدولية التي تؤكد أن الأراضي المحتلة عام 48 هي دولة إسرائيل. ولا ننسى أن المبادرة العربية في بيروت عام 2002 قد مرت برضاه وموافقته أيضا، وهي كما يعرف الجميع تضيف إلى الاعتراف بالقرارات الدولية إياها تنازلا عن حق العودة للاجئين بالحديث عن “حل متفق عليه”.
من هنا يمكن القول إن الثورة السورية قد أفشلت اتفاقا كان يطبخ على نار حامية، مع التذكير بأن نتنياهو هو الأكثر قدرة على توقيع اتفاق من هذا النوع وتحمل مسؤوليته، لاسيما أن الجولان ليس من أراضي “إسرائيل” بحسب العقيدة الصهيونية، ويمكن التنازل عنه من أجل تسوية مقبولة مع الفلسطينيين.
سينكر الشبيحة الذين يناصرون بشار الأسد ذلك كله، ويتهموننا بالاستناد إلى مصادر إسرائيلية، مع أنهم يعرفون أكثر من غيرهم صحة المعلومات.
كل ذلك لا صلة له البتة بموقفنا من الثورة السورية، ولو ثبت لنا أن بشار كان يُعدُّ القنبلة النووية لإبادة الكيان الصهيوني لما وقفنا معه ضد شعب يطلب الحرية. تلك قضية أخلاقية لا تعني أصحابنا أولئك.
(الدستور)