عقوبات نتنياهو الحقيرة الجديدة لوأد الانتفاضة
ياسر الزعاترة
جو 24 : لا يخرج مشروع القانون الساقط والحقير الذي أعلن نتنياهو نية عرضه على حكومته وبرلمانه، والمتمثل في إبعاد أهالي منفذي العمليات من الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى قطاع غزة.. لا يعدو أن يكون إعلانا للعجز عن وقف الانتفاضة بأدوات البطش التقليدية، مع أنه تجاوز التقليدي بالعقوبات التي فرضها على المقدسيين (سحب الهويات)، فضلا عن هدم بيوت منفذي العمليات. القانون الجديد هو الفصل الأسوأ في حال جرى تمريره، وهو شيطاني بكل تأكيد، إذ سيدفع الشبان إلى التفكير مليا قبل تنفيذ عمليات خوفا على أهاليهم وذويهم من التشرد، وإن كان تشردا داخل الوطن، أو الجزء الأكثر بؤسا منه؛ لجهة حصاره المفروض عربيا، والمدعوم من طرف السلطة التي تزعم تمثيله. لا شيء يمكن استغرابه من عدو بهذا المستوى من الخسة والنذالة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ذلك المتعلق بالرد على تلك الإجراءات، وما إذا كان يكمن في السكوت عليها، أم في مواجهتها؟ سيذهب قادة السلطة إلى التنديد بالقرار في حال تم تمريره، وقد يتمردون أكثر!! ويقررون الذهاب إلى المنظمات الدولية من أجل وقفه، لكن واقع الحال أن شيئا من ذلك لن يوقف شهية العدو للقمع، ولا للعقوبات الجماعية في سياق من تركيع الشعب الفلسطيني لواقعه وخياراته السياسية. المسار الوحيد الذي يلجم كل ذلك، بما في ذلك الاستيطان الذي تلوح السلطة أيضا برفع ملفه إلى مجلس الأمن الدولي؛ كأن أمريكا بعصا الفيتو الذي تملكه ليست هنا.. المسار الوحيد هو تحويل الانتفاضة إلى انتفاضة شاملة تفرض التراجع على العدو، عبر رفع شعار دحره من دون قيد أو شرط عن الأراضي المحتلة عام 67، بما فيها القدس وتفكيك المستوطنات وتحرير الأسرى، ونكرر من دون قيد أو شرط، حتى يبقى هدف التحرير الشامل قائما لا يقيّده شيء. المصيبة الكبرى تكمن هنا في خيارات سلطة وقيادة ليست في وارد تغيير مسارها، بل هي تؤكد عليه بين حين وآخر، مع فواصل إعلانية بائسة عن إمكانية وقف التعاون الأمني، أو حل السلطة، قبل أن تعود النغمة إلى بؤسها التقليدي في اعتبار تلك السلطة إنجازا عظيما تنبغي المحافظة عليه، وفي التنظير القائل بأن التعاون الأمني مع العدو هو مصلحة للشعب الفلسطيني. كيف؟ لا ندري. بعد خمسة شهور من انتفاضة الشعب، وما يقرب من 200 شهيد، ومئات الإصابات، لا زالت السلطة مصرة على اعتبارها مجرد هبّة، ولا زالت مصرة على مواجهتها بكل وسيلة ممكنة، من أجل الحيلولة دون تحولها إلى انتفاضة شاملة، ولو حتى شعبية بالمفهوم الحقيقي للمقاومة الشعبية التي تعني اشتباكا مع حواجر العدو، ومنعه من دخول المناطق بالحشود الجماهيرية والعصيان المدني، مع إعلان المناطق محررة يُمنع المحتل من دخولها، بدل دخولها بالتنسيق مع قوىً أمنية أدمنت التعامل مع العدو. هذا هو الرد الحقيقي على صلف نتنياهو، أما الاستجداء، والتوسط من أجل إعادة نتنياهو إلى طاولة المفاوضات، فلن يؤدي إلا لمزيد من التيه الذي تعيشه القضية منذ تسلمها من القيادة الحالية. وهنا تقع المسؤولية الكبرى على حركة فتح التي ينبغي أن تتمرد على هذا الوضع وتنحاز إلى نبض شعبها بعيدا عن القبلية الحزبية.