ما تأثير فوز إصلاحيي إيران على وضع المنطقة؟
ياسر الزعاترة
جو 24 : من حق كثيرين أن يروا أن "الخل في إيران أخو الخردل”، وأن فوز الإصلاحيين لن يغير الكثير على صعيد التعاطي مع سياسة إيران الخارجية، بخاصة حيال المنطقة وغالبية الأمة، وبالطبع في ظل عدوان إيراني يمتد من العراق إلى سوريا ولبنان، وصولا إلى اليمن، وهو العدوان الذي شهد بعض أهم محطات التصعيد في ظل رئاسة روحاني. على أن ما ينبغي التذكير به هنا هو أن السياسة الخارجية، وتحديدا في الجزء الخاص بمشروع التوسع الإيراني كانت سابقة على رئاسة روحاني من جهة، وإن تصاعدت خلالها، وهي كانت ولا تزال بيد المرشد الذي يضعها بدوره بيد الحرس الثوري، وبشكل خاص قائد فيلق القدس، قاسم سليماني. هنا يستخدم البعض هذه الحقيقة من أجل القول إن شيئا لن يتغير، لكن مزيدا من التدقيق في المشهد لا يمكن أن يؤكد هذه النظرية بالكامل، ليس لأن ذراع الإصلاحيين ستمتد لتطال السياسة الخارجية بمرور الوقت، بل لمعطيين آخرين؛ الأول أن خامنئي ليس مخلدا وقد يقضي نحبه ذات يوم، ما قد يدفع رفسنجاني والإصلاحيين إلى سدة الزعامة الحقيقية، أما الثاني، فهو أن من المستحيل على خامنئي أن يتجاهل مزاج الشارع الذي صوّت بشكل واضح ضد مشروع التوسع الخارجي، ولصالح فكرة إخراج إيران من مربع العقوبات إلى الفضاء الدولي الواسع. وهو لن ينسى أبدا أن هؤلاء الإصلاحيين وإن استبعد منهم الأكثر راديكالية هم خلفاء من هتفوا عام 2009 "لا غزة ولا لبنان .. كلنا فدا إيران”، وبالطبع قبل أن تخرج غزة من التداول عقابا لحماس على موقفها من سوريا، وينشأ نزيف أكبر بكثير في سوريا والعراق واليمن، مع بقاء لبنان، ولو قيّض لهم أن يهتفوا كما هتفوا في 2009، لقالوا "لا سوريا ولا اليمن .. كلنا فدا إيران”، وبالطبع بعد أن تبين أن ما دُفع للبنان، وهو الأكبر، وما دفع لفلسطين، وهو الأقل، لا يساوي عشر معشار ما دفع في سوريا وحدها. من رسبوا في الانتخابات مثل محمد يزدي ومصباح يزدي، ومن فاز بآخر مقعد بمجلس الخبراء في طهران (جنتي) هو رموز مشروع التوسع الخارجي، والتصويت ضدهم كان تعبيرا عن رفض أفكارهم ومشروعهم، وهذا ما لا يمكن أن يتجاهله خامنئي. ثم إن الإصلاحيين بعد الانتخابات الأخيرة، لن يكونوا بالضعف الذي كانوا عليه قبل ذلك، فهم اليوم أمام برلمان قريب منهم، بينما كان السابق لا يتوقف عن وضع العصي في دواليب حكومة روحاني. لا يعني هذا كله أننا نعول في وقف العدوان الإيراني على عقلانية خامنئي وفريقه، ولا على قوة الإصلاحيين وحنانهم، إذ أننا نعوّل قبل ذلك وبعده على صلابة التحدي التي تبديها غالبية الأمة في مواجهة هذا المشروع، ما سيفضي في نهاية المطاف إلى قناعة رموزه بضرورة تجرع كأس السمّ والتوقف عن المقامرة والمغامرة، وهو ما سيحدث سواء فاز الإصلاحيون أم خسروا، لكن نتيجة الانتخابات ربما تقرِّب هذه النتيجة، مع أن احتمالا آخر يبدو غير مستبعد، وهو أن يفضي توجه كهذا إلى مزيد من تقدم الإصلاحيين، لأن اعتراف الآخرين بفشلهم علنا، سيفضي إلى مزيد من عزلتهم في الشارع، ومن ثم عجزهم عن تحدي الفريق الآخر الصاعد. هناك بعد آخر يبدو مخيفا في سياسة الإصلاحيين، ويستحق التوقف، يتمثل في ميلهم إلى الغرب، وقابليتهم لعقد صفقات معه؛ والكيان الصهيوني تبعا له، ومن ثم إدارة الظهر للجوار العربي والإسلامي، في استعادة لسياسة شاه إيران، وإذا فعلوا ذلك فستتواصل الخسارة على الجميع، لأن سياسة فرق تسد ستؤتي أكلها، وهو ما لا نتمناه بكل تأكيد.