حتى لا نغرق في زمن الانحطاط
يتابع المرء مظاهر وتصرفات مذلة اصبحت تصرفا عاديا وفي احسن الاحوال يتم انتقادها على استحياء، ومن الامثلة على ذلك الفساد المستشري في العراق صاحب اكبر موارد في الشرق العربي، وكان يوصف يوما بأنه المانيا الشرق نظرا للموارد الطبيعية وعدد السكان المثالي، اما اليوم نجد العراق يعاني اليوم نقصا كبيرا في الطاقة الكهربائية والمحروقات والمساكن، وفي لبنان البلد الذي كان يوصف بالديمقراطية وسويسرا العرب يعاني تشتتا وانقساما اذ لم يستطع التوافق على رئيس للدولة، وما زالت مشكلة ازالة النفايات قائمة دون حل، الانقسام في السلطة الفلسطينية وقطاع غزة ولن تفلح كل وساطات الدنيا لحلها وينفذ العدو الصهيوني اجندات ممنهجة ويستبيح كل المقدسات وينكر على الفلسطينيين حقوقهم.
وفي امريكا البلد الذي يشار اليه كبلد يصدر الدروس في الديمقراطية وحماية حقوق الانسان يظهر فيها ممارسات كارثية ابرزها خطابات الكراهية التي يطلقها متنافسون للوصول الى البيت الابيض للسنوات الاربع القادمة، ووصل حد انتقادات الرئيس الامريكي باراك أوباما هذا الخطاب ووصفه بالخطاب «المبتذل» الذي يستهدف النساء والأقليات، فضلا عن العنف في حملة انتخابات الرئاسة التمهيدية.
وفي الاردن نجد ممارسات وظواهر ممجوجة لم تكن يوما في ثقافتنا وحياتنا منها التمادي على المال العام والخاص، وكان من يستطيع سرقة المال العام وعدم الوفاء تجاه الاخرين هو نوع من الشطارة والفهلوة، ووصل هذه الممارسات الاساءة للانسان والشجر والحجر وممارسة نشاطات ملوثة بين المساكن ولاتجد من يردعها من الجهات المسؤولة، وكأن ما يجري امر طبيعي.
وما تقدم هي عينة والواقع اصعب من ذلك فالحياة اصبحت صعبة ويتوجب على المرء ان ينام باغلاق عين واحدة والابقاء على الثانية مفتوحة اتقاء شرور المعاملات، وبالرغم من المتابعة الا اننا يبدو اننا نعيش في زمن الانحطاط، ومن الامثلة على ذلك توقيف عشرات الالاف من المطلوبين قضائيا، وهنا يتساءل الانسان ما هو العدد المطلوب ولم يتم ضبطه حتى الآن، وهذا يؤكد ان فساد النفوس يتكاثر كالبكتيرا بمتواليات هندسية، وان المعالجات تسير بمتواليات حسابية.
هذا النوع من الممارسات انتشر حتى في اوساط البزنس، تجد الرجل ثريا في ماله ويشغل مئآت العاملين يستهوي اكل حقوقهم وحقوق غيرهم من المتعاملين معه، ولا يأبه لعشرات من القضايا العمالية والحقوقية المرفوعة عليه امام القضاء، ويقوم بشراء الوقت ويتمهل في دفع حقوق العباد ...نحن بحاجة لتضافر جهود وطنية لاعادة الاعتبار للقيم المجتمعية حتى لا نغرق في زمن الانحطاط.