قتلة يائسون
ياسر الزعاترة
جو 24 : دعك من كل أحاديث المؤامرة التي تتوسل حكاية “الطرف الثالث” وسؤال المستفيد من الجريمة (الكيان الصهيوني دائما) إلى غير ذلك من المقولات التي تتهرب من أسئلة الجريمة والمسؤول إلى جانب المنفذ الحقيقي لها.
مسلسل الاغتيالات الذي ضرب لبنان منذ سنوات طويلة يسجل بالكامل، وأقله شبه كامل باسم النظام السوري الذي سعى طويلا عبر عمليات الاغتيال إلى إدامة سيطرته على لبنان، قبل أن يخرج منه تاركا المهمة لحليفه اللبناني (حزب الله) الذي تكفل بدوره باستقطاب تابعين أو حلفاء، وربما عملاء من الطوائف الأخرى عبر عروض السياسة، إلى جانب المال الإيراني السخي الذي يتدفق بين يديه.
وفيما كانت الأزمة خلال سنوات طويلة تتعلق بالسيطرة السورية على لبنان، فقد جاء دخول إيران الواضح على الخط ليمنح اللعبة أبعادا أكبر (إقليمية بالطبع) بعد أن شبَّ حزب الله عن الطوق وصار جزءا من اللعبة الإيرانية أكثر منه تابعا للنظام السوري الذي لولاه لما وصلت قوة الحزب إلى ما وصلت إليه، حيث مُنح حق المقاومة وحيدا دون الآخرين، من دون أن يعني ذلك تنكرا لبطولاته التي أخرجت العدو الصهيوني من لبنان.
في قائمة الاغتيالات كان النظام السوري هو الحاضر الأكبر دائما. وحدها عملية اغتيال رفيق الحريري هي التي شابها بعض الالتباس لجهة أداة التنفيذ، حيث توجهت الاتهامات صوب حزب الله على وجه التحديد بعد “التحقيق الدولية”.
ما رجحه التحليل المنطقي، حتى قبل نتائج التحقيق الدولي، هو أن عملية اغتيال الحريري كانت قرارا إيرانيا سوريا مشتركا بعد أن بدا أن الرجل يهدد مشروع الطرفين في لبنان، فيما يهدد النفوذ الإيراني في لبنان والمنطقة عموما بعد أن ظهرت للرجل صلات ما بالوضع في العراق على سبيل المثال.
كان الحريري مشروع تحجيم ذا سند عربي؛ ليس للنفوذ السوري في لبنان فحسب، بل للنفوذ الإيراني في لبنان والمنطقة أيضا، ويبدو أن قرار اغتياله قد اتخذ إيرانيا بالتنسيق مع النظام السوري، فيما كان عماد مغنية هو المنفذ. وذلك هو ما يفسر اغتيال الأخير في قلب دمشق، فيما يبدو أن النظام هو الذي سرَّب مكان وجوده للإسرائيليين كي ينهي الخيط الذي يربطه بالعملية كون مغنية هو الوحيد الذي يعرف علاقته بها.
سيخرج عليك الشبيحة إياهم ليتحدثوا عن التحليل “المؤامراتي” مع أن كلامهم هو المؤامراتي، لأنه إن لم تكن إيران وأزلامها ونظام بشار هم من اغتالوا الحريري بتلك الطريقة الرهيبة، فمن يكون إذن؟!
اليوم تنتمي عملية اغتيال العميد وسام الحسن إلى ذات اللعبة التي أفضت إلى اغتيال الحريري، فالرجل لا يهدد نظام بشار المتهاوي، بقدر ما يهدد حزب الله والمنظومة الإيرانية، والمطلوب في كل الأحوال هو تأكيد سيطرة حزب الله على لبنان والحيلولة دون تأثره بمصير الأسد (المعروف)، والحسن لديه من المعلومات والقدرات ما يمكن أن يساعد بقوة على تهديد ذلك النفوذ بمرور الوقت.
ثم إن كشفه لمؤامرة ميشال سماحة القذرة التي فضحت النظام السوري، لا يعني حشر استهدافه في الطرف الأخير، ذلك أنها مؤامرة لم تكن لتتم بعيدا عن قيادة الحزب، بدليل صلة رجله المقرب (جميل السيد) بالعملية، والأكيد أيضا أن جعبة وسام الحسن كانت لا تزال غنية بالمعلومات التي قد تستخدم لاحقا في معركة النفوذ على لبنان بعد سقوط الأسد، ما جعل من الأفضل التخلص منه تبعا لذلك، وهو ما كان.
العملية من حيث التقنية والتنفيذ كانت تشبه تماما اغتيال الحريري، إذ تمكنت من تجاوز كل الاحتياطات الأمنية الرهيبة التي يتخذها الرجل وفجرت سيارته على نحو لم يبق منها شيئا، وقتلت معه 8 أشخاص وجرحت العشرات.
لا شك أن الفريق المناوئ لحزب الله في لبنان قد خسر خسارة كبيرة باغتيال وسام الحسن، لكن المؤكد أيضا أن هذه العملية لن تمر كسابقاتها، بقدر ما ستزيد الفريق المستهدف بالعملية إصرارا على المضي في برنامج النضال من أجل تحرير لبنان من أسر النفوذ الإيراني بعد تخلصه نسبيا من أسر النظام السوري، لاسيما أن الأخير سينتهي مهما طال صراعه مع شعبه.
وكما أخطأت منظومة إيران وحلفائها بالوقوف مع بشار رغم أن عاقلا لا يمكنه الاعتقاد ببقائه، فقد أخطأت أيضا باغتيال وسام الحسن، وأقله الموافقة على اغتياله في هذه المرحلة الحساسة، إذ أنها لن تعني نهاية المؤسسة التي كان يرأسها، في ذات الوقت الذي لن تؤدي إلى حماية أركان تلك المنظومة من تداعيات سقوط بشار.
سيدفعون جميعا ثمن الدماء الزكية التي سالت في سوريا، ومن ضمنها دماء أكثر من 3 آلاف طفل قتلهم النظام بقنابل الدبابات والطائرات. دماء ستكون لعنة عليه وعلى كل من وقفوا معه وساندوه في معركته القذرة ضد شعبه."الدستور"
مسلسل الاغتيالات الذي ضرب لبنان منذ سنوات طويلة يسجل بالكامل، وأقله شبه كامل باسم النظام السوري الذي سعى طويلا عبر عمليات الاغتيال إلى إدامة سيطرته على لبنان، قبل أن يخرج منه تاركا المهمة لحليفه اللبناني (حزب الله) الذي تكفل بدوره باستقطاب تابعين أو حلفاء، وربما عملاء من الطوائف الأخرى عبر عروض السياسة، إلى جانب المال الإيراني السخي الذي يتدفق بين يديه.
وفيما كانت الأزمة خلال سنوات طويلة تتعلق بالسيطرة السورية على لبنان، فقد جاء دخول إيران الواضح على الخط ليمنح اللعبة أبعادا أكبر (إقليمية بالطبع) بعد أن شبَّ حزب الله عن الطوق وصار جزءا من اللعبة الإيرانية أكثر منه تابعا للنظام السوري الذي لولاه لما وصلت قوة الحزب إلى ما وصلت إليه، حيث مُنح حق المقاومة وحيدا دون الآخرين، من دون أن يعني ذلك تنكرا لبطولاته التي أخرجت العدو الصهيوني من لبنان.
في قائمة الاغتيالات كان النظام السوري هو الحاضر الأكبر دائما. وحدها عملية اغتيال رفيق الحريري هي التي شابها بعض الالتباس لجهة أداة التنفيذ، حيث توجهت الاتهامات صوب حزب الله على وجه التحديد بعد “التحقيق الدولية”.
ما رجحه التحليل المنطقي، حتى قبل نتائج التحقيق الدولي، هو أن عملية اغتيال الحريري كانت قرارا إيرانيا سوريا مشتركا بعد أن بدا أن الرجل يهدد مشروع الطرفين في لبنان، فيما يهدد النفوذ الإيراني في لبنان والمنطقة عموما بعد أن ظهرت للرجل صلات ما بالوضع في العراق على سبيل المثال.
كان الحريري مشروع تحجيم ذا سند عربي؛ ليس للنفوذ السوري في لبنان فحسب، بل للنفوذ الإيراني في لبنان والمنطقة أيضا، ويبدو أن قرار اغتياله قد اتخذ إيرانيا بالتنسيق مع النظام السوري، فيما كان عماد مغنية هو المنفذ. وذلك هو ما يفسر اغتيال الأخير في قلب دمشق، فيما يبدو أن النظام هو الذي سرَّب مكان وجوده للإسرائيليين كي ينهي الخيط الذي يربطه بالعملية كون مغنية هو الوحيد الذي يعرف علاقته بها.
سيخرج عليك الشبيحة إياهم ليتحدثوا عن التحليل “المؤامراتي” مع أن كلامهم هو المؤامراتي، لأنه إن لم تكن إيران وأزلامها ونظام بشار هم من اغتالوا الحريري بتلك الطريقة الرهيبة، فمن يكون إذن؟!
اليوم تنتمي عملية اغتيال العميد وسام الحسن إلى ذات اللعبة التي أفضت إلى اغتيال الحريري، فالرجل لا يهدد نظام بشار المتهاوي، بقدر ما يهدد حزب الله والمنظومة الإيرانية، والمطلوب في كل الأحوال هو تأكيد سيطرة حزب الله على لبنان والحيلولة دون تأثره بمصير الأسد (المعروف)، والحسن لديه من المعلومات والقدرات ما يمكن أن يساعد بقوة على تهديد ذلك النفوذ بمرور الوقت.
ثم إن كشفه لمؤامرة ميشال سماحة القذرة التي فضحت النظام السوري، لا يعني حشر استهدافه في الطرف الأخير، ذلك أنها مؤامرة لم تكن لتتم بعيدا عن قيادة الحزب، بدليل صلة رجله المقرب (جميل السيد) بالعملية، والأكيد أيضا أن جعبة وسام الحسن كانت لا تزال غنية بالمعلومات التي قد تستخدم لاحقا في معركة النفوذ على لبنان بعد سقوط الأسد، ما جعل من الأفضل التخلص منه تبعا لذلك، وهو ما كان.
العملية من حيث التقنية والتنفيذ كانت تشبه تماما اغتيال الحريري، إذ تمكنت من تجاوز كل الاحتياطات الأمنية الرهيبة التي يتخذها الرجل وفجرت سيارته على نحو لم يبق منها شيئا، وقتلت معه 8 أشخاص وجرحت العشرات.
لا شك أن الفريق المناوئ لحزب الله في لبنان قد خسر خسارة كبيرة باغتيال وسام الحسن، لكن المؤكد أيضا أن هذه العملية لن تمر كسابقاتها، بقدر ما ستزيد الفريق المستهدف بالعملية إصرارا على المضي في برنامج النضال من أجل تحرير لبنان من أسر النفوذ الإيراني بعد تخلصه نسبيا من أسر النظام السوري، لاسيما أن الأخير سينتهي مهما طال صراعه مع شعبه.
وكما أخطأت منظومة إيران وحلفائها بالوقوف مع بشار رغم أن عاقلا لا يمكنه الاعتقاد ببقائه، فقد أخطأت أيضا باغتيال وسام الحسن، وأقله الموافقة على اغتياله في هذه المرحلة الحساسة، إذ أنها لن تعني نهاية المؤسسة التي كان يرأسها، في ذات الوقت الذي لن تؤدي إلى حماية أركان تلك المنظومة من تداعيات سقوط بشار.
سيدفعون جميعا ثمن الدماء الزكية التي سالت في سوريا، ومن ضمنها دماء أكثر من 3 آلاف طفل قتلهم النظام بقنابل الدبابات والطائرات. دماء ستكون لعنة عليه وعلى كل من وقفوا معه وساندوه في معركته القذرة ضد شعبه."الدستور"