نداء أخير لإنقاذ القطاع الزراعي!
حلمي الأسمر
جو 24 :
نحن الان في الوقت الضائع لانقاذ القطاع الزراعي في هذا الوطن، انظر اولا الي قطاع الانتاج الحيواني واخص بالذكر قطاع الدواجن الذي حقق نقله نوعيه في الانتاج وغطي كل حاجات الوطن من الدجاج الامات والدجاج اللاحم وبيض المائدة، حتي غدا قطاعا يحتذي به في الإنتاج والنوعية، وأصبح قادرا علي التصدير لدول الجوار. لكن الأحداث حولنا حالت دون التصدير . فأصبح هذا القطاع يعاني معاناة شديدة لذلك . فكان الأمل من الجهات الرسمية والوزارات المعنية, النهوض بمسؤولياتها لحماية هذا القطاع الهام الذي تقدر استثماراته بالمليارات، والذي يعيل آلاف العائلات ويأخذ عن عاتق الحكومة توفير الآلاف من فرص العمل, لكن للأسف الشديد وكأننا في واد والجهات المسؤولة في واد آخر . فهل يعقل أن يسمح للتجار باستيراد عشرات الآلاف من الاطنان من الدجاج المجمد من كل أصقاع الأرض من دول تدعم الانتاج الزراعي وتدعم التصدير علي حساب مزارعنا في قطاع أوشك علي الإفلاس وعلي حساب قوت أطفالنا. وهنا أتساءل هل نترك مزارعنا ونذهب للتجارة والاستيراد ونسرح الآلاف من العاملين؟ أظن أنه آن الأوان لوقف استيراد الدجاج المجمد بكل أنواعه، وهذا يحتاج إلي قرار جريء من الحكومة لإنقاذ ما تبقي من هذا القطاع، وفي هذا السياق لا يفوتني أن أقف بالكلمة, مع مزارعي الخضراوات الذين أفلسوا وعجزوا عن سداد ديونهم والمهددين بثقل الديون وأبواب السجون، فيا من بيدكم القرار رفقا بالقطاع الزراعي فهو في غرفة الإنعاش!
هذ هو النداء الحار الذي يطلقه المهندس الزراعي أحمد أبو دريع، أبقيته كم هو، دون تدخل مني ولو بالصياغة، علما بأن منطقتنا تشتعل بالأحداث الجسام، وخاصة ما يجري في سوريا، وحلب تحديدا حيث تُرتكب مجزرة بشعة بحق هذه المدينة، وتوقف فيها صلة الجمعة، للمرة الأولى منذ الفتح الإسلامي قبل قرن ونصف القرن، ولكن هذا لا يمنع أن نفسح المجال للحديث عما يعانيه قطاع حيوي من قطاعات اقتصادنا الوطني، لم يبق إلا أن ننعيه، ونعلن عن دماره الشامل، فنحن تقريبا في ربع الساعة الأخير من الكارثة، وما لم تتحرك الجهات المسؤولة لإنقاذ هذا القطاع، فسيشهد كارثة كبرى، لا تقل في فداحتها عن كوارث الحروب والنزاعات المسلحة!
لقد قيل الكثير عن المصيبة التي أصابت القطاع الزراعي، وكتب الكثير، ولكن لم تحرك أي من الجهات المسؤولة ساكنا للتحرك لإنقاذه، في الوقت الذي ندرك فيه أن مشكلته جزء من مشاكل المنطقة، وحروبها، ولكن ثمة مساحة معقولة تسمح للجهات ذات العلاقة بالتدخل لوقف الانهيار التام للقطاع الزراعي، أقلها مثلا، وقف الملاحقات القضائية التي طالت عددا كبيرا من مزارعينا، جراء تراكم الديون عليهم، وعجزهم عن السداد، ليس بسبب كسلهم أو استهانتهم بما عليهم من التزامات، بل بسبب الظروف السياسية القاهرة التي جعلتهم في وضع العاجز عن السداد، أما فيما يخص قطاع الدواجن، فثمة ما يقال أكثر، حيث أن هذا القطاع لا يتمتع بأي حماية، ولا نفهم فعلا، كيف يتم السماح بإغراق السوق بالدواجن المستوردة، من كل بلاد العالم، في حين لدينا إنتاج فائض في هذا القطاع، رغم علمنا بالاشتراطات الدولية التي تفرض فتح الأسواق للاستيراد، ومع هذا، نعتقد أن هناك طريقة ما لحماية إنتاجنا المحلي، حيث لا يعجز خبراؤنا ومسؤولونا عن إيجاد طريقة ما لحماية هذا القطاع من الانهيار التام..
نعم هناك ظروف قاهرة، خارج مسؤولية الحكومات، سببت كارثة للقطاع الزراعي، ولكن هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتقها، للقيام بإجراءات هي من صلب اختصاصها، تحمي هذا القطاع، وتنقذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن نصحو ذات يوم، ولا نجد على مائدتنا حبة بندورة!(الدستور)