jo24_banner
jo24_banner

عايش يكتب لجو24: سوق العمل.. شراء للنجاح لا صنعا له

عايش يكتب لجو24: سوق العمل.. شراء للنجاح لا صنعا له
جو 24 :
كتب الخبير الاقتصادي حسام عايش -

من غير المنطقي في ظل نمو اقتصادي لا يزيد كثيرا عن 2.5% ، ومديونية تسارع الخطى لالتهام الناتج المحلي الاجمالي بأكمله، وعجز مزمن في الموازنة العامة، وتراجع في الايرادات، وعجز تجاري يعبر عن عدم قدرة الصادرات على احداث خرق للستار الحديدي الذي تفرضة المستوردات على الاقتصاد والمجتمع، وتراجع في حجم ونوعية الاستثمارات، نقول من غير المنطقي أن تكون حال البطالة أفضل منها في زمن الرواج والنمو الاقتصادي اعندما قارب 8%، وزمن عدد سكان لا يزيد عن 6 مليون نسمه، وزمن الاستثمارات.

لذلك كان مستغربا أن نسمع دائما عن فرص العمل التي أوجدتها وزارة العمل، وعن الحملة الوطنية للتشغيل التي أصبحت أيقونة الانجازات الحكومية بتشغيلها 26 الف عاطل عن العمل في ثلاث سنوات (8670 سنويا أو 720 شهريا أو 25 يوميا)، طبعا دون أن تخبرنا فيمنا اذا استمرهؤلاء في العمل من عدمه، لنتفاجأ بوجود استغلال للبيانات؛ وللشركات والمؤسسات التي توفر تلك الفرص من عندياتها بحسب جريدة الغد، وأن كل ما في الامر الحصول على بيانات مشتغلين جدد (او حاليين يتنقلون بين هذه الوظيفة أو تلك فيتكرر احتساب توظيف بعضهم بين 6 أو 7مرات) لتنسب إلى جهود حملة التشغيل، فالمهم كيف تقدم ما تدعيه جهدك ولو بذلت الحد الادنى منه، والاهم المصطلحات التي تستخدمها في تقديم هذا الجهد، فقد علمنا الامريكيون ونحن أجدنا تعلم البرزنتيشن "presentation"؛ المهم إنجاز"بريزنتيشك" كبديل عن إنجاز مهمتك/وظيفتك؛ حتى لو تضمن ذلك استغلال دورالاخرين، أي شراء( حتى لا نقول غير ذلك) النجاح وليس صنعه، وهذا بالضبط ما يلخص واقعنا.

إن سوق العمل يعاني من فوضى عارمة والبطالة أحد أوجه هذه الفوضى، وقد كشف البنك المركزي في تقريره السنوي أن عدد الأردنيين العاطلين عن العمل زاد بنحو 36 ألف عاطل خلال عام 2015 ليصل إلى حوالي 210 الف عاطل بنهاية ذلك العام ومع ذلك فالفرص التي ينتجها الاقتصاد هامشية في معظمها، وربما تكون في أحيان كثيرة بفعل استقالة شاغليها وليس لان الاقتصاد أوجدها، كما أن معظمها لا يناسب طالبي العمل الاردنيين المطالبين بالقبول بوظائف ومهن وحرف من مخلفات القرن السابق، وتفتقر لمتطلبات المهارة والعلم والمعرفة، حيث تنعدم القدرة على اضافة قيمة اضافية لشاغليها، والاهم أنها هي نفسها التي تستقطب العمالة الوافدة غير المتعلمة وغير المهنية - والتي أحترم جهودها ودورها ومساهمتها في تحقيق النمو الاقتصادي حتى لو كان منخفضا- أي ان المطلوب من الاردني أن يحل محل العامال الوافد في وظيفة ربما يكون ذلك العامل قد أوجدها لنفسه ولم يوجدها الاقتصاد الاردني بفعل نموه أو لانه اكتشف حاجته اليها، فمشكلة البطالة اقتصادية بالاساس وليست تعليمية؛ بدليل أن جميع الوظائف المعروضة على الاردني هي تلك التي يشغلها الوافدون ومن في حكمها، مما يعني أن جهودالحملة الوطنية للتشغيل والاقتصاد والحكومات غنما تنصب في اتجاه واحد وهو ايجاد وظائف للوافدين ثم دعوت الاردنيين للعمل فيها، ما جعل سوق العمل سوقا للخردة الوظيفية وليس للابداع والابتكار والتجديد والمعرفة.

من غير المقبول أن يكون قدر الاردني الباحث عن العمل إما أن يحل محل العامل الوافد، أو أن يُستغل في حال التحق بوظيفة مرتين، الاولى، لاظهار الجهد الحكومي في ايجاد الوظائف، والثانية لاظهار التزام الجهة الموظفة بالتعليمات الحكومية علنا؛ فيما تقوم بتطفيشه سرا.

وفي جميع هذه الحالات فإن ما يحدث ليس الا استثمارا بحاجة الاردني للعمل، وفيه تلاعب/إستغلال لأهم موارد الاردن "الانسان"، ولو حدث هذا التلاعب أو الاستغلال حتى لو تم بحسن نية في دولة اوروبية لاستقالت حكومتها، ولتغيرت مناهج التعليم، ولاعتبرت الدولة والمجتمع في حالة طوارئ دائمة لايجاد حلول مبتكرة وابداعية وجديدة لقضية البطالة، بمساعدة ورقابة ومتابعة مجلس نيابي يلعب دوره، ومؤسسات مجتمع مدني حقيقية، وقطاع خاص يسعى للشراكة مع المجتمع.
 
تابعو الأردن 24 على google news