المجلس السابع عشر أهمل سلطاته الرقابية والتشريعية.. ونواب اصطفوا الى جانب الشعب
جو 24 :
مالك عبيدات - تمكن مجلس النواب السابع عشر من اكمال ثلاث سنوات ونصف من عمره بخلاف المجلسين السابقين اللذين صدرت ارادة ملكية بحلّهما عقب سنتين فقط من انطلاق اعمال كلّ منهما، الأمر الذي جعله أمام مهام رقابية وتشريعية كبيرة لا بدّ من انجازها على أفضل وجه.
وبشكل عامّ فإن المجلس تمكّن من انجاز العديد من القوانين ووجه أعضاؤه كثيرا من الأسئلة الرقابية، ولكن السؤال هو "كيف أنجز تلك القوانين وماذا استفاد المواطن من النواب؟ وهل تمكن المجلس من حماية مصالح الوطن والمواطن أم أن الحكومة تصرّفت كما تشاء وكيفما شاءت؟!".
في الحقيقة إن المجلس السابع عشر بدا غير مهتمّ ولا متمسكا بصلاحياته الممنوحة له بموجب الدستور ومنطق الأمور، بل إنه في بعض المفاصل والمنعطفات جرّ الويلات على الأردنيين بعدم وقوفه في وجه ممارسات وسياسيات حكومة الدكتور عبدالله النسور التي أفقرت العباد وعافها الناس.
* الجانب التشريعي
أقرّ مجلس النواب السابع عشر 185 قانونا، الكثير منها يمسّ حياة المواطن بشكل مباشر وله أثر سلبي عليه، كما أن تلك القوانين كانت منحازة بشكل كبير إلى السلطة التنفيذية ورأس المال.
ومرر النواب معظم التشريعات الواردة إليه من الحكومة دون اجراء تعديلات جوهرية عليها، بل إنهم وفي عدة مرات انقلبوا على أنفسهم، كما أنهم مرروا التعديلات الدستورية التي كانت تقدّم لهم في وقت قياسي وبما يتعارض مع مبادئ ومنطق الدستور والأمور.
ومن ابرز ما تم اقراره من قبل مجلس النواب السابع عشر:
- التعديلات الدستورية التي نزعت الولاية العامة من رئيس الوزراء ومنحت الملك سلطات تنفيذية تجعله موضع مساءلة وهذا ما يعتبر اساءة للملك بجعله في مواجهة الشعب بالاضافة لكونه اساءة للدستور.
- قانون صندوق الاستثمار الأردني والذي أتاح للشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات والاسرائيلية استباحة املاك الوطن العامة والخاصة دون اخضاعها لرقابة وسلطة القانون.
- قانون الانتخاب والذي يعتبرمن اسوأ القوانين والنظم الانتخابية على الاطلاق وقد اثار جدلا وسعا بين الاحزاب السياسية والنخب السياسية في الشارع الاردني بعد أن أعاد قانون الصوت الواحد بصورة جديدة.
- قانون المطبوعات والنشر؛ لم يقم مجلس النواب باجراء تعديلات على قانون المطبوعات والنشر العرفي والمقيّد للحريات بالرغم من التعهدات الكثيرة التي أطلقها النواب.
- قانون منع الارهاب والذي اصبح سيفا مسلطا على رقبة المواطن واثر بشكل كبير على الحريات في الاردن.
- قانون الجرائم الالكترونية، والذي أتاح حبس الصحفيين وحدّ من حرية التعبير في الاردن واصبح يحاسب المواطن على أي منشور أو كلمات يكتبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
- قانون العمل والعمال؛ لم يقم النواب باجراء التعديلات المطلوبة على القانون ليكون متوافقا مع نصوص الدستور وفتاوى المحكمة الدستورية.
- قانون الكسب غير المشروع، والذي منع محاسبة الفاسدين السابقين بأثر رجعي بالاضافة الى عدم حماية المبلغ عن أي قضية أو شبهة فساد.
- قانون الضمان الاجتماعي الذي رفع به النواب سنّ التقاعد وخفّضوا معادلة الحسبة التقاعدية.
- قانون التقاعد المدني، والذي حاول فيه النواب تثبيت راتب تقاعدي لهم يوازي تقاعد الوزراء، قبل أن يقوم الملك بردّه.
* الجانب الرقابي
وجه النواب طيلة فترة نيابتهم 3095 سؤالا ورفعوا 549 مذكرة نيابية، إلا أن استجابة الحكومة كانت في حدّها الأدنى، وبلغت بحسب النائب عبدالكريم الدغمي نحو 14% من مجمل الاسئلة.
وقدم " 81 " استجوابا للحكومة وقدم "36 " طلب مناقشة وتم تقديم " 57 " اقتراح بقانون " 29" اقتراح برغبة و "9" شكاوى في "294" جلسة.
* فقدان النصاب
ألصق المجلس السابع عشر بنفسه صفة "تهريب النصاب" وذلك خلال مناقشة أبرز القوانين وأكثرها حساسية، مثل جلسات مناقشة قانون الموازنة وقانون ضريبة الدخل ورفع الكهرباء وجلسة مناقشة استيراد الغاز من الاحتلال الصهيوني والتي كان من المنتظر ان يحسم النواب الأمر ويتصدوا بحزم لتوجهات الحكومة لاستيراد الغاز من اسرائيل.
ودفع تزايد فقدان النصاب الملك لايصال رسالة للمجلس حول اهمية ضبط ظاهرة فقدان النصاب لاستكمال عملهم على الوجه المطلوب.
وشهدت جلسة مناقشة تقارير ديوان المحاسبة وهي إحدى أهم الجلسات الرقابية فقدان النصاب وتوقف النقاش، بالرغم مما ورد في تلك التقارير من مخالفات وتجاوزات قدرت بمئات الملايين.
ورجح المراقبون ان يكون فقدان النصاب في بعض الجلسات وخاصة الرقابية مبرمجا وبناء على اتصالات من الحكومة وعدة جهات أخرى مع النواب المهادنين لها.
* طرح الثقة
توالت مذكرات طرح الثقة بالحكومة والتلويح بطرحها من قبل النواب، لكنّ تلك المساعي لم تنجح إلا مرة واحدة عقب اغتيال القاضي الأردني رائد زعيتر على يد قوات الاحتلال الصهيوني، وحصل حينها الدكتور النسور على ثقة أكبر من الأولى بعكس توقعات وآمال الشارع الأردني.
* طرافة دخلت العالمية
لا ينسى الشعب الاردني المواقف الطريفة والغريبة التي حصلت تحت قبة البرلمان للمجلس السابع عشر، وأثارت الكثير من الاستهجان والاحباط وأحيانا الضحك ايضا.
من ابرز هذه المواقف (حادثة الكلاشنكوف) والتي كان أبطالها النائبان قصي الدميسي وطلال الشريف، بعد مشاجرة كبيرة خلال مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2013.
ومن المواقف الطريفة الاخرى واقعة (اقعدي ياهند) من بطولة النائب هند الفايز ويحيى السعود والتي تناولتها صحف عالمية واثارت استياء منظمات نسويه، الفايز التي كانت ترد بانفعال على تعليقات النائب عبد المجيد الأقطش المطالب بالافراج عن القيادي في جماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد وتغيير التعامل الرسمي "الجلف" مع الحركة الاسلامية. الفايز لم تعطِ النائب السعود مجالا للكلام بالرغم من نداءاته المتكررة (اقعدي ياهند) حتى انفعل السعود وقال دعوته الشهيرة "الله ينتقم منه اللي جاب الكوتا على المجلس".
ايضا من المواقف الطريفة التي كان بطلها يحيى السعود حين عمد لاغلاق كاميرا التلفزيون الاردني ومصادرة المايكرفون لمنع رئيس الوزارء النسور من الحديث وبث كلمته .
* نواب اختاروا الاصطفاف الى جانب الشعب
على الرغم من كلّ تلك السلبيات إلا أننا وطيلة مدة عمر مجلس النواب سجّلنا لبعض النواب انحيازهم الدائم الى موقف الشارع ورغباته، سواء كان ذلك في اقرار القوانين والتشريعات أو محاسبة الحكومة ومساءلتها، لكن المؤسف أن نسبتهم لم تتجاوز 35%.