الجريمة الجريمة يا وزير الداخلية
فايز شبيكات الدعجة
جو 24 :
لنكن واقعيين ولا داعي للحساسية المفرطة من الدعوة لمواجهة الحقيقة . التصريحات الأخيرة للأمن العام حول تفشي الجريمة مرتبكة وتناقض بعضها .
بالتزامن مع الإعلان المتكرر عن انخفاض أعداد الجرائم صدر بيان صادم يؤكد ارتفاعها بل وتضاعفها ويعلن خلال محاضرة بجمعية أصدقاء الشرطة عن وجود ثلاثة عشر ألف سجين داخل مراكز الإصلاح والتأهيل ، وهذا رقم قياسي مرعب . لقد كان العدد في بحر السبعة آلاف سجين فقط عام 2007 م عندما كنت مديرا لمراكز الإصلاح والتأهيل المهني ، وأكد لي مسئول كبير في المديرية ان الرقم بقي ضمن هذا الحد حتى عام 2011م قبل مغادرته الوظيفة .
يدرك وزير الداخلية تمام الإدراك ان هذه التناقضات مؤسفة ويصعب من خلالها التقاط الحقيقة الضائعة ، وتتلاشى معها الكثير من مقومات الثقة بالإعلام الأمني ، والأكثر أسفا ذلك التركيز على الوعظ والإرشاد الجنائي ، والمعالجات اللفظية لمعضلة تسارع الانتشار الجنائي ، والتوسع المفرط بالدوائر والوحدات الإعلامية وصلت الى درجة إنشاء محطة فضائية ، بينما لا زالت أجهزة الملاحقة والضبط الميدانية تعمل بإمكانياتها التقليدية المتواضعة ، الأمر الذي يفسر بسهولة حالة الانفلات الأمني التي يعاني منها المجتمع الأردني هذه الأيام.
يقال ان المخدرات تباع الآن على قارعة الطريق والحصول عليها أسهل من الحصول على الخبز ، وتعاني نسبة كبيرة من اسر المجتمع الأردني حياة عسيرة شاقة بسبب هذه الآفة العنيده.
كثرة الجرائم تطرد الاستثمار ، ونجاح الحكومة الجديدة مرتبط بشكل او بآخر بحالة الأمن ، وأعلن رئيس الوزراء الجديد هاني الملقي في أول تصريح له ان الحكومة ستعمل على تعزيز سيادة القانون وتطبيقها على الجميع دون محاباة، وان عنوان المرحلة سيكون الحزم بتطبيق القانون ، وانه سيحسن الاقتصاد والاستثمار والعلاقات مع السعودية ودول الخليج . وجذب المستثمرين وإعادة ثقة التجار والمستثمرين بالاقتصاد الأردني .. ولا بد ان وزير الداخلية سيكون أول المتفاعلين مع التوجه الجديد ،وسيمسك بالملف الجنائي ولن يشغله ضغط الانتخابات النيابية .
كثر الحديث عن ان نعمة الأمن والاستقرار التي ينفرد بها الأردن بدأت بالاهتزاز ، وأننا نقف اليوم على عتبات الدخول في مرحلة هامة وخطرة، ومن المتوقع ينصت وزير الداخلية لما يقوله الواقع في هذه المرحلة الدقيقة بالذات ، ويبادر لإخضاع الأداء الأمني لفحص شمولي، ويزن الأمور بميزان علمي دقيق، ويدع جانبا ما يروى من قصص خيالية عن كيفية تحقيق انجازات أمنية لم تحصل مدعمة بأرقام مزيفة.
سبق لوزير الداخلية ان حقق نجاحا امنيا فريدا وأنهى معضلة مدينة معان المزمنة بأسلوب آمن ودود وبالطرق القانونية الحازمة ، فهل سينجح يا ترى بتحقيق المزيد؟.