لافروف والملكيات غير الديمقراطية
ياسر ابو هلاله
جو 24 : تصنع لحظة الحرب في سورية عندما تلتقي الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي في نفس المطار، مع فارق أن المسافر الأميركي في طائرة مغادرة، والروسي في طائرة قادمة. وفي لقاءاته، يتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وكأن الاتحاد السوفيتي لم يتفكك، إلى درجة الحديث عن صواريخ "ستينغر" التي ساهمت في هزيمة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، مع أنه يدرك أن دخولها يعني نهاية سلاح الجو السوري الذي تسقط طائراته بصواريخ ومضادات دون كفاءة "ستينغر".
عصبية لافروف سببها خوفه من القادم بعد الانتخابات الأميركية؛ فأيا كان الفائز، فسيكون من أولى قراراته رفع الحظر عن السلاح النوعي للثوار السوريين. وهو ما يعني دخول مضادات الطيران والدروع النوعية، التي ستجعل نهاية النظام وشيكة. فالثوار بدون السلاح النوعي تمكنوا من تحقيق تقدم نوعي في كل الجبهات. وخلال الشهرين الماضيين، لم يتمكن النظام من تحقيق أي تقدم في أي منطقة. وفي المقابل، تصرف بطريقة "ضربة مقفي"، مستخدما سياسة الأرض المحروقة، مدخلا مصطلحا جديدا في الحروب، وهو إلقاء "البراميل" المتفجرة على المناطق السكنية، محققا زيادة كبيرة في عدد المجازر التي بات صعبا إحصاؤها.
تشبه لغة لافروف في اللقاءات الخاصة أحاديث شبيحة النظام السوري في فضائية "دنيا". فهو يخوض صراعا مع أميركا، ويرفض أن يتكرر ما حصل في العراق وليبيا في سورية، وينتقد الملكيات باعتبارها غير ديمقراطية. وبالنسبة له، فإن القضية هي مع أميركا وليست مع الشعب السوري، والثمن الذي يطلبه لا يستطيع الشعب السوري دفعه. فما يريده هو النفوذ الأميركي في جورجيا؛ بمعنى مقايضة نفوذ روسيا البعيد في العراق وليبيا وسورية، بنفوذ أميركا القريب منها.
ما يتناساه لافروف هو أن الشعب السوري قاتل الأميركيين في العراق، وقضى زهرة شبابه في مواجهات مع القوات الأميركية. وقبل ذلك، كان جيش حافظ الأسد يقاتل ضد صدام حسين في الكويت. ومشكلة صدام وقتها أنه لم يدرك أن الحرب الباردة انتهت، وهو ما أدركه الأسد الأب. أما ليبيا، فقد باع القذافي نفسه للأميركيين، وسلم الأسرار النووية الباكستانية. وكانت علاقات سيف الإسلام والمعتصم بالأميركيين لا تقل عن علاقة محمد دحلان بهم. في المقابل، فإن عبدالحكيم بلحاج كان معتقلا في السجون السرية!
وبخصوص الملكيات، سواء الخليجية منها أم الأردنية والمغربية، وبمعزل عن منسوب الديمقراطية فيها، وعلى ما بينها من تفاوت، لم تمارس ضد شعوبها ما مارسه بشار الأسد. فالمظاهرات التي شهدتها الكويت مؤخرا، ومقارنة بعدد السكان، لم يشهدها بلد عربي، ومع ذلك لم يطلق الرصاص على المتظاهرين. وهذا حصل في الأردن والمغرب من قبل. والغرب لم يوفر الملكيات في ملف حقوق الإنسان.
لم يجد لافروف من يشتري كلامه. والمفارقة أنه يحاول إقناع رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب بأن روسيا لا تدعم النظام السوري، متناسيا أن حجاب بحكم موقعه السابق كان مطلعا على حجم الدعم، عسكريا وأمنيا واقتصاديا، ولذا اعتذر عن عدم تلبية دعوة لافروف لزيارة موسكو ما لم تغير موقفها. وفي الوقت الذي يتحدث فيه عن صواريخ "ستينغر"، لا يجيب عما ضبطته السلطات التركية في الطائرة القادمة من موسكو، والتي لم تكن تحمل مواد طبية لإسعاف من تقصفهم طائرات "الميغ".
لقد خسرت روسيا ملكيات جمهورية في ليبيا وسورية، ولا داعي لأن تخسر الملكيات الوراثية.
yaser.hilila@alghad.jo
(الغد)
عصبية لافروف سببها خوفه من القادم بعد الانتخابات الأميركية؛ فأيا كان الفائز، فسيكون من أولى قراراته رفع الحظر عن السلاح النوعي للثوار السوريين. وهو ما يعني دخول مضادات الطيران والدروع النوعية، التي ستجعل نهاية النظام وشيكة. فالثوار بدون السلاح النوعي تمكنوا من تحقيق تقدم نوعي في كل الجبهات. وخلال الشهرين الماضيين، لم يتمكن النظام من تحقيق أي تقدم في أي منطقة. وفي المقابل، تصرف بطريقة "ضربة مقفي"، مستخدما سياسة الأرض المحروقة، مدخلا مصطلحا جديدا في الحروب، وهو إلقاء "البراميل" المتفجرة على المناطق السكنية، محققا زيادة كبيرة في عدد المجازر التي بات صعبا إحصاؤها.
تشبه لغة لافروف في اللقاءات الخاصة أحاديث شبيحة النظام السوري في فضائية "دنيا". فهو يخوض صراعا مع أميركا، ويرفض أن يتكرر ما حصل في العراق وليبيا في سورية، وينتقد الملكيات باعتبارها غير ديمقراطية. وبالنسبة له، فإن القضية هي مع أميركا وليست مع الشعب السوري، والثمن الذي يطلبه لا يستطيع الشعب السوري دفعه. فما يريده هو النفوذ الأميركي في جورجيا؛ بمعنى مقايضة نفوذ روسيا البعيد في العراق وليبيا وسورية، بنفوذ أميركا القريب منها.
ما يتناساه لافروف هو أن الشعب السوري قاتل الأميركيين في العراق، وقضى زهرة شبابه في مواجهات مع القوات الأميركية. وقبل ذلك، كان جيش حافظ الأسد يقاتل ضد صدام حسين في الكويت. ومشكلة صدام وقتها أنه لم يدرك أن الحرب الباردة انتهت، وهو ما أدركه الأسد الأب. أما ليبيا، فقد باع القذافي نفسه للأميركيين، وسلم الأسرار النووية الباكستانية. وكانت علاقات سيف الإسلام والمعتصم بالأميركيين لا تقل عن علاقة محمد دحلان بهم. في المقابل، فإن عبدالحكيم بلحاج كان معتقلا في السجون السرية!
وبخصوص الملكيات، سواء الخليجية منها أم الأردنية والمغربية، وبمعزل عن منسوب الديمقراطية فيها، وعلى ما بينها من تفاوت، لم تمارس ضد شعوبها ما مارسه بشار الأسد. فالمظاهرات التي شهدتها الكويت مؤخرا، ومقارنة بعدد السكان، لم يشهدها بلد عربي، ومع ذلك لم يطلق الرصاص على المتظاهرين. وهذا حصل في الأردن والمغرب من قبل. والغرب لم يوفر الملكيات في ملف حقوق الإنسان.
لم يجد لافروف من يشتري كلامه. والمفارقة أنه يحاول إقناع رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب بأن روسيا لا تدعم النظام السوري، متناسيا أن حجاب بحكم موقعه السابق كان مطلعا على حجم الدعم، عسكريا وأمنيا واقتصاديا، ولذا اعتذر عن عدم تلبية دعوة لافروف لزيارة موسكو ما لم تغير موقفها. وفي الوقت الذي يتحدث فيه عن صواريخ "ستينغر"، لا يجيب عما ضبطته السلطات التركية في الطائرة القادمة من موسكو، والتي لم تكن تحمل مواد طبية لإسعاف من تقصفهم طائرات "الميغ".
لقد خسرت روسيا ملكيات جمهورية في ليبيا وسورية، ولا داعي لأن تخسر الملكيات الوراثية.
yaser.hilila@alghad.jo
(الغد)