نظارة جوجل الجديدة تساعد الأطفال المُصابين بالتوحّد على فهم تعبيرات الوجه
شأنه شأن العديد من الأطفال المُصابين بالتوحُّد، لدى جوليان براون صعوبة في قراءة المشاعر على وجوه الناس، وتُعدُ تِلك أكبر التحديات بالنسبة للأشخاص المُصابين بهذا الاضطراب العصبي.
لكن جوليان البالغ من العمر 10 سنوات، بمدينة سان جوزيه بولاية كاليفورنيا الأميركية، يتلقى الآن مُساعدة من "نظارة التوحد"، وهو جهاز قيد التجريب يقوم بتُسجيل وتفسير الوجوه في نفس الوقت، ويُنبه الطفل إلى العواطف التي يعبرون عنها.
وتعمل نظارة جوجل الجديدة المُطورة من قِبل جامعة ستانفورد، بواسطة برمجية التعرف على الوجه، وهي عبارة عن سماعة مزوّدة بكاميرا أمامية، وشاشة دقيقة فوق العين اليُمنى.
أما جوليان فهو واحد من حوالي 100 طفل يُشاركون بالدراسة التي تُجريها جامعة ستافورد لبحث ما إذا كان بمقدور "نظارة التوحّد" تحسين قدرتهم على تفسير تعبيرات الوجه.
يقول جوليان: "هذه ليست آلة بإمكانها قراءة عقلك، لكنها تُساعدك فيما يتعلق بالعواطف، إذ تتعرف عليها".
ويرتدي جوليان الجهاز كل يوم لثلاث جلسات تستغرق كل منهما 20 دقيقة، يتواصل فيها مع أفراد أسرته وجهاً لوجه، يتحدثون، يلعبون، ويتناولون وجباتهم، ويعمل البرنامج على هاتف ذكي يُسجل تلك الجلسات.
فعندما تكتشف كاميرا الجهاز شعوراً مثل السعادة أو الحزن، يرى جوليان كلمة "سعيد" أو "حزين" أو يظهر رمزٌ تعبيريٌ مماثلٌ للحالة على شاشة النظارة.
يقول دينيس وول، من المُختبر الذي تُجرى فيه الدراسة: "إن المقصد من برنامج النظارة هو تعليم الأطفال المُصابين بالتوحد كيفية فهم ما تُخبرهم به الوجوه، ونعتقد أنه عندما يحدث ذلك سيصبحون أكثر اندماجاً في المجتمع".
وقد طوّر الطالب بجامعة ستانفورد كاتالين فوس، والباحث نك هاربر تكنولوجيا لتتبع الوجوه والكشف عن المشاعر بعدد كبير من الإعدادات وعلى عدد كبير من الناس.
يقول فوس الذي استلهم الفكرة جُزئياً من خلال ابن عمّه المُصاب بالتوحُّد: "لقد كانت الفكرة لدينا في الأساس في خلق مساعد من شأنه التعرف على التعبيرات والوجوه، ويقدم لك تلميحاً بها وفق ذلك".
وقد أبدى المُدافعون عن مرضى التوحد شغفهم بتطوير تكنولوجيات من شأنها مُساعدة ما يُقدر بنحو طفل مُصاب بالتوحد من بين كل 68 طفلاً أميركياً.
وقد أمدت شركة جوجل جامعة ستانفورد بحوالي 35 نظارة من إصداراتها، ومع ذلك لم تقم بالتدخل في المشروع، وكانت الشركة العملاقة في وادي السيلكون قد توقفت عن إنتاج السماعات في العام الماضي إثر الإخقاق في تحقيق نجاح ملموس، ولكن الجهاز وجد طريقه للحياة مرّة أُخرى.
وتطور شركة Brain Power الناشئة في كامبردج أيضاً نظارة جوجل بناءً على تطبيقات من شأنها مساعدة الأطفال المُصابين بالتوحد على تحسين مهاراتهم الاجتماعية وامكانية قراءة الوجوه عندهم.
يقول روبرت رينغ، مدير المكتب العلمي بمنظمة Autism Speaks المعنية بمرضى التوحد: "إن النظارات والتكنولوجيا القابلة للارتداء هي المُستقبل، إذ ستلعب دوراً محورياً في كيفية فهمنا وتعاملنا وتشخيصنا لاضطرابات التوحد".
وفي الوقت الراهن يتعلم العديد من الأطفال المُتوحدين قراءة التعبيرات الوجهية بالعمل مع مُعالجين يستخدمون بطاقات تعليمية تبين مشاعر مُختلفة، ويأمل فريق جامعة ستانفرد أن تتمكن نظارة التوحد من توفير علاجٍ مُريحٍ وفي المُتناول بإمكان العائلات استخدامه في المنزل.
"إن الأطفال المُصابين بالتوحّد لا ينالون الاهتمام الكافي الذي يحتاجونه طالما احتاجوا إليه، ومن الضروري أن نحل هذه المُشكلة.
وإذا أظهرت الدراسة نتائج إيجابية فإن هذه التكنولوجيا قد تصبح مُتاحة تجارياً خلال عامين.
أي شيء بإمكانه مُساعدة هؤلاء الأشخاص هو محل ترحيب وهام للغاية، ولكن حتى أفضل تكنولوجيا لن تكون كافية، لأننا نتعامل مع أفراد عادة ما تكون لديهم احتياجات عميقة جداً جداً، هكذا يقول جيل إيستشر، رئيس جمعية التوحد في سان فرانسيسكو.
وعلى الرغم من أن الدراسة لازالت في مراحلها الأولى، يقول وول إن الأطفال المُشاركين قد أبدوا تحسناً في قدراتهم على قراءة الوجوه، كما أن ردود الفعل من قِبل الأسر جاءت مُشجعة.
وتقول كرستين براون، والدة جوليان: "لقد ساعد ذلك ابني على التواصل مع العائلة أكثر من السابق، أعتقد أن تلك النظارات تُعتبر طريقة إيجابية لتشجيع الطفل على النظر إلى وجه شخص آخر".
أبدى جوليان كذلك رأيه في الجهاز، قائلاً: "أنا حقاً أعتقد أنه سيساعد الأشخاص المُصابين بالتوحد كثيراً".