الحقيقة المرة
نضال منصور
جو 24 : شكراً لدولة رئيس الوزراء وللحكومة على تلطفهم في مشاورة الناس وقياداتهم في المصير الاقتصادي الذي يواجهونه، وشكراً لأنهم بصّرونا بأن وضعنا صعب جداً جداً، وبأن علينا أن نتكاتف، وأن نتقبل بصدر رحب قرارات رفع الأسعار بدءاً من المحروقات والبقية لا نعرفها!.
سؤالي للرئيس النسور وطاقمه الوزاري، لو قال مجلس الأعيان مثلاً للحكومة لا ترفعوا الأسعار .. هل ستلتزمون بالأمر، ولو رفع الشارع صوته محذراً من "كارثة" اللعب بخبزهم .. هل ستمتثلون وتنصاعون لنداء الناس بل لرجائهم؟!.
الحقيقة المرة أن الحكومة لن تتراجع عن قرار رفع الأسعار، وقد اتخذته فعلاً، ولم يتبق سوى التنفيذ، وكل ما فعلته جولة "علاقات عامة"، وبروباغندا لعلها تخفف من ردة فعل الشارع المنهك والغاضب.
ومرة أخرى لا أحد ينكر أننا نواجه أزمة اقتصادية، وكلنا صرنا نعرف أن المساعدات شحيحة، وأن الوعود التي صرفها الأشقاء والأصدقاء لمساعدتنا ونجدتنا لم يتحقق منها إلا القليل القليل.
دائماً نواجه تحديات غير مسبوقة، ومع ذلك لا يشتري أحد كلام الحكومة وبضاعتها في أحلك الظروف.
المشكلة إذن ليست في أن نصدق أننا نمر بأزمة اقتصادية، بل بالثقة بحكوماتنا على مر السنوات، وبخياراتها، وأولوياتها، وآليات عملها، وليس أسهل من التشكيك بسياسات الحكومة وبرامجها، ولسان حالهم يقول: قبل أن ترفعوا الأسعار على الغلابى، ابدأوا ببرنامج تقشفي يطاولكم، لماذا لا تخفض رواتب الوزراء مثلاً، لماذا لكل وزير سيارة مرسيدس آخر موديل وسائق، لماذا كل هذا السفر، والمستشارون الذين لا يفعلون شيئاً، وهكذا، فإن المواطنين لا يريدون أن تكون جيوبهم أقصر الطرق دائماً لحل الأزمات الاقتصادية.
ربما يضحك بعض المسؤولين من هذا الكلام، ويقولون بأن رواتب الوزراء عادية جداً، ولا بذخ عندنا، ولكن في كثير من الدول الأوروبية يحضر الوزراء بدرجات هوائية لعملهم، ليس توفيراً للوقود فقط بل حماية للبيئة، ويفعلون ما يفعله الناس عامة.
نريد باختصار برنامجاً تقشفياً معلناً للحكومة والدوائر المستقلة، وكل مؤسسات الدولة، حتى نعرف كم سيتوفر لخزينة الدولة، وأعتقد أن مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب تستطيع أن تقدم تصوراتها للترشيد، وأيضاً عليها تأسيس مراصد للتأكد من تطبيق الحكومة ومؤسساتها هذا البرنامج التقشفي وفضح كل الخروقات له.
لا يسلّم الناس بأن الحكومة تخسر من بيع البنزين، وكثير من الخبراء يشككون أولاً بسياسة التسعير التي تتبعها، وكأنها سر نووي لا نعرف تفاصيله، ويذهبون إلى اليقين بأن الحكومة تربح من بيع البنزين، ويذكرون بأن بعض رجال الأعمال المعروفين، وشركات عالمية، عرضوا على الحكومة السماح لهم باستيراد المشتقات النفطية وبيعها في السوق مباشرة بأسعار أقل من الأسعار التي تبيعها الحكومة حالياً، ملمحين إلى أن هناك مشكلة في مصفاة بترولنا، ونوعية البترول الذي تكرره.
الدعوة لبرنامج تقشفي، ومراجعة سياسة تسعير البترول قبل رفع سعره، غيض من فيض يطالب الناس به، ويدعون إلى العودة أولاً وقبل كل شيء إلى موازنة الدولة لمراجعة الإنفاق المخصص بها، ويتساءلون لو خفضنا الأرقام المالية المخصصة للإنفاق، هل نحتاج إلى رفع الأسعار، وإلى تحميل المواطن أعباء اقتصادية جديدة؟.
بصراحة لا نريد أن يظل المواطن "البقرة الحلوب" للحكومة، والناس تعبت، وتريد من يرش الملح على الجرح ولو كان مؤلماً.
المواطنون يتألمون للحال التي وصلت له مديونية الدولة، ولكنهم ليسوا شركاء في صناعة هذا الوضع الاقتصادي المتردي، ولذلك من العبث تحميلهم أعباء ما حدث، ومطالبتهم بالصبر، وشد الأحزمة، وتحمل الخطايا لكوارث صنعها رؤساء حكومات ووزراء ومتنفذون، ولا أحد يسائلهم ويحاسبهم عما فعلوا، بل يقال للناس اصبروا فالفرج قريب، وادفعوا لإنقاذ وطنكم!.
(الغد)
سؤالي للرئيس النسور وطاقمه الوزاري، لو قال مجلس الأعيان مثلاً للحكومة لا ترفعوا الأسعار .. هل ستلتزمون بالأمر، ولو رفع الشارع صوته محذراً من "كارثة" اللعب بخبزهم .. هل ستمتثلون وتنصاعون لنداء الناس بل لرجائهم؟!.
الحقيقة المرة أن الحكومة لن تتراجع عن قرار رفع الأسعار، وقد اتخذته فعلاً، ولم يتبق سوى التنفيذ، وكل ما فعلته جولة "علاقات عامة"، وبروباغندا لعلها تخفف من ردة فعل الشارع المنهك والغاضب.
ومرة أخرى لا أحد ينكر أننا نواجه أزمة اقتصادية، وكلنا صرنا نعرف أن المساعدات شحيحة، وأن الوعود التي صرفها الأشقاء والأصدقاء لمساعدتنا ونجدتنا لم يتحقق منها إلا القليل القليل.
دائماً نواجه تحديات غير مسبوقة، ومع ذلك لا يشتري أحد كلام الحكومة وبضاعتها في أحلك الظروف.
المشكلة إذن ليست في أن نصدق أننا نمر بأزمة اقتصادية، بل بالثقة بحكوماتنا على مر السنوات، وبخياراتها، وأولوياتها، وآليات عملها، وليس أسهل من التشكيك بسياسات الحكومة وبرامجها، ولسان حالهم يقول: قبل أن ترفعوا الأسعار على الغلابى، ابدأوا ببرنامج تقشفي يطاولكم، لماذا لا تخفض رواتب الوزراء مثلاً، لماذا لكل وزير سيارة مرسيدس آخر موديل وسائق، لماذا كل هذا السفر، والمستشارون الذين لا يفعلون شيئاً، وهكذا، فإن المواطنين لا يريدون أن تكون جيوبهم أقصر الطرق دائماً لحل الأزمات الاقتصادية.
ربما يضحك بعض المسؤولين من هذا الكلام، ويقولون بأن رواتب الوزراء عادية جداً، ولا بذخ عندنا، ولكن في كثير من الدول الأوروبية يحضر الوزراء بدرجات هوائية لعملهم، ليس توفيراً للوقود فقط بل حماية للبيئة، ويفعلون ما يفعله الناس عامة.
نريد باختصار برنامجاً تقشفياً معلناً للحكومة والدوائر المستقلة، وكل مؤسسات الدولة، حتى نعرف كم سيتوفر لخزينة الدولة، وأعتقد أن مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب تستطيع أن تقدم تصوراتها للترشيد، وأيضاً عليها تأسيس مراصد للتأكد من تطبيق الحكومة ومؤسساتها هذا البرنامج التقشفي وفضح كل الخروقات له.
لا يسلّم الناس بأن الحكومة تخسر من بيع البنزين، وكثير من الخبراء يشككون أولاً بسياسة التسعير التي تتبعها، وكأنها سر نووي لا نعرف تفاصيله، ويذهبون إلى اليقين بأن الحكومة تربح من بيع البنزين، ويذكرون بأن بعض رجال الأعمال المعروفين، وشركات عالمية، عرضوا على الحكومة السماح لهم باستيراد المشتقات النفطية وبيعها في السوق مباشرة بأسعار أقل من الأسعار التي تبيعها الحكومة حالياً، ملمحين إلى أن هناك مشكلة في مصفاة بترولنا، ونوعية البترول الذي تكرره.
الدعوة لبرنامج تقشفي، ومراجعة سياسة تسعير البترول قبل رفع سعره، غيض من فيض يطالب الناس به، ويدعون إلى العودة أولاً وقبل كل شيء إلى موازنة الدولة لمراجعة الإنفاق المخصص بها، ويتساءلون لو خفضنا الأرقام المالية المخصصة للإنفاق، هل نحتاج إلى رفع الأسعار، وإلى تحميل المواطن أعباء اقتصادية جديدة؟.
بصراحة لا نريد أن يظل المواطن "البقرة الحلوب" للحكومة، والناس تعبت، وتريد من يرش الملح على الجرح ولو كان مؤلماً.
المواطنون يتألمون للحال التي وصلت له مديونية الدولة، ولكنهم ليسوا شركاء في صناعة هذا الوضع الاقتصادي المتردي، ولذلك من العبث تحميلهم أعباء ما حدث، ومطالبتهم بالصبر، وشد الأحزمة، وتحمل الخطايا لكوارث صنعها رؤساء حكومات ووزراء ومتنفذون، ولا أحد يسائلهم ويحاسبهم عما فعلوا، بل يقال للناس اصبروا فالفرج قريب، وادفعوا لإنقاذ وطنكم!.
(الغد)