لماذا تتهرب السلطة من التحقيق في اغتيال عرفات؟!
ياسر الزعاترة
جو 24 : فجأة ظهرت للرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله أخت؛ خرجت تطالب بعدم استخراج رفات أخيها لأغراض الفحص. لم نسمع بالأخت الفاضلة من قبل، ليس لعدم وجودها؛ بل لأنها لم تتدخل في أي شأن مشابه طوال الفترات التي تم خلالها تداول الحديث عن جريمة اغتيال الرجل والتحقيق فيها، وإن سمعنا عن ابن أخت للراحل هو ناصر القدوة (لعلها والدته).
لا حاجة لكثير من الذكاء حتى يدرك المراقب أن السلطة هي من استدعى الأخت الفاضلة لكي تطالب بعدم استخراج الجثة، لاسيما أنها تعلم بقرار استخراجها منذ شهور، ولم تتحرك لمنع ذلك بأي شكل كان.
نعلم أن الأخت ليست هي الوصية على الراحل، لاسيما إذا تذكرنا أن الأمر يتعلق بالقانون الفرنسي الذي يحصر الأمر في زوجته وابنته. والنتيجة أن القصة برمتها هي محض مماحكة من طرف السلطة.
ولكن لماذا استدعت السلطة أخت الراحل لكي تطالب بما طالبت به الآن، فيما وافقت من قبل (أعني السلطة) على التحقيق واستخراج الجثة، وأعلنت أنها ستستقبل الفريق السويسري الذي أكد وجود البلوتونيوم في متعلقات عرفات بعد فحصها بناء على طلب من الصحفي الذي أجرى التحقيق لحساب الجزيرة، في ذات الوقت الذي وافقت فيه على استقبال فريق التحقيق القضائي الفرنسي بناء على الدعوى التي أقامتها زوجته في المحاكم الفرنسية.
المفاجأة الجديدة التي أربكت السلطة وأفقدتها صوابها ودفعتها لاستدعاء شقيقة الراحل تتمثل في طلب القضاة الفرنسيين التحقيق مع عدد من الأشخاص الذين كانوا يحيطون بعرفات في أيامه الأخيرة لكي يتوصلوا إلى الكيفية التي وصل من خلالها السم (المفترض عند البعض والمؤكد بالنسبة لغالبية الشعب الفلسطيني) إلى جسد عرفات، فضلا عن التدقيق في ملابسات القضية برمتها.
هنا رفضت السلطة وطالبت بأن تشارك الفريق الفرنسي في التحقيقات، الأمر الذي رفضه الأخير، باعتباره يحقق في جريمة وقعت على أرض فرنسية، كون الرجل مات هناك، وإن بدأت القضية في مكان آخر.
هنا تتبدى خيوط اللعبة التي سبق أن أشرنا إليها وأشار إليها سوانا مرارا وتكرارا، ولم تجب عنها السلطة ولا رموزها. ذلك أن قناعة الجميع بأن عرفات مات مسموما كان يستدعي من السلطة أن تحقق في الكيفية التي وصل السُمْ من خلالها إليه (مضت ثماني سنوات على الجريمة).
السلطة لم تفعل شيئا من ذلك، ولم تسأل ولم تحقق، بل تعاملت مع الموضوع بمنتهى البرود، لاسيما أن كثيرا من رموزها لم يكونوا يقرون أصلا بأن الرجل مات مسموما، بل وصلت الحال ببعضهم حتى التعريض بالرجل في جلسات خاصة عبر القول إنه كان مريضا بالإيدز، في موقف بالغ السخف والوقاحة.
هكذا يتبدى من جديد حجم التواطؤ مع الجريمة من قبل فريق السلطة، ولا نعرف إن كانوا سيوافقون في نهاية المطاف على استخراج الجثة، وكيف سيتعاملون قبل ذلك وبعده مع فريق التحقيق الفرنسي؟!
إنهم لا يفكرون في شيء قدر التفكير في التخلص من القضية بأقل الخسائر بعدما ورطهم تحقيق الجزيرة في موقف لم يكونوا يريدونه، هم الذين حرصوا ويحرصون على طي ملف عرفات برمته، لأن مجرد ذكره يذكّر الجميع بمن تآمروا عليه بالتعاون مع الإسرائيليين والأمريكان، وصولا إلى تهيئة الأجواء لقتله بعد تقديم أنفسهم كبديل، ولا تسأل عن محاولة الانقلاب العسكري عليه، تلك التي نفذها دحلان بدعم من عباس.
هذه المجموعة لا يمكن أن تكون أمينة على تحقيق من هذا النوع، وهي ستفعل المستحيل من أجل ألا تظهر الحقيقة، لاسيما أن ظهورها سيحرجها أكثر، وسيفرض عليها الإجابة عن سؤال من أدخل السُمْ إلى جسد الرجل، فضلا عن سؤال الرد على الجريمة، هي التي لا ترُد أصلا على انتهاكات نتنياهو بحق فلسطين وأرضها ومقدساتها، بل تواصل التعاون الأمني معه، وتكرس خطته للسلام الاقتصادي والدولة المؤقتة تحت مسميات شتى.
إنها فضيحة أخرى من العيار الثقيل، لكننا إزاء قوم لا تعنيهم الفضائح، وهم بلغوا من البلادة مبلغا لا يمكن تصوره، ومن باع حق العودة وقدم كل تلك التنازلات التي فضحتها وثائق التفاوض، ومن يصرّح بأن إسرائيل وجدت كي تبقى، كل ذلك كتنازلات مجانية في الهواء لن يُستغرب عليه أي شيء بعد ذلك.
(الدستور)
لا حاجة لكثير من الذكاء حتى يدرك المراقب أن السلطة هي من استدعى الأخت الفاضلة لكي تطالب بعدم استخراج الجثة، لاسيما أنها تعلم بقرار استخراجها منذ شهور، ولم تتحرك لمنع ذلك بأي شكل كان.
نعلم أن الأخت ليست هي الوصية على الراحل، لاسيما إذا تذكرنا أن الأمر يتعلق بالقانون الفرنسي الذي يحصر الأمر في زوجته وابنته. والنتيجة أن القصة برمتها هي محض مماحكة من طرف السلطة.
ولكن لماذا استدعت السلطة أخت الراحل لكي تطالب بما طالبت به الآن، فيما وافقت من قبل (أعني السلطة) على التحقيق واستخراج الجثة، وأعلنت أنها ستستقبل الفريق السويسري الذي أكد وجود البلوتونيوم في متعلقات عرفات بعد فحصها بناء على طلب من الصحفي الذي أجرى التحقيق لحساب الجزيرة، في ذات الوقت الذي وافقت فيه على استقبال فريق التحقيق القضائي الفرنسي بناء على الدعوى التي أقامتها زوجته في المحاكم الفرنسية.
المفاجأة الجديدة التي أربكت السلطة وأفقدتها صوابها ودفعتها لاستدعاء شقيقة الراحل تتمثل في طلب القضاة الفرنسيين التحقيق مع عدد من الأشخاص الذين كانوا يحيطون بعرفات في أيامه الأخيرة لكي يتوصلوا إلى الكيفية التي وصل من خلالها السم (المفترض عند البعض والمؤكد بالنسبة لغالبية الشعب الفلسطيني) إلى جسد عرفات، فضلا عن التدقيق في ملابسات القضية برمتها.
هنا رفضت السلطة وطالبت بأن تشارك الفريق الفرنسي في التحقيقات، الأمر الذي رفضه الأخير، باعتباره يحقق في جريمة وقعت على أرض فرنسية، كون الرجل مات هناك، وإن بدأت القضية في مكان آخر.
هنا تتبدى خيوط اللعبة التي سبق أن أشرنا إليها وأشار إليها سوانا مرارا وتكرارا، ولم تجب عنها السلطة ولا رموزها. ذلك أن قناعة الجميع بأن عرفات مات مسموما كان يستدعي من السلطة أن تحقق في الكيفية التي وصل السُمْ من خلالها إليه (مضت ثماني سنوات على الجريمة).
السلطة لم تفعل شيئا من ذلك، ولم تسأل ولم تحقق، بل تعاملت مع الموضوع بمنتهى البرود، لاسيما أن كثيرا من رموزها لم يكونوا يقرون أصلا بأن الرجل مات مسموما، بل وصلت الحال ببعضهم حتى التعريض بالرجل في جلسات خاصة عبر القول إنه كان مريضا بالإيدز، في موقف بالغ السخف والوقاحة.
هكذا يتبدى من جديد حجم التواطؤ مع الجريمة من قبل فريق السلطة، ولا نعرف إن كانوا سيوافقون في نهاية المطاف على استخراج الجثة، وكيف سيتعاملون قبل ذلك وبعده مع فريق التحقيق الفرنسي؟!
إنهم لا يفكرون في شيء قدر التفكير في التخلص من القضية بأقل الخسائر بعدما ورطهم تحقيق الجزيرة في موقف لم يكونوا يريدونه، هم الذين حرصوا ويحرصون على طي ملف عرفات برمته، لأن مجرد ذكره يذكّر الجميع بمن تآمروا عليه بالتعاون مع الإسرائيليين والأمريكان، وصولا إلى تهيئة الأجواء لقتله بعد تقديم أنفسهم كبديل، ولا تسأل عن محاولة الانقلاب العسكري عليه، تلك التي نفذها دحلان بدعم من عباس.
هذه المجموعة لا يمكن أن تكون أمينة على تحقيق من هذا النوع، وهي ستفعل المستحيل من أجل ألا تظهر الحقيقة، لاسيما أن ظهورها سيحرجها أكثر، وسيفرض عليها الإجابة عن سؤال من أدخل السُمْ إلى جسد الرجل، فضلا عن سؤال الرد على الجريمة، هي التي لا ترُد أصلا على انتهاكات نتنياهو بحق فلسطين وأرضها ومقدساتها، بل تواصل التعاون الأمني معه، وتكرس خطته للسلام الاقتصادي والدولة المؤقتة تحت مسميات شتى.
إنها فضيحة أخرى من العيار الثقيل، لكننا إزاء قوم لا تعنيهم الفضائح، وهم بلغوا من البلادة مبلغا لا يمكن تصوره، ومن باع حق العودة وقدم كل تلك التنازلات التي فضحتها وثائق التفاوض، ومن يصرّح بأن إسرائيل وجدت كي تبقى، كل ذلك كتنازلات مجانية في الهواء لن يُستغرب عليه أي شيء بعد ذلك.
(الدستور)