jo24_banner
jo24_banner

«أوباما 2» في أول اختبار له .. كرت أحمر لعباس ؟!

عريب الرنتاوي
جو 24 :

قبل يومين فقط، ومن على شاشة “نبض البلد” في قناة “رؤيا” الفضائية، و رداً على سؤال حول سياسة “أوباما 2” حيال الصراع العربي – الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، قلت: إن أول اختبار لهذه السياسة سيقع قبل نهاية الشهر الجاري عندما ستتقدم منظمة التحرير بطلب الاعتراف بفلسطين “دولة غير عضو” في الأمم المتحدة، حيث سيكون بمقدورنا التعرف على الوجهة التي ستسلكها هذه الإدارة، وما إذا كانت ستظل على انحيازها الأعمى لإسرائيل، أم أنها ستنتهج سياسة أكثر توازناً.

لم يطل انتظارنا طويلاً، إذ في تلك الأثناء “بث البرنامج”، كان الرئيس أوباما يتصل هاتفياً بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، في محاولة لثنيه عن قراره، ومنعه من الذهاب إلى الجمعية العامة طلباً للعضوية غير الكاملة، وهو موقف غير مفهوم وغير مقبول، من رئيس لطالماً تغنى بحل الدولتين، وأشاد بتطلع الشعب الفلسطيني للحرية والكرامة والاستقلال.

للفلسطينيين أكثر من سبب للإحساس بالغضب والاستفزاز من موقف الرئيس الأمريكي، فهو الذي وعد رئيسهم في 2009 بأنه سيلتقيه في نيويورك، وفلسطين سائرة على طريق العضوية الكاملة في الأمم المتحدة...كان ذلك في ذروة المحاولات والضغوط التي بذلتها واشنطن لإقناع القيادة الفلسطينية باستئناف المفاوضات، وإن لفترة من الوقت، تتعهد خلالها إسرائيل بتجميد النشاط الاستيطاني خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، وهو الأمر الذي لم يحصل، وقد انتهت المهلة والمفاوضات، واستمر الاستيطان على حاله.

ويزيد طين الفلسطينيين ورئيسهم بلّة، أن أوباما شخصياً، هو من رفع سقف توقعاتهم، وأجلسهم على قمة شجرة عالية، عندما تحدث عن الاستيطان بوصفه خرقاً للقانون الدولي وعقبة في طريق السلام، وطالب بوقفه لتمكين حل الدولتين من رؤية النور..أوباما هبط عن الشجرة بذات السرعة التي صعد فيها إلى قمتها، تاركاً هناك، عباس والسلطة والمنظمة، بلا سلم للهبوط ومن دون شبكة أمان.

هو استهلال غير طيب لولاية أوباما الثانية...هو “فأل” سيء يشي بما ستكون عليه سياسة الإدارة الأمريكية في السنوات الأربع المقبلة، والذي يبدو أنه سيكون “استنساخاً” لسياسات السنوات الأربع العجاف الفائتة..وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن إسرائيل لن تكون جاهزة في الأفق المنظور لإنجاب قيادة “تاريخية” قادرة على صنع السلام والوفاء باستحقاقاته، عطفاً على تفاقم حالة الضعف والتفكك الفلسطينية وانشغال العرب بهموم أخرى، ليست فلسطين في صدارتها، فإن المرء يستطيع أن يعرب عن تشاؤمه حيال “حل الدولتين” وفرص قيام دولة فلسطينية مستقلة في عهد أوباما.

وبخلاف بقية القضايا الإقليمية والدولية الساخنة، حيث تتجه معظم التقديرات والترجيحات لتغليب سيناريوهات الحلول التفاوضية والسياسية مع إيران وروسيا وحتى مع سوريا (من دون الأسد)، فإن الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، لا يشي بأي تغيير يدعو للتفاؤل، وها هو أول غيث هذه المقاربة، يتجلى في “قطرة” التصدي الأمريكي للفلسطينيين في نيويورك.

والمؤسف أن هذا الموقف الأمريكي يأتي في ظل تواتر خطابات الطمأنينة والاطمئنان التي ما انفك الرئيس عباس يوجهها للأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء...فبعد إبداء الاستعداد لإلغاء شرط وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات، والاستعاضة عنه بشروط الحصول على وضعية “دولة غير عضو”، جاءت تصريحات الرئيس حول حق العودة، بمثابة هدية مجانية، أريد بها تسليك قنوات الوصول إلى الدولة 194، بأقل قدر من الرفض والاستفزاز، ولكن هيهات أن تترك إسرائيل وأصدقاؤها الكثر في الولايات المتحدة، المناسبة تمر من دون أن تقلب المائدة على رؤوس الفلسطينيين.

وهم “الإدارة الثانية المتحررة من كل الضغوط” يبدو عرضة للتبديد والخسران حتى قبل بدء الولاية الثانية...ووهم “أوباما 2 غير أباما 1”، أسقطه الرئيس الأمريكي شخصياً...ووهم التعويل على رغبة الرئيس في بناء “إرث تاريخي” له، لم يسقط ولكنه لن يتخذ من الشرق الأوسط مسرحاً له...قد تكون إيران هي ساحة “بناء المجد الشخصي” لأول رئيس أسود في البيت الأبيض...قد تكون سوريا وروسيا، وقد تكون أي ساحة أو قضية أخرى ما عدا فلسطين...إذ هنا، وهنا بالذات بالذات، تبدو الولايات المتحدة في أضعف حالاتها أمام إسرائيل وأصدقائها.

تابعو الأردن 24 على google news