jo24_banner
jo24_banner

الدولة المدنية ... بِضاعة غربية ليست لنا !!!

د. أحمد أبو غنيمة
جو 24 :
في مقال للدكتور مروان المعشر ( أحد كبار التنويرين والحداثيين الأردنيين ) في إحدى الصحف اليومية، يُصرّ كعادته د. المعشر على إقحام " الدين " في مقاله الذي أبدى فيه " ارتفاع معنوياته كثيراً " بعد حضوره للقاء انتخابي لإحدى القوائم في مدينة عمان والتي تفتخر بأنها ترفع شعارات " لا لإستغلال الدين " ونعم " لفصل الدين عن السياسة ". من حق الدكتور المعشر وجميع التنويرين والعلمانيين والليبراليين والحداثيين، ان يفرحوا بهذه المساحات الواسعه التي تُفسح لهم في وسائل الإعلام باختلاف انواعها لطرح شعار " الدولة المدنية " يستغلّونه قاصدين الإشارة السلبية " للدين " من بعضهم ومهاجمته من البعض الآخر بكل صلافة وبجاحة وصلت بأحدهم للتعرض للذات الإلهية. ومصطلحات‎ ‎الدولة‎ ‎المدنية، والدينية ‏‏(الثيوقراطية) مصطلحات نشأت في الغرب‎ ‎أساساً، فلا بد قبل أن نسعى إلى تطبيقها ‏على واقعنا كما يدعو هؤلاء التنويريون والعلمانيون ومن لفّ لفهم ، أو نقرر رفضها وقبولها اجتماعياً ودينياً، أن نستوعب معانيها كما هي في الثقافة التي أنشأتها، ‏وأي منها يتعارض مع‎ ‎الإسلام الذي هو دين الدولة الرسمي كما ينص على ذلك دستورنا الأردني الذي يُعتبر المرجعية الدستورية والقانونية لجميع الأردنيين. فـ "القيصرية" التي أضفت عليها الكنيسة قُدسية الدين، عندما حكمت بالحق الإلهي والتفويض السماوي، زعمت لقانونها وممارساتها " قُدسية الدين" ، فكان نتيجته الاستبداد والجمود الذي عرفته اوروبا في عصورها المُظلمة في ظل دولة " القيصرية – البابوية "، و"البابوية" عندما نازعت القيصرية في حكم الدولة، ثم استولت عليها فيما عُرف بـ" البابوية – القيصرية "، أضفت هي الأخرى قدسيتها الدينية لقانونها وممارساتها، وكانت نتائجه الإمتداد لحكم " القيصرية – البابوية " في الجمود والرجعية والإستبداد. ثم كانت النهضة الأوروبية الحديثة التي فصلت الدين عن الدولة ( علمنة الدولة)، فالتقط بعض أبناء جلدتنا من بني يعرب هذا المفهوم، وبدؤوا ينادون به في بعض الدول العربية، فتبنّته بعضها منذ زمن محمد علي في مصر ، وكان بعد ذلك الدمار والخراب فيها وعلى شعوبها وعلى الأمة العربية والشواهد على ذلك كثيرة ومَهولة. أيها التنويريون والحداثيون والعلمانيون والليبراليون ، لا بد لكم ابتداءاً، قبل أن تستمرؤا مهاجمة ديننا الإسلامي الحنيف من باب " الدولة المدنية " ، ان تُعيدوا قراءة الإسلام ونظام الحكم فيه قراءة المتبصر لا قراءة المُبغض الذي يبحث عن زلاّت بعض المسلمين ، ففي الإسلام لا عصمة لحاكم، فهو بشر يصيب ويخطئ وليس معصوماً، فابو بكر الصديق قال يوم ولاه المسلمون الخلافة " إن أطعت فأطيعوني"، والفاروق قال يوم وُليّ أمر المسلمين " فإن الناس لم يزالوا مستقيمين ما استقامت لهم أئمتهم وهداتهم، والرعية مؤدية إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله، فإذا رتع الإمام رتعوا". إن "الدولة الدينية" التي انقلب عليها الغربيون وأصبحوا ينادون بدولة " مدنية " تفصل بين الدين والدولة ، كانت تخوض الحروب " الدينية " الدموية، لتجعل – ولو بالإكراه – كل رعيتها متدينة بدينها، بل بمذهبها الديني ( ولنا في محاكم التفتيش في الأندلس المثل الأكبر والأوضح )، أما الإسلام فقد كانت وثيقة المدينة ( الصحيفة ) منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قد وحّدت بين اهل المدينة حين وصفتهم " أمة واحدة من دون الناس "، وأن " .... يهود بني عوف وبني النجار وبني الحارث ... إلخ ... أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النُصح والبر، دون الإثم". أيها التنويريون والحداثيون والعلمانيون، نحن نعيش في المملكة الأردنية الهاشمية التي ينص دستورها على أن دين الدولة " الإسلام "، والعائلة الهاشمية الحاكمة تستند إلى النسب الشريف من آل البيت الأطهار ، وأي خروج عن هذه القواعد الأساسية في الدستور الأردني معناه الخروج على الدستور وتقويضه، وهو ما يضع علامات استفهام حول استمرار طرح مفهوم "الدولة المدنية " التي يُطالب بها بعض التنويرين والحداثيين والعلمانيين. وبعد،،، بدا لافتاً للإنتباه، ان هناك جهات نافذة وشخصيات في الدولة تُعطي الضوء الاخضر لهؤلاء التنويرين والحداثيين والعلمانيين والليبراليين، للإستمرار في طرح مفهوم " الدولة المدنية " ومهاجمة ديننا الحنيف تحت ذريعة محاربة الإرهاب، ويدور همس كذلك بين اوساط الشعب أن هذه الجهات والشخصيات النافذة في الدولة تقوم بالعمل على دفع بعض هؤلاء إلى سدة البرلمان ليكملوا ما بدؤوه من مشروع " علمنة الدولة " بفصل الدين عن الدولة. لهم ان يُطالبوا كما نُطالب ، بسيادة القانون، بدولة المؤسسات ، بحرية الإعلام المسؤول، بالتعليم والصحة للجميع، ولكن لماذا تُقحمون " الدين " في كل خطاباتكم !!!! أقول لهم كلهم ... للتنويرين وللحداثيين وللعلمانيين ولليبراليين ومن يشُد على أيديهم فيما يقومون به .... أعيدوا قراءة التاريخ ... لن يكون لكم ما تخططون... لن يكون ... لن يكون ...
 
تابعو الأردن 24 على google news