2024-04-16 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

مقطع عرضي لحياة ميتة.. أو موت حي!

حلمي الأسمر
جو 24 :

نستيقظ صباحا، نشرب القهوة، وربما ندخن، ونتمطى، ونلقي بتحايا الصباح على أصدقاء الفيسبوك، وبعضنا يعود للكسل، فيستلقي باستمتاع على سريره، أو يمضي لعمله، وفي المساء، نشاهد التلفاز، أو نسهر مع الأسرة أو الأصدقاء، ونتزاور، ونخلد إلى النوم، ولا يوقظنا إلا صوت المنبه، أو جار مزعج ألزمته «شريكة حياته!» بأن يغير ديكور المنزل، أو يدق مسمارا فجائيا في الحائط، لتعليق صورة طارئة!
هذه دورة حياة بني آدم عادي، غير مرفه، ولكنه يستمتع باستقرار ما، وروتين يبعث على الهدوء، لكنهم هم غربي النهر، حيث يقيمون على بعد ساعة، أو صرخة، لهم حياة أخرى أو موت آخر، ولا نكاد نشعر بهم، بل إن أخبارهم أضحت نوعا من الأخبار الكسلى المملة، التي لا توقظ فينا ضميرا أو تشغل بالا، كما ينشغل بال كاتبة صحفية يهودية، تخصصت في رصد معاناة الفلسطينيين، وتسجيل جرائم بني قومها بحقهم!
خلال سبعة أيام وليالٍ، بين 24 – 31 آب، نفذ الجيش الاسرائيلي والشرطة 107 اقتحامات لمنازل ومخيمات اللاجئين وأحياء في الضفة الغربية، في تلك الايام السبعة وضع الجيش الاسرائيلي 129 حاجزا فجائيا في شوارع الضفة الغربية حيث يساهم ذلك في اعاقة حركة السيارات الفلسطينية. وفي تلك الايام ايضا اعتقلت قوات الامن الاسرائيلية 114 فلسطينيا، اغلبية هذه الاعتقالات من خلال الاقتحامات، وبعضها في الحواجز. الجنود ورجال الشرطة قاموا باستخدام الرصاص الحي أو الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما مجموعه 47 مرة. بين 24 – 25 آب مثلا كانت اقتحامات لقرية حزما ومخيم الأمعري وسلواد وقباطية وجيوس وبدرس (وضع الجنود هناك نقطة عسكرية على سطح أحد المنازل التي سيطروا عليها)، منزل أمين، وحبلة وزيتا وعراك وبورين وجماعين وسبسطية والزاوية وبيت لحم ومخيم العروب.
حدث الاقتحام الليلي في قباطية لمنزل ساري الغراب، الشاب الذي قتله الجنود قبل ذلك بـ 12 ساعة. ساري تم اطلاق سراحه من السجن قبل بضعة اشهر وكان من المفروض أن يكون زفافه في القريب، حيث قام باستئجار شقة في نابلس، مكان سكن خطيبته. باستثناء هذه الحادثة كان هذا الاسبوع «سهلا»، قتيلان «فقط». هل قمتم بالتحليل من القراءة؟ تخيلوا عشرات الجنود الملثمين والذين دهنوا وجوههم باللون الاسود وهم يقتحمون في الليل أحد المنازل أو الأحياء ومعهم الكلاب، يوقظون النائمين بواسطة قنابل الصوت، وفي احيان كثيرة يطلبون من أبناء العائلة الدخول الى غرفة واحدة وجنديان يقومان بتصويب البنادق نحوهم، ويتركون خلفهم بيت «مقلوبا»: ملابس ملقاة على الارض، كومة من الفرشات، باب خزانة محطمة، أرز على الارض. وضع معتاد، أكثر من مئة اقتحام في اسبوع واحد، وكل جندي هو مُدلل أمه! هل قمتم بالتحليل من التخيل؟ فلنتنازل إذاً عن باقي الايام وعن القائمة الطويلة للحواجز الفجائية في أرجاء الضفة والتجبر بالمسافرين واهانتهم وتخويفهم بالبنادق المصوبة نحوهم، وفحص السيارات وتأخيرهم في طريق عودتهم الى البيت في منتصف الليل تقريبا، أو تأخيرهم عن موعد اثناء النهار.
هكذا تحدثت عميرة هاس في هآرتس، وهكذا نصمت نحن، ونواصل كما غيرنا ملايين من العرب والمسلمين لهاثهم اليومي، دون أن يعبأ أحد بالدم الذي سال على جسد ساري، أو الأرز الذي أريق في بيت يعلم الله كيف جمع ثمنه رب الأسرة!

 

 
الدستور
 
تابعو الأردن 24 على google news