غيوم في سماء المملكة العربية السعودية - 8
د. حسين عمر توقه
جو 24 :
مملكة البحرين :-
قال تعالى في محكم كتابه " يريدون ليطفؤوا نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون " صدق الله العظيم .
نقول لمن لا يعرفون آل خليفة أن يقرأوا التاريخ وأن يستشهدوا بالحق وأن يطالعوا الحقائق وأن يرجعوا إلى سيرة العتوب من قبيلة عنزة العربية الأصيلة الذين هاجروا من نجد واستوطنوا على الشواطىء الغربية للخليج العربي بدءا من الأمير محمد بن خليفة أمير الزبارة عام 1765 وإمتدادا إلى عهد الأمير أحمد بن محمد بن خليفة والذي انضمت في زمنه البحرين عام 1782 إلى مُلك آل خليفة . طوال قرنين ونيف خلت , وراية آل خليفة ترفرف في سماء البحرين وطنا عربيا مسلماً غاليا عزيزا حرا شامخا .
إن مملكة البحرين تشكل خاصرة المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية وتشكل الخط الأمامي للدفاع عن دول مجلس التعاون العربي ضد الأطماع الإيرانية . فمنذ اللحظات الأولى لوصول الإمام الخميني بتاريخ 1/2/1979 ومنذ الإعلان عن تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران بتاريخ 1/4/1979 بدأت سياسة تصدير الثورة الإيرانية إلى العالم العربي عن طريق التفجيرات حيث تعرضت جامعة المستنصرية بتاريخ 1/4/1980 إلى حادث تفجير أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الطلبة العراقيين . وبعدها بأيام قلائل بتاريخ 17/4/1980 أعلن الإمام الخميني بأنه سوف يحتل العراق وأنه سيتقدم بقواته وأتباعه حتى يصل إلى بغداد .
ونحن هنا لا نريد العودة بالذاكرة إلى الحرب العراقية الإيرانية المدمرة التي بدأت بتاريخ 2/9/1980 بالإصطدامات والإشتباكات على الحدود في منطقة قصر شيرين واستمرت حتى عام 1988 لتكون أطول نزاع عسكري وواحدة من أكثر الصراعات الحربية دموية بين جارين مسلمين وشملت كل القطاعات البحرية والجوية والبرية والمنشآت الحيوية . وما تسببت به من ويلات على الشعبين العراقي والإيراني حيث خلفت هذه الحرب أكثر من مليون قتيل وخسائر مادية تجاوزت ال 400 مليار دولار .
ولقد تخللت هذه الحرب إنتهاكات إيرانية لكل دول الخليج العربي بما فيها زرع للألغام في مياه الخليج . بالإضافة إلى إختراق المجال الجوي للدول العربية وضرب ناقلات النفط في المياه الإقليمية العربية وتدمير البواخر الكويتية والسعودية وتلويث المياه وزرع الألغام وإثارة القلاقل في مكة المكرمة والتدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول العربية والتهديد بإغلاق مضيق هرمز .
وبتاريخ 24/7/1982 قام الإمام الخميني بتهديد دول الخليج العربية وطلب منهم عدم التعاون مع العراق حفاظا على مستقبلهم وقد تبع هذا التهديد وقوع العديد من الحوادث المتكررة من مظاهرات وتفجيرات في الكويت ودبي وتنظيم محاولة للإطاحة بنظام الحكم في البحرين ودعوة المواطنين من أصول إيرانية ومن الشيعة إلى الثورة ضد الأنظمة العربية
وإننا في هذا الجزء من هذه الورقة نريد استعراض بعض ما قامت به إيران من هذه التدخلات السافرة في الشأن الداخلي لمملكة البحرين وبشكل موجز ولعل أكبر الأخطاء التي ارتكبها النظام الإيراني ليس على مستوى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية فحسب وإنما امتد ليشمل رئيس مجلس الشورى وبعض النواب وتصريحات لأئمة المساجد بالإضافة إلى الإفتتاحيات والتقارير الصحفية والمقالات التي تطالب بإعتبار مملكة البحرين ولاية إيرانية حيث وصف المرشد الأعلى علي خامئني البحرين بأنها " بضعة " من إيران ناسيا تاريخ البحرين المتعمق في جذور التاريخ وناسيا العهد الحديث حين نالت البحرين استقلالها عام 1971 بإستفتاء شعبي تحت إشراف الأمم المتحدة حيث اختار الشعب البحريني الأصيل الإستقلال تحت حكم ( آل خليفة ) وانضمت البحرين إلى كل من الأمم المتحدة دولة عربية مسلمة مستقلة ذات سيادة وإلى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي واعترفت بها كل دول العالم بما فيها إيران عام 1971.
كما أننا لا نريد أن نتطرق هنا إلى سياسة إيران الداخلية فهو أمر نربأ في طرق بابه ولكننا نعجب كيف سمحت إيران لنفسها بأن تتحول إلى معسكرات لتدريب خلايا إرهابية على أعمال العنف والتخريب وإذكاء الفتنة الطائفية وتكليفهم القيام بعمليات إرهابية في كل من البحرين والكويت والسعودية وتزويدهم بالأسلحة والمتفجرات . فكم من مخبأ لتصنيع القنابل محلية الصنع داخل المناطق المأهولة بالسكان تم كشفه وكم من المواد شديدة الإنفجار ومن مواد كيماوية وعبوات ناسفة وأسلحة أوتوماتيكية ومسدسات وقنابل يدوية وكميات من الذخائر الحية وأجهزة ألإتصال المتقدمة تمت مصادرتها وكم من عملية إرهابية تم تنفيذها وكم عدد الضحايا من مدنيين وعسكريين وجرحى سقطوا في كل من البحرين والكويت والسعودية . حتى مكة المكرمة بقدسيتها وعزتها وجلالها لم تثن الإرهابيين من محاولات زعزعة شعائر الحج والعمرة والإساءة إلى الحرمات والمقدسات .
ولا داعي هنا لتذكير القارىء بأن إيران قد عمدت إلى تصدير ثورتها بطرق مباشرة إلى دول مجلس التعاون العربي وعمدت إلى التدخل العسكري الفعلي في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن .
وأحب أن أذكر هنا أنه ومنذ اللحظات الأولى لتولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله فقد استهل مهام ومسؤوليات الحكم بحملات إصلاحية شملت الإفراج عن جميع السجناء السياسيين وحل محكمة أمن الدولة وسمح لعشرات البحرينيين بالعودة بعد سنوات المنفى خارج البحرين
كما تم بتاريخ 22/11/2000 إصدار الأمر الأميري رقم 36 لسنة 2000
بتشكيل لجنة وطنية عليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني تتكون من 44 عضوا برئاسة وزير العدل والشؤون الإسلامية .
وبتاريخ 23/1/2001 صدر أمر أميري رقم 8 لسنة 2001 بدعوة المواطنين للإستفتاء على مشروع ميثاق العمل الوطني .
وتم بتاريخ 14- 15/2/2001 الإستفتاء على الميثاق والذي تمت الموافقة عليه بأغلبية عالية . تبعه في عام 2002 إصدار الدستور البحريني الذي تضمن إنشاء مجلسين أحدهما للنواب والآخر للشورى وأمر بإجراء إنتخابات نيابية مباشرة تمت على اثرها إعادة الحياة النيابية إلى البحرين بعد توقف دام لأكثر من 25 عاماً. كما أصدر أمره بإجراء إنتخابات للمجالس البلدية وقام بإجراء تغييرات إدارية هامة وتم تقسيم البحرين إلى محافظات .
إن مملكة البحرين اليوم هي أقوى بكثير مما يطمع به أعداء الدين وهي معروفة للقاصي والداني بوسطيتها دينيا وثقلها في العالم سياسيا ومناعتها عسكريا وأمنيا وهي قادرة بفضل قيادتها الحكيمة وأبنائها المخلصين أن تجابه كل المؤامرات وكل المصاعب وهي جزء لا يتجزأ من أمتها العربية والإسلامية وهي كما أكدنا خط الدفاع الأول عن دول مجلس التعاون الخليجي . وهي بحاجة إلى الدعم المعنوي والدعم العسكري والدعم المالي لتحافظ على منعتها وقوتها وأمنها الوطني الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لدول الخليج العربي و للأمة العربية .