سواق التوكتوك واتفاقية الغاز مع إسرائيل
نضال منصور
جو 24 :
"سواق التكتوك" في مصر أصبح حكاية الناس، وصار بين ليلة وضحاها الرجل الأكثر شهرة من كل نجوم السينما، لم يقل هذا الشاب ما لا نعرفه عن مصر، ولكن في زمن النفاق والفهلوة على القنوات الفضائية و"السوشيل ميديا" كان المصريون ومن خلفهم العرب يحتاجون أن يسمعوا صوتاً يتحدث بلغة بسيطة عن واقع مصر "أم الدنيا" كيف كانت وكيف أصبحت؟!
اختفى "خريج التكتوك" ولكن أثره لن يغيب، وفي الأردن يسأل كثيرون الا يوجد لدينا سائق "تكتوك" يقول لحكومتنا الحقيقة حتى وأن كانت مـُرة ومؤلمة؟
ربما يبدأ كلام سائق التكتوك الأردني باتفاقية الغاز مع إسرائيل التي يرفضها الناس في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ولم اسمع صوتاً يؤيدها غير الحكومة.
يقول سائق التكتوك الأردني للحكومة "لماذا هذه الاتفاقية مع الإسرائيليين الذين يصرون على الاضرار بالأردن"؟!
اذا كنتم لا تريدون ان تتذكروا الضحايا الفلسطينيين، والأراضي المحتلة والمستوطنات، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، فتذكروا الاعتداء على المقدسات التي لا زالت تحت سيادة الأردن، وتذكروا قتل القاضي رائد زعيتر بدم بارد، وتذكروا قتل سعيد العمرو قبل أسابيع؟
ويكمل سائق التكتوك حديثه اذا لم يقنعكم هذا الكلام العاطفي والاخلاقي، فهل تسعون بتوقيع هذه الاتفاقية مع اسرائيل أن تصنعوا منها "أمبراطور الطاقة" في المنطقة؟
مدير شركة الغاز الإسرائيلية "ويلك" يقول بكل تباهي أن الاتفاق مع الأردن تاريخي وهو يحول إسرائيل إلى قوة أقليمية في مجال الطاقة.
إسرائيل ستغزو وتحتل البلاد العربية بالغاز بعد ان استباحت أراضيها بدءا من فلسطين مروراً بالأردن وسوريا والعراق ولبنان وتونس، هل هناك دولة نجت من الاعتداءات الإسرائيلية، واليوم ستبيع هذا الغاز المسروق لمصر، والسلطة الفلسطينية، وغداّ سيكون هناك خط غاز مع تركيا ومنها لأوروبا، فتتعزز قوة اسرائيل وتفتك أكثر بالفلسطينيين والعرب؟
يسأل سائق التكتوك الحكومة "إذا كنتم مصرين على توقيع هذه الاتفاقية لماذا قمتم ببناء ميناء صباح الأحمد للغاز في العقبة، وهو الذي غطى احتياجات الأردن"، وزاد واستخدم منه للتصدير لمصر وفق معلومات اقتصادية، وحسب تصريحات رسمية ساهم في تحقيق وفر مالي 300 مليون ديناراً، وسيرتفع هذا الوفر إلى 600 مليون ديناراً.
يضحك سائق التكتوك ويستغرب من تصريحات الحكومة عن تنويع مصادر الطاقة بعد هذه الاتفاقية ويسأل مجدداً هل أغلقت أبواب قطر والكويت والجزائر والسعودية حتى لا نجد الا الباب الإسرائيلي لنطرقه، ونربط مصالحنا الاستراتيجية مع مصالحه وتوجهاته؟
كل يوم تتحفنا حكومتنا المجيدة بإعلاناتها عن مشاريع الطاقة التي ستضمن للأجيال الأردنية حياة مستقرة هانئة هكذا يقول صاحبنا سائق التكتوك.
لا يزال خالد طوقان يبشرنا بالخير القادم من مشاريع الطاقة النووية لتوليد الكهرباء ومنافع أخرى، ورغم الأصوات المعارضة للمفاعلات النووية حتى للأغراض السلمية فإن الأردن وهيئة الطاقة لم تتوقف بانتظار اليوم الموعود.
وقصة الصخر الزيتي الذي سينقل الأردن من دولة مستوردة للطاقة إلى دولة مصدرة له، وحتى أدبيات ووثائق الاستراتيجية الوطنية للطاقة تحدثت عن ذلك، وتشير الأرقام الى أن احتياط الأردن من الصخر الزيتي يبلغ 40 مليار طن وتعتبر الثانية عالمياً بعد كندا.
ويتذكر سواق التكتوك الأردني الكلام الجديد عن مشاريع "شمس معان"، وإنتاج الطاقة بالرياح بالجنوب، وتصيبه الهستيريا حين يرى أن الحكومة لا تسمع وتؤكد لا غنى عن اتفاقية الغاز، حتى ولو قال كل الأردنيين "غاز العدو احتلال"، وأطلقوا حملة طفي الضو للأبد.
ويفيق "سواق التكتوك" من هذيانه ويتذكر ويقسم أغلط الايمان أن مجلس النواب لن يمرر اتفاقية الغاز حتى ولو لم تعرض على البرلمان، لانها حسب رأي بعض القانونيين لم توقع مع الحكومة بل مع شركة الكهرباء الوطنية، ولا حاجة لمصادقة البرلمان عليها، وينبه سواق التكتوك بإطمئنان بأن النواب سيشترطون على الحكومة التراجع عن الاتفاقية المذلة حتى تنال الثقة تحت القبة!