شماتة المرضى بموتاهم
ما يقال عن حرب عالمية وشيكة يفتضح وعيا قاصرا، خصوصا حين تسمى هذه الحرب بالعالمية الثالثة، والحرب الثالثة وقعت ووضعت اوزارها ووزعت غنائمها خلال الحرب الباردة، ومن يصدقون ان حربا كونية سوف تندلع بدءا من دمشق او حلب او بغداد او واق الواق هم إما اناس مسكونون بنوستالجيا الحرب الباردة قبل ان تحسم لطرف دولي استفرد بهذا الكوكب وعولمه، أو اناس يقرأون السطور والتصريحات الموسمية بمعزل عما بينها من ظلال, وقدر تعلق الامر بالعرب فهم الان يرقصون بعيدا عن اجسادهم وتستغرقهم حروبهم الصغرى التي توزع فيها الهزائم بالتساوي بينهم حتى لو خدعت بعضهم الحواسيب الملغومة .
ما من مرة خيضت فيها حرب من اجل آخرين والادق انها تخاض بآخرين هم وقودها وضحاياها، ويبدو ان هناك دولا كبرى قررت ان تخوض حروبها حتى آخر عربي ما دامت تحصد كالمنشار صاعدا وهابطا في الجذوع الناشفة والحروب العربية البسوسية لا تخاض بالسيوف بل بأسلحة تصل تكلفتها الى مئات المليارات، لهذا اصبح المحارب القديم مجرد صانع وبائع للسلاح ولديه بوليصة تأمين لحماية حدوده الاقليمية برا وجوا وبحرا.
ان الخاسر الحقيقي الان وبكل المقاييس هو العربي، الذي اصبح كالمُنبتّ الذي لا دولة قطع ولا صحراء أبقى، وقد تعجز اذكى الحواسيب عن احصاء خسائره، ماديا وثقافيا واخلاقيا فالمعاول التي هدمت كل ما انجز خلال قرن لم تشبع لهذا تمددت الى الماضي كي تحول ما انجز فيه الى خرائب واطلال، اما نعيق المثقفين او اشباههم فلن يغيّر من المشهد شيئا، ما دامت البطالة قد شملت الجميع، فمن كان ثرثارا في السراء اصبح ابكم في الضراء، ومن هربوا من النار وجدوا انفسهم في الرمضاء .
وما قاله المتنبي ذات ليلة ظلماء يتكرر الان، حيث خلف الروم روم وروم وروم فعلى اي جانبيك تنام او تميل ؟ ولم يحدث في اي انحطاط ان رقص المرضى المحتضرون شماتة بموتاهم !!