رسالة المعتقلين مهدي السعافين وأيهم سليم من داخل السجن
وجه المعتقلان أيهم سليم ومهدي السعافين رسالة من سجن الهاشمية إلى الرأي العام. الرسالة تعود إلى عدة أيام خلت، ولم يتسن نشرها حتى اليوم.
يشار إلى أن الناشط مهدي السعافين مازال يواصل إضرابه عن الطعام لليوم السادس على التوالي.
وتالياً نص الرسالة:
إضراب مفتوح عن الطعام...إما الحرية وإما الموت
مرّ الكثير منذ يوم اعتقالنا، ومعنوياتنا تلامس سقف السماء ، وقلوبنا لا تزال مثل صخور بلادنا الصلبة، رغم الأسى الذي أصابنا لحجم التزييف والتضليل والكذب الذي مارسه إعلام السلطة على عقول الناس، من خلال متابعتنا لمسرحيات الهزل الركيكة على شاشة التلفزيون الحكومي وادعاءات النسور المستسلم لسارقي البلاد، وأكاذيب جريدة الدستور (المعتمدة) داخل السجن، وتركيزهم أولاً على إشاعة الرعب والخوف لوقف الغضب الشعبي والاحتجاج السلمي المتواصل وعلى قاعدة (إما الخبز وإما الأمن)!!
لقد كان لنا شرف المشاركة في حراك المعلمين وعمال الموانئ والمياومة وحراك المتقاعدين العسكريين وغيرهم، كان آخرها مشاركة غضب المواطنين يوم الجمعة المشهود على دوار فراس، وعايشنا مجريات اعتقالنا في مديرية أمن العاصمة وسجن الزرقاء، وصار لزاماً أن نعرض للرأي العام حقائق تكشف أكثر وجه السلطة الفاسد والقمعي والتابع، من خلال ما يلي:
أولاً: اعتقالنا تم أثناء قيامنا برفع يافطتين –لوحدنا دون مشاركة من أحد-وقد كتبنا عليها "نريد خبز وعدالة اجتماعية فقط"، و"أعيدوا ثرواتنا المسروقة: الفوسفات والبوتاس وميناء العقبة" و"لن نعود إلى بيوتنا قبل خفض الأسعار" ، وذلك أمام وسائل الإعلام والناس، حيث تم اعتقالنا على الفور من قبل قوات الدرك.
ثانياً: تعرض غالبية المعتقلين داخل الزنزانة المتنقلة إلى كافة صنوف التعذيب والضرب والإهانة من قبل عناصر أمنية مقنعة الوجه، بدءاً بتقييدنا إلى الخلف كمجرمين، وإجبارنا على وضع (الهويات المدنية) داخل أفواهنا و"العض عليها"!! وضرب وجوهنا وأجسادنا بأرجلهم وأيديهم، وكيل الشتائم لأهلنا، ورمي كوفياتنا الحمراء على أرضية الزنزانة والدوس عليها، مروراً بمنع كافة المعتقلين من تناول الطعام والشراب والتدخين لمدة 24 ساعة في مديرية العاصمة، ومنعنا من الاتصال بأهالينا أو بالمحامين أو وسائل الإعلام لمدة 3 أيام متواصلة، وليس انتهاءاً بنقلنا إلى سجون بعيدة عن أماكن إقامة ذوينا، وتوزيع معتقلي الرأي السلميين داخل السجن الواحد على مهاجع الجنايات من مخدرات وقتل وسرقات...إلخ.
من الجدير ذكره هنا أن أكثر من 80% من المعتقلين هم مواطنون لم يشاركوا بأية أعمال احتجاجية، حيث تم احتجازهم من باب "الاستعراض الأمني" الوهمي للحكومة، التي وبعد كل هذه المشاهدات نستطيع اتهامها مباشرة لمسؤوليتها عن جميع أعمال التخريب بسبب إصرارها على تجاهل كل الحلول العملية والواقعية لسد عجز الموازنة، التي أرهقها ونهبها الفاسدون، ومن جهة أخرى غض الطرف عن (أصحاب السوابق) الذين دمروا مؤسسات البلاد فيما انسحب الأمن عن المشهد في بداية الاحتجاجات، في مقطع كاريكاتوري مدروس!!!
ثالثاً: تم عرضنا على محكمة أمن الدولة بدلاً من مثولنا أمام محكمة مدنية، وقيام المدعي العام (العسكري) بتوجيه التهم "المضحكة، والمثيرة للسخرية" إلينا وهي:
أ-العمل على تقويض نظام الحكم، ب-التجمهر غير المشروع، مخالفاً بذلك نصوص الدستور الأردني الذي يكفل حرية التعبير والاحتجاج لكافة المواطنين، إضافة إلى أننا لم نجد أي روابط أو علاقة بين التهم –إن سلمنا بصحتها- والفعل (الجريمة) التي ارتكبناها بحمل يافطتين كرتونيتين لا أكثر وأمام وسائل الإعلام والمواطنين، معبرين فيهما بشكل حضاري عن رأينا ضد قرار رفع الدعم.
وبناء على ما سبق فقد قررنا نقل المواجهة مع سلطة الفساد والكذب إلى داخل السجن من خلال الإضراب المفتوح عن الطعام والشراب، والذي يبدأه مهدي السعافين بداية، حتى تلبية مطلبنا المحدد ب(الإفراج الفوري غير المشروط وإسقاط التهم الموجهة إلينا)، وقد حددنا نهاية الإضراب في مكانين لا ثالث لهما: "إما الحرية .... أو الموت"، وسترون منا عزيمة وصموداً لم يشهدها أحد من قبل!
وأخيراً فإننا لسنا من هواة الاعتقال، فنحن ننتمي إلى تيار يحب الحياة، ويؤمن بالعدالة والعيش الكريم، ويقدس حرية العقل والرأي والمعتقد. ونحن أيضاً نحب بلدنا وشعبنا أكثر بكثير من مدعي الوطنية العمياء والحرص الكاذب المبني على المصالح الضيقة. لكنها المواجهة التي اختارتنا قبل أن نختارها، مواجهة غير عادلة سلاحها الأخير والوحيد: (أجسادنا) التي سنحرمها الكثير!!
لقد خرجنا ذات يوم، وهتفنا بملء قلوبنا وأرواحنا وقناعاتنا هتافاً لم نكن ندرك معناه سوى هذه الأيام:
الموت ولا المذلة
الموت ولا المذلة
الموت ولا المذلة
عاش شعبنا الأردني العظيم، موحداً حراً بوجه الفساد والطغيان
مهدي السعافين
أيهم سليم