2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

فضيلة «الشيخ توني»! 2-2

حلمي الأسمر
جو 24 :

تحدثنا بالأمس عن مقال نشرته شبكة «سي إن إن» الأمريكية لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، حدد فيها رؤيته للحرب على ما أسماه «التطرف الإسلامي» بلير،وخلص فيها إلى أن ما يسميه الإسلام المعتدل هو الإسلام الذي يفصل بين الدين والدولة، قائلا: «علينا أن نصل إلى مرحلة نقبل فيها بأن المواقف المنحازة ضد اليهود والأقليات والمرأة وكل من لا يقبل بالعقائد المتشددة، هي بحد ذاتها جوهر المشكلة وعلينا معالجتها». ثم يكشف أخيرا عن «سره العميق» الذي لم يعد سرا، فيقول في معرض تحديده لمفهوم «التطرف الإسلامي»، دون مواربة أن هناك مشكلة لدى المسلمين بشكل عام وليس لدى «التنظيمات المتشددة».يقول بلير: هناك ممارسات أخرى موجودة في شرائح أوسع من المجتمعات الإسلامية تشكل مشكلة حقيقة. ويضيف: مثلا، هناك الكثير من الإحصائيات التي لا تزال تعكس وجود حالة معادية لليهود في بعض الدول ذات الغالبية الإسلامية. وفي النهاية يرى أنه يجب تغيير الدين، لا أتباعه!
والحقيقة أن بلير ليس فريدا في تبنيه لهذه الرؤية، بل ثمة «مسلمون» وعرب كثر يرون أن المشكلة «في الدين» لا في أتباعه، وأن هناك حاجة لإعادة نظر حتى في آيات القرآن الكريم، والحديث الشريف، على طريقة «تنقيح النص!» وتعديله، وصولا إلى تحريفه، كما حُرفت نصوص أخرى!
إن مثل هذا الطرح يستثمر سلوك بعض المنظمات والجماعات التي ركبت موجة الشطط والتطرف، للحديث في المحرمات الإسلامية، بكل أريحية، تحت عنوان عريض فضفاض هو محاربة الإرهاب، ولو شاء من يريد أن يحارب هذا الوباء، لبحث في جذوره وأسبابه، لا في نتائجه، بل إن بلير، وكثير غيره، يرون في قبول المسلمين باحتلال الصهاينة لفلسطين، إحدى علامات «الاعتدال» والتعايش مع الآخر، رغم أن هذا الآخر لا يريد أن يرى إلا نفسه، وليس معنيا بمواجهة «تطرفه» هو، وانخراطه في يمينية مقيتة، لا ترى على وجه الأرض من هو جدير بالحياة إلا هو..
خطورة طرح «فضيلة» الشيخ بلير، أنه وجد طريقه للتطبيق في غير ساحة عربية وإسلامية، وتجرأ حكام ومحكومون أيضا على اقتراف إجراءات من شأنها تشويه صورة الإسلام، بإنتاج دين «دايت» منزوع الدسم، ومميع على نحو يخرجه من هويته الحضارية والثقافية، تحت عناوين شتى، كلها تستهدف في النهاية، إبقاء الكتلة الإسلامية الضخمة، في حالة رخوة من الخذلان وعدم الفاعلية، لإدامة هيمنة الاستعمار الحديث على مقدرات أبناء هذه الأمة، والقبول بحالة الهوان والذل والاقتتال التي تهيمن على مجمل المشهد الإسلامي.
تقع هنا على عاتق النخب، التي لم تتلوث بعد بالسموم التي يبثونها تحت عنوان محاربة داعش والإرهاب، أن تتصدى لأي طرح من شأنه المس بالنص الإسلامي المقدس، الثابت، وأن لا تخشى من التهم الجاهزة بوصمها بالدعوشة، بعد أن تحولت هذه التهمة إلى سيف مسلط على رقاب المسلمين، وهم الجهة المستهدفة أكثر من غيرها بأخطاء داعش وشططها!
مهما اختلفت العناوين، والمسميات والمصطلحات هنا، ثمة أمر لا يرقى غليه شك، المستهدف هو الإسلام، وليس الفهم الخاطىء له، ونحن وإن كنا لا نخشى على هذا الدين من كيد الكائدين، إلا أننا نخشى على المسلمين، حكاما ومحكومين، أن تأخذهم حمية دعوات «تنقيح» بل تحريف الإسلام، خدمة لما يُراد له من خارج الحدود، لإدامة سيطرة التخلف والتبعية والميوعة على الأمة الإسلامية!

 
تابعو الأردن 24 على google news