تركي عبيدات لجو24: رغم التحديات الكبيرة.. هكذا نهضنا بالزيتونة
جو 24 :
محرر شؤون التعليم والجامعات - يُدرك العاملون والمختصون في قطاعي التعليم والتعليم العالي مدى الصعوبات التي تواجهها الجامعات الخاصة في ظلّ السياسات الرسمية التي تتبعها الحكومات الأردنية منذ نحو خمسة أعوام، ولعلّ الجميع يعلم أن العراقيل التي تضعها الحكومات تشكل تهديدا وجوديا للجامعات الخاصة إن لم تكن ادارتها على قدر عالٍ من المسؤولية والقدرة والكفاءة.
ورغم كلّ تلك الظروف والمثبّطات، غير أن جامعة الزيتونة كانت إحدى الجامعات القليلة التي تمكّنت من تجاوز هذه العراقيل، ولا شكّ أن وجود الأستاذ الدكتور تركي عبيدات على رأس هرم متميّز من الكفاءات والخبرات كان له بالغ الأثر بتحقيق الزيتونة قفزات نوعية في مجال التعليم العالي على المستويين المحلي والاقليمي.
تسلّم عبيدات رئاسة الجامعة بعد دراسة حثيثة أجراها مجلس التعليم العالي قبل الموافقة على تسمية قائم بأعمال رئيس الزيتونة، ليعود عقب شهرين فقط ويستقرّ على تعيينه رئيسا للجامعة بكامل الصلاحيات.
منذ ذلك اليوم، بدأت المهمة المعقّدة، وأخذ عبيدات على عاتقه تخطّي كلّ العقبات وتطوير مخرجات العملية التعليمية حسب حاجة السوق المحلي واعادة النظر في كافة السياسات التعليمية داخل الجامعة لتكون متميزة على المستويين المحلي والدولي.
ويقول الدكتور عبيدات في حوار أجرته Jo24، الخميس: "بداية قمت بوضع خطة من ثلاث محاور لتكون خارطة الطريق في ربط الخطط الدراسية بالكفايات والمخرجات التعليمية، فكان المحور الاول عن كيفية تحسين المخرجات التعليمية لتتوافق مع المستجدات العلمية والتكنولوجية، حيث قمنا باستحداث مادة المهارات الحياتية كمتطلب اجباري في الجامعة لكافة الطلبة، وهي مادة تشمل على مهارات الاتصال والتواصل والعمل بروح الفريق وكيفية اعداد السيرة الذاتية، وهذا سيمكّن الطالب من فهم المواد المتخصصة بشكل اعمق وحثّه على تنمية روح الريادة لديه بشكل كبير".
وأما المحور الثاني الذي قام عبيدات بالعمل والتركيز عليه فكان البحث العلمي، حيث زاد انفاق الجامعة على البحث العلمي خلال الفترة الأخيرة أربعة اضعاف ووصل في نهاية العام 2015 الى حوالي مليون دينار من الموازنة وهي النسبة الأعلى التي تخصصها جامعة -رسمية وخاصة- من موازنتها.
وحول ذلك، يشير الدكتور عبيدات إلى أنه أصدر تعليمات جديدة لدعم مشاريع البحث العلمي، وقد ركزت تلك المشاريع على الاولويات الوطنية وخدمة المجتمع المحلي والجامعة، وكان أهم مخرجاتها المشاريع البحثية "الحديقة الطلابية الخضراء المستدامة" والتي تعمل على الطاقة الهجينة باستخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حيث يستطيع الطلبة شحن اجهزتهم الخلوية والحواسيب مباشرة باستخدام الطاقة المتجددة، لافتا في ذات السياق إلى أن الجامعة تعمل الآن بالكامل على الطاقة الشمسية وهو ما عزز من الخدمات المقدمة للطلبة.
المحور الثالث الذي يعمل عبيدات على انجازه هو الحدّ من ظاهرة العنف الجامعي، والخطوة الأخيرة التي يعمل على انجازها في وقت قريب هو تدشين مشروع البوابات الالكترونية ويهدف إلى منع دخول أي شخص ليس له علاقة بالجامعة. وبالاضافة لذلك المشروفع فقد قامت الجامعة بتعزيز دورها بين الطلبة عبر النشاطات الطلابية اللامنهجية الداخلية منها والخارجية وفي كافة المجالات الثقافية والرياضية والفنية.
وبالعودة إلى خطته لتشجيع البحث العلمي، لفت عبيدات إلى أن الجامعة أصبحت تقدم حوافز مجزية لأعضاء هيئة التدريس الذين ينشرون أبحاثهم في المجلات العالمية "الفئة الاولى"، ونتيجة لهذه السياسة حققت الجامعة انجازا ملحوظا في عدد الابحاث المنشورة في مجلات علمية مرموقة وارتفع العدد من 300 بحث إلى 450 بحثا خلال العامين الأخيرين.
وتعقد الجامعة أربع مؤتمرات عالمية محكمة سنويا يشارك بها باحثون من مختلف انحاء العالم في مجالات العلوم والادارة والتكنولوجيا.
وحرصت الجامعة خلال الأعوام الأخيرة على استقطاب أعضاء هيئة تدريس متميزين ولهم خبرات واسعة وانجازات علمية تؤهلهم ليكونوا مدرسين لطلبة تخطط الجامعة لأن ينافسوا طلبة الجامعات الرسمية والخاصة كلها.
وأشار عبيدات إلى أن ذلك العمل المضني أثمر عن حصول الجامعة على مراتب متقدمة بين الجامعات الرسمية والخاصة بامتحان الكفاءة في العام الدراسي 2015-2016 ، وكان لافتا حصدها المرتبة الأولى على الجامعات في تخصص الادارة والاعمال والثالث على مستوى التمريض والخامس في الصيدلة.
الارتقاء بالمستوى العلمي للجامعة ووضعها ضمن مصاف الجامعات الأكثر تميّزا لم يكن ليشغل عبيدات عن واجب اخر ملقى على عاتق الجامعة وهو خدمة المجتمع المحلي، حيث حرص عبيدات على تحقيق رسالة الجامعة من خلال فتح المركز الصحي التابع لها أيام السبت من كلّ اسبوع لاستقبال المواطنين من المناطق المحيطة بالجامعة، فيقوم الأطباء بتشخيص المرضى وتقديم العلاج لهم والغذاء للأطفال بشكل مجاني، حيث يبلغ عدد المراجعين لعيادات المركز 300 مواطن اسبوعيا، بالاضافة إلى الايام الطبية المجانية التي تقيمها الجامعة في المناطق الفقيرة والنائية بمشاركة عدد كبير من المختصين في كليات الصيدلة والتمريض بالاضافة إلى أطباء من القطاع الخاص.
كما تقدّم الجامعة ايضا تبرعات عينية ونقدية للجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني والاسر الفقيرة والمحتاجة، بالاضافة الى تقديم منح وخصومات من رسوم الجامعة للطلبة داخل الجامعة حيث بلغ مقدار ما تقدمه الجامعة 2,2 مليون دينار اردني وهو مبلغ كبير مقارنة مع ما تقدمه الجامعات الاخرى، بحسب عبيدات.
الحديث مع عبيدات يجعل قناعة تترسخ لدى المرء بأن الرجل يمتلك فكرا ونظريات عديدة للنهوض بواقع قطاع التعليم العالي، ولا بدّ من الاستفادة من كلّ ذلك الفكر، خاصة وأن عبيدات يعتمد في حديثه دائما على الأرقام التي يقول إنها "لا تكذب أبدا".
يُذكر أن عبيدات شغل موقع أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وخبيرا لهندسة الطرق في حكومة دبي وعميدا لكلية الهندسة في جامعة العلوم والتكنولوجيا وعميدا للبحث العلمي في العلوم والتكنولوجيا التي تسلم فيها موقع نائب الرئيس، بالإضافة لخبرته في مجال التخطيط الإستراتيجي لمؤسسات التعليم العالي واعتماد مؤسسات التعليم العالي ومقاييس ومؤشرات الأداء في مجالات العمل الفني والإداري.