2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

وهم التنمية البشرية وبناء الذات!

حلمي الأسمر
جو 24 :

الهوس العربي بالتنمية البشرية وتطوير الذات، لافت للنظر، ويبدو أنه يأتي هربا من حالة التردي السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ومحاولة يائسة لإعادة إنتاج حياة مجدبة، بعد أن وصل العربي إلى حافة اليأس!
حسب موسوعة الويكي ميديا، بدأ مفهوم التنمية البشرية يتضح عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وخروج البلدان التي شاركت في الحرب مصدومة من الدمار البشري والاقتصادي الهائل وخاصة الدول الخاسرة. فبدأ بعدها تطور مفهوم التنمية الاقتصادية وواكبها ظهور التنمية البشرية لسرعة إنجاز التنمية لتحقيق سرعة الخروج من النفق المظلم والدمار الشامل الذي لحق بالبلاد بسبب الحروب.
ومن هذا التاريخ بدأت الأمم المتحدة تنتهج سياسة التنمية البشرية مع الدول الفقيرة لمساعدتها في الخروج من حالة الفقر التي تعانى منها، وخلافا لما هو سائد، تعتبر الموسوعة أن التنمية البشرية هو المنهج الحكومي في المقام الأول الذي يهتم بتحسين نوعية الموارد البشرية في المجتمع وتحسين النوعية البشرية نفسه، كما تهتم كل مؤسسة وكل شركة بتنمية قدرات العاملين فيها سواء على المستوى الإداري شموليا لتشمل كل العاملين على جميع مستوياتهم الوظيفية، والملاحظ أن موضوع التنمية البشرية وبناء الذات، أصبح «تجارة» رائجة لدى عدد غير قليل من منظمات المجتمع المدني، وأفراد قناصي فرص، رأوا في هذا المجال طريقة لكسب رزق وفير عن طريق بيع «الوهم» حيث صرت ترى أعدادا متزايدة من البشر مولعين بالمشاركة في دورات تطوير الذات، وشراء الكتب الخاصة بهذا المجال، على أمل أن يعيدوا إنتاج الظروف البائسة التي تعيشها المجتمعات العربية، وتحسين مستواها، دون أن يدركوا أن موضوع التنمية البشرية مرتبط أصلا بالتنمية الاقتصادية، وبدون هذا الارتباط العضوي، تصبح التنمية البشرية مجرد «وهم» فعلا ومضيعة للوقت، والدليل أن أكثر التعريفات أهمية لمصطلح التنمية البشرية، ما ورد في مقدمة الإعلان العالمي عن حق التنمية الذي اُعتمد ونشر في 4 كانون الأول/ 1986م, والذي يعتبر أن التنمية هي : «عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم، النشطة والحرة والهادفة, في التنمية وفى التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها».
كل هذا يعني أن موضوع التنمية البشرية هو مجرد ثقافة عامة لا تغير حياة الإنسان تغييرا فعليا إن لم ترتبط بجهد متكامل لا يقتصر على هذا المدرب أو ذاك، أو تلك المؤسسة او تلك، ممن يعتاشون من بيع الوهم للناس، عبر عقد دورات تنمية بشرية وبناء ذات، في محيط مكرس لإذابة هذه الذات، وتدميرها، وإفقارها أكثر فأكثر!

تابعو الأردن 24 على google news