ألم في الخاصرة
د. عودة ابو درويش
جو 24 : في سكون ليل القريّة الصغيرة ، صرخت امرأة الراعي من شدّة الألم ، والذي كان في هذه المرّة أقوى من المرّات السابقة . استيقظ زوجها الراعي ، وأولاده الثلاثة وأمّه . أشارت الزوجة الى الألم الشديد في خاصرتها وقالت ، أنّها لم تعد تقوى على تحمّله وأن اليانسون والميرمية لم يعد لهما نفع ، وأنّها تحس بأن كلّ أجزاء بطنها تتقطّع . احتار الزوج الراعي الفقير ماذا يفعل ، فالمركز الطبّي في القرية المجاورة الآن مقفل ، وحتّى لو أنّه مفتوح فلن يفيد بشيء ، فقد راجعتهم زوجته مرارا من دون جدوى . وهو أيضا لا يملك وسيلة توصله للمستشفى في المدينة ، ولكنه لا يستطيع أن يبقي زوجته هكذا تتألّم وهي التي تشكو منذ مدة طويلة من هذا الألم اللعين في خاصرتها . هبّ لنجدته جاره الطيّب ، لم يتوانى في نقلها الى المستشفى في سيّارته القديمة ذات الغرفة الواحدة . توّسط الراعي غرفة السيّارة الوحيدة ولسانه لم يتوّقف عن شكر جاره الطيّب ، وجلست امرأته الى جانبه وهي تكتم صرختها بوضع منديلها في فمها .
في بيت فخم في عمّان ، شكت امرأة لزوجها المسؤول الكبير السابق ، من أنّها تشعر ولأوّل مرّة بألم في خاصرتها . فما كان منه الّا أن اتصل بالسائق يخبره بأنّ عليه أن ينقل زوجته الى المستشفى الخاص ليدخلها لأجراء فحوصات طبّية . وصلوا بوّابة المستشفى ، استقبله الأطبّاء بالترحاب ، أدخلوا المريضة بسرعة الى جناح الدرجة الخاصّة ، أسرعوا في اجراء الفحوصات لزوجة المسؤول السابق ، ولم يجدوا فيها شيئا خطيرا ولكنّهم طلبوا أن تبقى المريضة تحت المراقبة لمدّة يومين ، لإجراء مزيد من الفحوصات ، وللاطمئنان على صحّتها . ولكن في هذه الأثناء كان زوجها يتّصل مع الوزير المعني من أجل ترتيب السفر له ولزوجته للعلاج خارج الوطن على نفقة الدولة ، ويفّضل أن تكون مستشفى في دولة أوروبيّة مثل سويسرا ، وهذا ما كان .
وصل الراعي وزوجته الى بوّابة المستشفى الحكومي في المدينة ، سأل عن قسم الطوارئ . جلست المريضة على سرير ليس عليه غطاء . ذهب زوجها يبحث عن الطبيب . أخبرته الممرضّة التي كانت تغالب النعاس ، أنّها لا تستطيع فعل شيء الّا بأمر الطبيب الذي ذهب ليرتاح من عناء يوم طويل . بدأ الألم يزداد ويتجاوز خاصرة امرأة الراعي المريضة ، وهي تتألّم وتصرخ . انتبه الراعي على صوت الممرضة التي كانت تسأله عن بطاقة التأمين ، من أجل أدخال زوجته الى المستشفى . أجاب أن لا تأمين لديه . قالت أنّها ستخبر المدير علّه يتعاطف مع الراعي الفقير الذي كان عليه أن يدفع مبلغا من المال لا يملكه . أخبر المدير الراعي أنّ المريضة بحاجة الى فحوصات كثيرة بعضها ليس متوّفر في المستشفى ، وهو لا يستطيع الّا أن ينفّذ أوامر الوزير بأن لا يعطي أحدا تحويلا الى مستشفى آخر في العاصمة ، الاّ اذا كان على حساب المريض الخاص .
في سويسرا كان السفير ينتظر في غرفة المريضة زوجة المسؤول السابق الكبير ، ليطمئنّ على سلامتها ، ويثني على الخدمات الجليلة التي قدّمها زوجها للوطن خلال خدمته في الدولة . شكره زوجها وأخبره أنّها ذهبت لتتسوّق بعض الهدايا لأحبابها في عمّان ، وأنّه قد طلب تمديد فترة اقامتهما في سويسرا لأسبوعين آخرين لتكملة العلاج ، ثمّ ناول السفير مطالبة مالية كان قد استلمها من ادارة المستشفى السويسري بالمبالغ التي صرفت على علاج زوجته واقامتها .
كتب الطبيب الحكومي أنّ سبب وفاة زوجة الراعي ، ألم مزمن في الخاصرة لم يعرف له سبب . سلّم التقرير لزوجها الذي استرجع وحوقل وفكّر كثيرا كيف سينقل جثمان زوجته الى القرية ليدفنها ، كي يقرأ أولاده الثلاثة وأمّه الفاتحة على قبرها .
في بيت فخم في عمّان ، شكت امرأة لزوجها المسؤول الكبير السابق ، من أنّها تشعر ولأوّل مرّة بألم في خاصرتها . فما كان منه الّا أن اتصل بالسائق يخبره بأنّ عليه أن ينقل زوجته الى المستشفى الخاص ليدخلها لأجراء فحوصات طبّية . وصلوا بوّابة المستشفى ، استقبله الأطبّاء بالترحاب ، أدخلوا المريضة بسرعة الى جناح الدرجة الخاصّة ، أسرعوا في اجراء الفحوصات لزوجة المسؤول السابق ، ولم يجدوا فيها شيئا خطيرا ولكنّهم طلبوا أن تبقى المريضة تحت المراقبة لمدّة يومين ، لإجراء مزيد من الفحوصات ، وللاطمئنان على صحّتها . ولكن في هذه الأثناء كان زوجها يتّصل مع الوزير المعني من أجل ترتيب السفر له ولزوجته للعلاج خارج الوطن على نفقة الدولة ، ويفّضل أن تكون مستشفى في دولة أوروبيّة مثل سويسرا ، وهذا ما كان .
وصل الراعي وزوجته الى بوّابة المستشفى الحكومي في المدينة ، سأل عن قسم الطوارئ . جلست المريضة على سرير ليس عليه غطاء . ذهب زوجها يبحث عن الطبيب . أخبرته الممرضّة التي كانت تغالب النعاس ، أنّها لا تستطيع فعل شيء الّا بأمر الطبيب الذي ذهب ليرتاح من عناء يوم طويل . بدأ الألم يزداد ويتجاوز خاصرة امرأة الراعي المريضة ، وهي تتألّم وتصرخ . انتبه الراعي على صوت الممرضة التي كانت تسأله عن بطاقة التأمين ، من أجل أدخال زوجته الى المستشفى . أجاب أن لا تأمين لديه . قالت أنّها ستخبر المدير علّه يتعاطف مع الراعي الفقير الذي كان عليه أن يدفع مبلغا من المال لا يملكه . أخبر المدير الراعي أنّ المريضة بحاجة الى فحوصات كثيرة بعضها ليس متوّفر في المستشفى ، وهو لا يستطيع الّا أن ينفّذ أوامر الوزير بأن لا يعطي أحدا تحويلا الى مستشفى آخر في العاصمة ، الاّ اذا كان على حساب المريض الخاص .
في سويسرا كان السفير ينتظر في غرفة المريضة زوجة المسؤول السابق الكبير ، ليطمئنّ على سلامتها ، ويثني على الخدمات الجليلة التي قدّمها زوجها للوطن خلال خدمته في الدولة . شكره زوجها وأخبره أنّها ذهبت لتتسوّق بعض الهدايا لأحبابها في عمّان ، وأنّه قد طلب تمديد فترة اقامتهما في سويسرا لأسبوعين آخرين لتكملة العلاج ، ثمّ ناول السفير مطالبة مالية كان قد استلمها من ادارة المستشفى السويسري بالمبالغ التي صرفت على علاج زوجته واقامتها .
كتب الطبيب الحكومي أنّ سبب وفاة زوجة الراعي ، ألم مزمن في الخاصرة لم يعرف له سبب . سلّم التقرير لزوجها الذي استرجع وحوقل وفكّر كثيرا كيف سينقل جثمان زوجته الى القرية ليدفنها ، كي يقرأ أولاده الثلاثة وأمّه الفاتحة على قبرها .