العلاج بالجمال!
كتبت في غابر الأيام مقالا عن «التعذيب بالجمال!» قلت فيه حينها أن النعمة تنقلب أحيانا إلى نقمة، وهذا هو شأن الجمال المفرط تحديدا، واستحضرت تجربة طريفة أجراها علماء جامعة فلنسيا على عدد من الرجال، حين أجلسوا كلا منهم لخمس دقائق فقط مع فتاة جميلة، وكانت النتيجة ارتفاع هرمون الكورتيزول، الذي تفرزه الغدة الكظرية. ويلعب دوراً مهماً في وظيفة كل جزء من أجزاء الجسم تقريباً، والوقوع تحت التوتر أو الضغط العصبي الشديد يرفع مستوياته، فيؤثر بصورة سلبية على الصحة العامة للجسم. فهو ينظم ضغط الدم ووظيفة القلب الوعائية وجهاز المناعة، كما يسيطر على استعمال الجسم للبروتين ، والكربوهيدرات والدهون. ونتيجة لزيادة الضغوط سواء البدنية مثل المرض، أو الصدمة، أو ارتفاع درجة الحرارة أو الجراحة أو النفسية، يزيد إنتاج هرمون الكورتيزول كرد طبيعي وضروري في الجسم، ويقول العلماء أنه يمكن للكورتيزول أن يكون له أثر إيجابي في جرعات صغيرة ، من حيث تحسين اليقظة والشعور بالسعادة. ولكن مع جرعات مرتفعة وبشكل مزمن فإن ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول يمكن أن تفاقم الظروف الطبية مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وحتى العجز الجنسي ، نصيحة الأطباء هنا تقول: «إذا كنت تريد أن تكون سعيدا لبقية حياتك، لا تجعل امرأة جميلة زوجتك» وهي نصيحة فاسدة ولا شك، لسبب بسيط وهو أن الزوجة مهما كان جمالها فاتنا وصارخا، سيعتاد زوجها رؤيتها وبالتالي فلن يرتفع لديه الهرمون اللعين، ولكن الأهم من هذا وذاك، أن تصحو على وجه عابس، إذ مهما كان جميلا وفاتنا وشهيا ومدهشا، سيغدو في نظرك في منتهى البشاعة والنكد، ذلك أن الجمال ليس تقاطيع دقيقة، وعيونا رائعة، ووجها بديعا، بل ما يحيل أي وجه مهما كانت درجته من الوسامة والجمال إلى وجه جذاب، هي البشاشة والطيبة والابتسامة التي تنطق بالفرح حتى دون انفراج الشفتين!
-2-
بالتوازي مع ذلك ، ثمة دراسة جديدة تبيَّن أن النظر إلى النساء الجميلات تحديدا يؤثـًّر على الذاكرة القصيرة لدى الرجال. وتؤكد الدراسة الهولندية الجديدة التي أجراها أحد الباحثين على طلاب وطالبات في الجامعة أن مجرد حضور النساء الفاتنات والحديث معهن يسبب التشويش للرجال، ويضعف الذاكرة لديهم ويخفض أداءهم العقلي بشكل كبير، والسبب أن خلايا الدماغ التي تقوم بمعالجة المعلومات واتخاذ القرار تتأثر بحضور المرأة والنظر إليها والحديث معها. وركزت هذه الدراسة على موضوع الجاذبية والفتنة والتبرّج. فالنظر إلى المرأة المتبرجة يفقد الرجل صوابه وبالتالي لا يتمكن من اتخاذ قرار صائب، على الأقل خلال وبعد النظر بفترة قصيرة حتى يزول التأثير!
ترى ما علاقة كل هذا بغض البصر؟ لكم أن تستنتجوا ما تشاؤون من تلك الدراسة!
-3-
كما أن هناك تعذيبا بالجمال، ثمة علاج بالجمال، وبالمناسبة، الجمال هو ما تراه جميلا، فلكل مقاييسه ورؤيته وتقويمه، ومما قاله فولتير في الجمال: الجمال يروق العينين، والرقة تسحر النفس، وقال فريدريك نيتشة: إن أسمى أنواع الجمال ليس ذلك الذي يفتِنُنا على الفور، بل الذي يتسلّل إلينا ببطء نحملهُ معنا ونحن لا نكاد نشعر به!