jo24_banner
jo24_banner

لماذا يُحجم الأسد عن استقبال الإبراهيمي؟

عريب الرنتاوي
جو 24 :

أسبوع كامل مضى، منذ أن تقدم الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي بطلب لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، من دون أن يتلقى موعداً محدداً حتى الآن..السوريون يريدون للإبراهيمي أن يأتي لدمشق، وأن يأتي “على مهل”، وأن يجلس على مقاعد الانتظار فيها لعدة أيام، قبل أن يُرتّب له لقاء مع الرئيس، ولا مانع في أن يملأ أجندة إقامته المديدة في سوريا، بفيضٍ من اللقاءات مع مسؤولين سياسيين، يعرف القاصي والداني، أن لا حول لهم ولا قوة.

في المرة السابقة، كما تقول مصادر، اضطر الإبراهيمي للانتظار أربعة أيام للقاء الرئيس، هو قرر أن لا يفعل ذلك مجدداً..ما يحمله الموفد في جعبته هذه المرة، مختلف تماماً..لقد جاء بمبادرة كاملة أو شبه كاملة، وهي ممهورة بخاتم “التوافق” الأمريكي - الروسي الذي بدأ في دبلن وتواصل في جنيف، وسيستكمل في جولات لاحقة.

لماذا يُحجم الرئيس عن استقبال الموفد؟..سؤال يشغل اهتمام العواصم والمراقبين، المُهتمة والمُهتمين بتطورات الأزمة السورية ومآلاتها..والأرجح كما تقول المصادر، أن الأسد يعرف ما الذي تنطوي عليه أفكار الإبراهيمي، وهو ليس سعيداً بها، والأرجح أنه لا يريد أن يعطي جواباً عليها، أو يسعى في إرجاء الاجابة ما أمكن لذلك سبيلا، “علّ وعسى” أن يحدث على الأرض ما قد ينقذه من مواجهة ما ينتظره في غرف المفاوضات المغلقة.

الإبراهيمي، يأتي سوريا والمنطقة، بمشروع تشكيل حكومة انتقالية “كاملة الدسم والصلاحيات”، تتكون من الحكومة والمعارضة..لكننا لا نعرف ما إذا كان الأسد سيبقى جالساً فوق كرسيّه “الرمزي” حتى موعد الانتخابات الرئاسية الانتخابية في العام 2014، أم أنه سيجد نفسه مضطراً لمغادرة “قصر الشعب” ودمشق، وربما كل سوريا، إلى منفى اختياري / إجباري بعيد، وفقاً لأفكار الإبراهيمي ومقترحاته.

المعلومات التي ترددها مصادر المعارضة والعواصم الداعمة لها، تؤكد أن الأسد لم يتوصل بعد إلى الاستنتاج بأن “عهده” قد انتهى.. وأنه ما زال يراهن على “الصمود” في وجه الهجمات العاتية للمعارضة المسلحة، بل وتحقيق اختراق مضاد على الجبهات...ولا تستبعد هذه الأوساط أن يكون الأسد، قد فقد قدرته على “التقرير” في أمره ومصيره، والذي بات يعتبر جزءا من مصير “نخبة من القيادات” الأمنية والعسكرية والمالية والسياسية، التي ترى أن رحيل الأسد، هو رحيل لها ابتداءً، وترحيل لها إلى محكمة لاهاي للجنايات الدولية في نهاية المطاف.

على أية حال، يستطيع الأسد أن يماطل بتحديد الموعد للقاء الإبراهيمي والاستماع منه لعناصر خطته وأفكاره المبنية أساسا على “اتفاق جنيف” الذي سبق أن رحب به النظام...بيد أن الرئيس السوري، لن يكون قادراً أبداً على إدارة ظهره للموفد الأممي..لا خشية من الأمانتين العامتين للأمم المتحدة والجامعة العربية، بل تحسباً للموقف الروسي الداعم بقوة لمهمة الإبراهيمي، والمتعهد الرئيس بمنعها من الانهيار تحت وقع “الممانعة” الرسمية للنظام.

تعنت النظام السوري ومراوغته، ليست العقبة الوحيدة التي تواجه الإبراهيمي الذي يجول على العواصم ويلتقي مع مجاميع المعارضة وتجمعاتها الرئيسية...ثمة مشاكل تنتظره سياسياً وميدانياً مع المعارضة السورية كذلك...سياسياً لا تريد المعارضة بقاء الأسد في منصبه، حتى وإن بلا صلاحيات حتى الانتخابات المقبلة..وميدانياً تبدي الفصائل المسلحة تشدداً أكبر في التعامل مع السقف السياسي لمبادرة الإبراهيمي، مثلما ترفض نشر قوات حفظ سلام لتثبيت وقف القتل والعنف، باعتبارها تكريس لخطوط القتال الحالية، وخط دفاع عن النظام في مناطق تواجده الحالية، وتحديداً في الساحل والجبل.

كما أن أطرافاً عربية وإقليمية لم تبد من قبل ارتياحاً لمهمة الإبراهيمي، ستعمل على عرقلة أهداف جولته الحالية...تركيا استبقت جولته الحالية بطرح مبادرة بعيدة كل البعد عن مبادرة الإبراهيمي، علاقة الموفد الأممي برئيس الحكومة القطري تشوبها الحساسية وانعدام الثقة، برغم العبارات الدبلوماسية التي يتبادلها الرجلين...والسعودية ذاهبة حتى نهاية الشوط في تسعيرها لجبهات القتال ضد النظام، ودعمها لفصائل مسلحة، منشقة عن النظام أو سلفية، ليس خافياً على أحد.

في مثل هذه الأجواء، شديدة التعقيد، بدأت الأنباء تتواتر عن “تلويح” الإبراهيمي بورقة استقالته، وتهديده باللجوء إليها، إن لم يلق التجاوب المطلوب من النظام ابتداء، فالرجل يعرف على ما يبدو كيف يتعامل مع “العقبات العربية والإقليمية” من خلال استخدام “التفاهمات الأمريكية - الروسية”، هو يعرف مصدر قرار و”مربط فرص” العواصم العربية والإقليمية، ولكنه لا يعرف حتى الآن على ما يبدو، الحدود التي يمكن لروسيا أن تضغط فيها على حليفها في دمشق، وما إذا كانت موسكو تمتلك من التأثير على دمشق، ما يجبرها على الانصياع لمتطلبات المبادرة وموجباتها ومقتضياتها...الأيام القليلة القادمة ستكشف ما إذا كان الإبراهيمي سيلتحق بكوفي عنان، أم أنه سيغادر إلى نيويورك لعرض نتائج أحدث جولة ومحاولة له.
(الدستور )

تابعو الأردن 24 على google news