2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

عام 2012 .. رؤيتان للأردن

نضال منصور
جو 24 : غداً سنطوي آخر يوم من عام 2012، ونستقبل سنة جديدة بالتفاؤل والأمل، ولكن قبل رحيل هذا العام من المهم أن نقوم بجردة حساب لما فعلناه وأنجزناه، وهل كنا في العام الثاني من زمن الربيع العربي في الطريق الصحيح، أم تاهت بوصلتنا؟!.

ربما تكون هناك قراءتان لما حدث في عام 2012، فهناك من ينظر للنصف المليء من كوب الماء، أي يرى الجانب المشرق للمشهد الأردني بكل تفاصيله، وأول ذلك بأن الأردن الكيان والوطن ما زال قوياً متماسكاً رغم العواصف، ولم يصبح في مهب الريح.

المتفائلون يرون فيما تحقق قصة إنجاز أردنية دون مزاودات سياسية وجعجعة، فالإصلاحات ماضية، وها هي الهيئة المستقلة للانتخابات التي طالبنا بها عقوداً على أرض الواقع تمارس ولايتها كاملة على شؤون الانتخابات، ولا تسمح للحكومة وأجهزتها الأمنية أن تفرض وصايتها وإرادتها، وأيضاً فإن الرقابة الوطنية والدولية للانتخابات حقيقة لا يمكن نكرانها، وتضع تفاصيل المشهد الانتخابي تحت مجهر المجتمع المدني والدولي، ويصبح العبث بها صعباً.

والبرلمان السابق الذي شكل خاصرة رخوة للأردن الذي يمضي للإصلاح جرى حله، للتأسيس لبرلمان جديد يختلف جذرياً ويعبر عن طموحات الشارع، والميدان مفتوح للجميع للتسابق على حجز مقعده في مجلس النواب، سواء أكانوا أحزاباً يتنافسون في قوائم وطنية عامة، أو أفراداً يخوضون معركتهم على مستوى الدوائر المحلية.

وحتى المحكمة الدستورية وجدت أخيراً طريقها للنور، وبالتأكيد ستضع حداً للتخبط القانوني والتشريعي، وبولادتها يملك المجتمع أداة يستطيع من خلالها شل أثر أي تشرع يتعدى على الحقوق الدستورية.

وفي ملف الإنجاز الأردني عام 2012، يمكن حسب رأي المتفائلين أن ترى تفاصيلَ كثيرة، بدءاً من القدرة على احتواء أزمة اقتصادية لم تقوى دول أوروبية كبيرة على مواجهتها، ومروراً بالحكمة على مواجهة مئات التظاهرات والاحتجاجات دون أن يراق الدم الأردني بالشوارع، وليس انتهاءاً بجلوس الملك على طاولة الحوار مع شباب الحراك الذين يهتف بعضهم ضد النظام في الشارع.

الآخرون لا يرون هذه الصورة ويعتبرونها مزيفة، ويعتقدون أن عام 2012 كان أسوأ من بداية الربيع العربي، وأن النظام السياسي في الأردن تراجع إلى الوراء، واختار مساراً بعيداً عن طريق الإصلاح وإرادة الشعب.

وبعيداً عن منطق المحاججة، فإنهم يرون بأن الانتخابات البرلمانية الني يجري التطبيل لها، ستعيد إنتاج برلمان هزيل، وأن الانطباع الأولي عن القوائم الوطنية وعددها يشي بذلك، وأن ما بني على باطل فهو باطل، ويعودون لقاعدة اللعبة وهو قانون الانتخاب الذي لا يمثل إرادة الناس ولا يحقق العدالة، ولا يمضي في تعزيز البناء السياسي.

واستكمالاً لنفس الرؤية فإنهم يجدون أن القبضة الأمنية توسعت وتمددت في هذا العام، وأن أسلوب الأمن الخشن هو الذي ساد، وأن الأردن الذي يتباهى بأن سجونه تخلو من معتقلي الرأي، فعل عكس ذلك، وما زالت حتى الآن جدران السجون تضم معتقلين من الحراك الشعبي.

ويعتقدون بأن النظام تراجع عن وعوده بالإصلاح السياسي الحقيقي، ويكتفون بالإشارة فقط إلى مخرجات لجنة الحوار الوطني التي لم يؤخذ بها.

وحتى الملف الاقتصادي فإن معاينتهم مختلفة تماماً، فقضايا الفساد الكبيرة حُصن أبطالها بقرارات برلمانية، ولم يبق أمام القضاء سوى ملاحقة الصغار، أما "الحيتان" فهم محصنون أو هاربون.

ويكملون، صحيح بأن الأردن لم ينهار اقتصادياً، ولم يعلن إفلاسه مثل اليونان، لكن الضحية في هذه الأزمة كان المواطن الذي يدفع أولاً بأول ثمن سياسات اقتصادية خاطئة.

من يدقق في المشهد الأردني قد يجد نفسه غاضباً من تباطؤ أو توقف قطار الإصلاح، وقد يجد العذر للأصوات المتصاعدة والرافضة لكل قصص وأحاديث الإنجاز، ولكنه أيضاً حين يغوص في تفاصيل المشهد الإقليمي والدولي، ويربط خيوط اللعبة السياسية، ويبني المقاربات، يتنفس الصعداء بأننا لم نسقط في أتون الصدام والاقتتال والدم، وبأننا رغم كل ما يحدث، قادرون على التجديف معاً سلطة ومعارضة.

لكل رؤية في معاينة واقعنا عام 2012 حجتها وبرهانها، والحقيقة أن هذا العام مضى، والرهان على عام جديد نضع فيه موقفاً موحداً، نتجاوز فيه الصعاب، ونمضي معاً لإصلاح يجنبنا درب الآلام، ونؤسس لنموذج جديد في الإصلاح لم تعرفه دول المنطقة، فهل ننجح ويكون عام 2013 نقطة تحول لمستقبل جديد؟!.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير