jo24_banner
jo24_banner

عن عدوان أمريكا.. وعن الضـربة الصاروخية أيضا

ياسر الزعاترة
جو 24 :

لا تتوقف جرائم ما يسمى التحالف الدولي في العراق وسوريا بحق المدنيين الأبرياء. وفي الأسابيع الأخيرة تكاثرت على نحو مثير، حتى طالت مساجد ومدارس ومراكز لاجئين في سوريا، فضلا عن مناطق سكنية بلا حصر في الموصل، بخاصة خلال الأسابيع الأخيرة، وقبلها بطبيعة الحال في كل المناطق التي كان تنظيم داعش يسيطر عليها، ثم جرى انتزاعها منه.

بكل سهولة تمر تلك الجرائم، والمثير للسخرية أننا نتابع احتفالا بفضحها من قبل الروس، بل إدانة من طرف إيران التي ولغت في الدم السوري حتى الثمالة، مع العلم أن على أيدي بوتين وخامنئي من الدماء السورية أكثر بكثير، وطائرات بوتين (وبشار طبعا) مارست سياسة الأرض المحروقة على نحو وحشي في معظم مناطق سوريا، فيما لا يتورع أتباع خامنئي عن ارتكاب الجرائم البشعة (يفعلون في العراق أيضا). والأكثر إثارة للسخرية أنه في حين يعترف الأمريكان أحيانا بأنهم أصابوا مدنيين (يتحججون بالخطأ)، فإن بوتين وخامنئي، وبالضرورة الدمية في دمشق لا يعترفون أبدا بارتكاب أي مجزرة، بل ولا الوقوع في أي خطأ!!

حين نقول إنه قصف للتحالف، فنحن نعوّم الجريمة بعض الشيء، ذلك أن أيا من طائرات التحالف لا يمكنها إطلاق صاروخ أو إلقاء قنبلة من دون الحصول على الإحداثيات من القيادة الأمريكية، وهذا معروف للقاصي والداني، وبالتالي فإن الجريمة الكبرى أمريكية، وإن منحها الآخرون الشرعية، مع أنهم ليسوا سوى "كومبارس”.

قد يتحدث البعض عن أخطاء تحدث في الحروب، لكن واقع الحال هو أن الأمريكان استخدموا مرارا سياسة الأرض المحروقة في العراق وسوريا حتى يمنحوا حلفاءهم فرصة التقدم. رأينا ذلك في تكريت والرمادي والفلوجة وعين العرب وسواها.

لا يتوقف الإجرام الأمريكي في العراق تحديدا، وفي سوريا بدرجة ثانية.. لا يتوقف عند قتل الأبرياء بقنابل الطائرات، بل يشمل أيضا ما لا يقل فظاعة ممثلا في منح الغطاء لمليشيات تمارس أبشع الانتهاكات بحق المدنيين، سواء خلال القتال، أم في معاملة النازحين الفارين من مناطق القتال. وتقارير المنظمات الدولية لا تتوقف في توصيف ممارسات تلك الميليشيات، ومعها القوات العراقية.

الجرائم الأمريكية بطبيعة الحال ليست في سوريا والعراق فقط، فهي تمتد لتشمل دولا عديدة، كما في اليمن وباكستان وأفغانستان، ودائما تمر دون إدانة من أحد، ولا نعني بذلك الجرائم التي يبررونها بالقول إنهم يطاردون من يعتبرونهم إرهابيين، بل تطال المدنيين، وكم من ضربة في اليمن وباكستان وأفغانستان أودت بحياة الأبرياء، ومرّ ذلك دون إدانة من أحد.

إنه جنون القوة، وغطرسة القوي، حين لا يجد من يردعه، بل حين لا يجد حتى من يدينه، وهو ما نتابعه مع الإجرام الأمريكي، ومن يملك الفيتو في مجلس الأمن ولا يواجهه فيه إلا من هم أكثر منه إجراما، لن يتردد في فعل ما يشاء، وهو ما ينطبق على روسيا أيضا. وفي النهاية تسيل دماء الأبرياء في هذه المنطقة المنكوبة، من دون أن يدين المجرمين أحد، بل لن تعدم من يمنحهم الغطاء والشرعية أيضا.

نأتي هنا إلى الضربات الصاروخية الأمريكية على مطار عسكري سوريا فجر أمس الجمعة، وهي ضربات لا تبتعد كثيرا عن الأجواء التي نتحدث عنها، ممثلة في الإجرام الأمريكي بحق هذه الأمة.

ما يجب أن لا ينساه المحتفلون بتلك الضربات هو أن أمريكا أكثر إجراما بحق سوريا والسوريين من أي أحد آخر، وهي من ضغط بكل قوة على جميع الأطراف لحرمان الثوار من السلاح النوعي القادر على الحسم، والنتيجة هي هذا الموت والدمار الذي نتابعه منذ 6 سنوات.

لم يتغير شيء، وهذه الضربات هي مجرد استعراض فارغ لرئيس مأزوم في الداخل والخارج، وهي محاولة لتجميل وجه قبيح لا أكثر. صحيح أن هناك مجرمين كثر ولغوا في دماء السوريين، لكن الصهاينة وأمريكا هم من قرروا هذا السيناريو المتمثل في إطالة الحرب، ولو كانت سوريا في مكان آخر بعيد عن الكيان الصهيوني لاختلف السيناريو برمته.

أمريكا هي رأس المصائب، وهي تغدو شيطانا حين يتعلق الأمر بمصالح الكيان الصهيوني، لكننا لا ننسى أن خامنئي هو المجرم الأكبر، وهو من منح الأمريكان والصهاينة هذه الفرصة الاستثنائية، وها إنه يتخبط بلا جدوى. ولنتخيل كل السيناريوهات التي يمكن الحديث عنها في سوريا: هل من بينها عودتها إلى الولاية الإيرانية؟ كلا بكل تأكيد، رغم الثمن الباهظ الذي دُفع من أموال الشعب الإيراني، ومن الدماء ومن التعايش في كل المنطقة.

 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير