امرأة تقلب موقف ترامب من..."العميل السري في الكرملين"
جو 24 :
من الجنرال ماكماستر الى نيكي هايلي وأخيراً #فيونا_هيل...أسماء كثيرة يشتبه في أنها تحرك "ديبلوماسية الصواريخ" التي دشنها ترامب، والانقلاب الكبير في مواقفه حيال روسيا. وبين هؤلاء يبرز اسم هيل التي تستأثر بالمنصب الارفع مستوى في الحكومة لرسم سياسة الولايات المتحدة مع روسيا.
فالشهر الماضي، انضمت الخبيرة المتخصصة في شؤون الكرملين وخريجة جامعة هارفرد، الى مجلس الامن القومي، كنائب مساعد للرئيس وكبيرة مديري شؤون أوروبا وأوروبا. وهي تحمل الجنسيتين البريطانية والاميركية، وعضو في المجلس الاميركي للعلاقات الخارجية. تحمل شهادة ماجستير في الدراسات السوفياتية ودكتوراه في التاريخ من جامعة هارفرد. وبعدما انضمت الى معهد بروكينغز عام 2000، تركته ثلاث سنوات لتخدم في مجلس الاستخبارات الوطنية في ادارتي جورج بوش وباراك أوباما.
في كتابها "السيد بوتين...عميل سري في الكرملين" ، تنتقد هيل بشدة بوتين، وإن تكن تحذر من خطأ التقليل من شأنه.
بالنسبة للبعض يعتبر هذا الكتاب بمثابة ملف أميركي أسود عن بوتين يعادل "الملف" الذي أعده عميل سابق في الاستخبارات عن العلاقة المشبوهة لترامب بروسيا، مع فارق كبير أن "السيد بوتين...عميل سري في الكرملين" يستند الى مصادر موثوقة ويبدو حاسماً في خلاصاته.
يعتبر الكتاب (500 صفحة) بمثابة بروفايل نفسي شخصي لبوتين، من سنواته الاولى في الاستخبارات السوفياتية وصعوده في الحياة السياسية وصولاً الى الكرملين. وقد اعتبرته الاستخبارات البريطانية المرجع الافضل في قراءة الرئيس الروسية.
ويكتسب هذا الكتاب أهمية متزايدة نظراً الى أن المنصب الذي تتولاه هيل يفترض أنها قادرة على التأثير على آراء الادارة حيال موسكو.وهو يقوض التوقعات في شأن التقارب الذي تصوره ترامب خلال حملته الانتخابية.
ينظر بوتين الى الولايات المتحدة بحسب هيل وكليفورد هيل الذي يشاركها في تأليف الكتاب، بأنها قوة خبيثة وغير كفية وغير جديرة بالاحترام، وعائقاً أما مجهوده الحثيثة لاستعادة قوة الدولة الروسية.
وهي تحلل شخصياته المتداخلة وتأثيرها على سلطته في الداخل وعداواته في الخارج. وتحدد ست هويات تعتقد أنها تشكل "الرؤى العقلية (لبوتين) ونظرته الى العالم"، وهي الرجل المنادي بالدولة، ورجل التاريح، والبقاء، والدخيل ورجل السوق الحرة والضابط السري.
وتركز هيل في كتابها على الهوية الاخيرة خصوصاً، إذ تعتبر أن بوتين هو "سيد التلاعب بالمعلومات، وقمع المعلومات وخلق معلومات زائفة". وهي تذهب الى اتهامه بابتزاز معارضيه وحلفائه والزعماء الاجانب. برأيها هو لا يثق الا بنفسه، و"يطبق الاساليب الابتزازية على الاخرين...لضمان الولاء".
لا يتحرك بوتين في رأيها انطلاقاً من ايديولوجية. وينطلق خصوصاً من كون تعثر الاتحاد السوفياتي اهانة لا تنسى يجب الثأر لها. ومن هذا المنطلق قدم نفسه "خادماً للدولة" في بيان من خمسة الاف كلمة أصدره بعيد وصوله الى الرئاسة، متعهداً اعادة بناء الدولة الروسية وحماية سيادة روسيا والحفاظ على الاستقرار الداخلي والوحدة وضمان الامن القومي، وإن يكن لم يذكر كيف سيحقق ذلك.
وتضيف هيل أن "الرأسمالية بمفهوم بوتين ليست انتاجاً ولا إدارة ولا تسويقاً...إنها صفقات وفن التعامل. هي لا تتعلق بالعمال والزبائن، وإنما بالعلاقات الشخصية .إنها العثور على ثغرات في القانون واستغلالها".
وعلى رغم انتقاداتها الواسعة لبوتين، تعطي هيل السلطات الروسية حقها في قدرتها على التعامل مع ظروف صعبة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. وحتى أنها قارنت بوتين بفرانكلين روزفلت وشارل ديغول اللذين أخرجا بلديهما من أزمات صعبة.
في العموم، تشير مواقف هيل حيال روسيا إلى أنها ستدفع لموقف متشدد حيالها، وإن يكن بعض آرائها أكثر ايجابية، وتدعو الى مقاربة براغماتية حيال الكرملين.
ومن شأن تعيينها في منصب مؤثر في السياسة الخارجية الاميركية أن يهدئ المشكيين في أن روسيا تقف خلف كل المساوئ التي تصيب أميركا. وهي كتبت في مجلة "الاتلانتيك": "ستحصل احتكاكات كثيرة...وترامب ليس الشخص الأكثر ديبلوماسية بالتأكيد. لذا أتصور أنه سيختلف مع صديقه الجديد بوتين سريعاً". وفي تشرين الاول الماضي، دعت الى ابقاء العقوبات على روسيا ورفضت فكرة "الصفقة الكبيرة" مع بوتين التي تقدم بموجبها واشنطن تنازلات في أوكرانيا مقابل مساعدة روسية في الشرق الاوسط.
... كخبيرة مخضرمة في شؤون روسيا، تعرف هيل أن بوتين لن يرضخ بسهولة تحت الضغط، الا أنها بالتأكيد لا تتوقع صداقة قريبة بين الجانبين. وما يحصل أخيراً يؤكد هذا الاتجاه.النهار اللبنانية