2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

طلب الدبس من نمس بلفور!

حلمي الأسمر
جو 24 :

الحكومة البريطانية لم تعتذر عن اعتذارها عن وعد بلفور، بل رفضت الاعتذار من حيث المبدأ، بل تفاخرت بأن الوعد كان عملا «أخلاقيا» حيث اعتبرت في ردها الرسمي على المطالبة بالاعتذار، أن «منح وطن قومي لليهود هو فعل أخلاقي وصائب»!

لم يكن معدو المطالبة بالاعتذار وهم مركز العودة، يتوقعون الكثير من بريطانيا، فلم يتغير شيء ذو بال بالنسبة للاحتضان الأممي لمشروع الصهاينة في فلسطين، بعد أن تخلى النظام العربي الرسمي عن القضية، ولم يبق من أحد يحمل الأمانة إلا منظمات وهيئات ومؤتمرات وتجمعات شعبية، لم تزل تذكر العالم بفلسطين، في زمن لم يعد للأخلاق من صوت سوى ما صدحت به حناجر الناس العاديين، فيما شوكة الأنظمة مشغولة بالبحث عما يسمونه «الإرهاب» وهو نتيجة طبيعية لظلم وعسف الأنظمة، وصناعة الاستبداد!

وقع على مطالب حملة الاعتذار أكثر من 13 ألف بريطاني، وكانت تستهدف الوصول إلى جمع 100 ألف توقيع، خلال ستة شهور، وجاء حرفياً في الرد الرسمي: «إن حكومة بريطانية لا تعتزم الاعتذار عن الوثيقة التاريخية، نحن فخورون بدورنا في تأسيس دولة إسرائيل» وأوضحت أن ما تهتم به الآن هو تشجيع «السلام!» فقط، بينما تجاهلت في ردها معاناة الفلسطينيين جراء احتلال أرضهم والظلم الواقع عليهم على مدار عقود بسبب الممارسات العنصرية التي تؤكدها تقارير الأمم المتحدة وتقرير الأسكوا الأخير. وعلاوة على ذلك، لمحت إلى وجود روابط دينية وتاريخية مع فلسطين وإلى الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في تلك الحقبة، بينما أغفلت بشكل تام الفظائع التي وقعت في فلسطين على يد العصابات الصهيونية التي سهلت دخولها خلال فترة الانتداب والتي ارتكبت مجازر ممنهجة نتج عنها تهجير أكثر من 570 قرية فلسطينية من سكانها عام 1948م.

واعترفت الحكومة لأول مرة في تاريخها (وبخجل شديد) في ردها بوقوع تقصير في حماية حقوق الفلسطينيين، وخلل في الضمانات والتعهدات التي قطعتها في نص الإعلان قائلة «نحن ندرك أن وعد بلفور كان ينبغي أن يدعو إلى حماية الحقوق السياسية للطوائف غير اليهودية في فلسطين، ولا سيما حقهم في تقرير المصير» وتابعت: «غير أن الشيء المهم الآن هو التطلع إلى الأمام وتحقيق الأمن والعدالة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال سلام دائم». هكذا إذاً، تحول غير اليهود، وهم سكان البلاد وأهلها واصحابها، إلى مجرد «طوائف» لا غير، وهو تعبير لا يشكل احتقارا لغير اليهود فقط، بل يجعل من اليهود هم «الاصل» وغيرهم شراذم أو أقليات تستحق «العطف» ومع هذا لم ينالوا هذا العطف أصلا!

صاحب العريضة، وهو مركز العودة الفلسطيني أكد أن الهدف الشعبي والتعريفي قد تحقق من العريضة وهو تحويل قضية وعد بلفور إلى قضية رأي عام داخل وخارج بريطانيا. كما أعلن المركز عن تصعيد آليات الحملة وفتح باب التوقيع عالمياً لممارسة مزيد من الضغوط على حكومة وعد بلفور، وسيعلن خلال الأيام القادمة عن خطته لما بعد رد الحكومة، جهد شعبي لا بأس به، لكنه يبقى محض «إعلام» وتحريض ناعم، وهو بالتأكيد جهد المقل، والمستطاع، ولا يغني عن المقاومة التي شرعتها كل المبادىء السماوية والأرضية، قبل أن يخلطها القتلة والمجرمون، بسموم «الإرهاب»!

رد بريطانيا الرسمي هو بمثابة تجديد لوعد بلفور في ذكرى مئويته الأولى، وهي رسالة شديدة الخشونة والقسوة، لمن يبحث عن الدبس من النمس!

 
تابعو الأردن 24 على google news