هل لامست حركة فتح أزماتها الداخلية ؟!
على مدار الأسابيع التي مضت أصبحنا وأمسينا على مناشدات بعض الأخوة، ممن يدعون أبناء "فتح" في يوم الاحتفال بالانطلاقة في منطقة السرايا، لأن يكونوا في ذلك اليوم في السرايا على قلب رجل واحد، وهذا أمر مما لا شك فيه رائع.. ويدعو للسرور والبهجة.. ويقدم الحركة خطوة إلى الأمام إن تحقق بأن نكون على قلب رجل واحد.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم تعل هذه الأصوات من قبل، وكانت خافتة طوال الوقت، إلا يوم الدعوة للاحتفال بيوم الإنطلاقة المجيدة،وهي بالمناسبة أصوات قليلة.. ولماذا يجب علينا أن نكون في السرايا على قلب رجل واحد.. وفقط في السرايا..؟! هذا نداء يقر بشيء مهم.. ويحمل في طياته العديد من الرسائل.. أهمها هو إقرار منا بأننا لسنا على قلب رجل واحد.
لماذا يا ترى لسنا على قلب رجل واحد؟! ولماذا نريد اليوم ان نكون في احتفالية على قلب رجل واحد؟! وليس بالأمس وأول أول الأمس، بل وما قبل ذلك.. وقد طال عمر وأشكال التجاذبات الداخلية والشرذمة والتكتلالت والشللية والتحزبات بكل أنواعها في "فتح".. منها القبلية والعشائرية والمناطقية والفئوية.. ومنها ولاءات عمياء.. وتزلما وتزلفا ومداهنة لفلان أو لعلان، من أجل الحفاظ على مكتسب مادي أو لقب ورقي !! ومن المسؤول عن شرذمة الفتحاوية ؟!
هل نريد أن نكون على قلب رجل واحد في السرايا فقط لصناعة حالة استعراضية أمام الكاميرات.. تنتهي بانتهاء العرض وفك المنصات؟! ونريد في ذلك اليوم نصب المنصات لمن تعودوا الجلوس في الصف الأول من أجل التقاط الصور.. أي إبراز المظهر وليس الجوهر ؟!
والسؤال الأهم هو.. ماذا بعد انتهاء الاحتفال؟ هل سيذهب كل في حال سبيله؟! ونصبح في اليوم التالي على ما نحن عليه، كل يغني على ليلاه ؟! إلى متى سنبقى نعيش هذه الحالة ونحن نردد شعارات لا تمت في أغلبها للواقع الذي نعيش بصلة.. ونتغنى بما قدمه أبطال الفتح الذين قضوا على درب التحرير.. وقالوا دوما العهد هو العهد والقسم هو القسم.. هل راجعنا مفردات القسم لحركة "فتح" وأين نحن من معانيها ؟!
”قسم الإخلاص لفلسطين”
(أقسم بالله العظيم . أقسم بشرفي ومعتقداتي. أقسم أن أكون مخلصاً لفلسطين. وأن أعمل على تحريرها باذلاً كل ما أستطيع . وأقسم أن لا أبوح بسرية حركة فتح. وما أعرف من أمورها . هذا قسم حر . والله على ما أقول شهيد.)
هل كان الشهيد الراحل صلاح خلف أبو إياد محقا عندما قال.. "إن الثورة بحاجة لثورة".. إننا نعتقد بأنه إن لم تكن هناك مراجعة حقيقية للأوضاع الحالية في "فتح".. من أجل تنقية صفوف الحركة من الفيروسات ومن الفاسدين والطامعين.. الذين مرغوا ولوثوا صورة "فتح".. وشوهوا سمعتها وأنزلوها الحضيض.. ومحاسبة من عبث بمقدراتها.. وعمل بمنهجية لإضعافها وخلق البلبلة في صفوفها وجعل الاحتقان فيها تصاعديا.. وعمل على تفريغها من محتواها.. وكافأ المتقاعس والمقصر والمتخاذل.. الذين زوروا واختلسوا وباعوا فتح بدنياههم.. لتكريس منافع شخصية لهم.. وغرسوا فيها بذور التصارع والتناحر.. وعملوا على تأجيج التناقضات.. واستشرت الأهواء والنزاعات.. هؤلاء الذين يرفعون سلاح الإلتزام في وجه المخلصين للوطن ولحركة "فتح".. وذلك كلما يحلو لهم ويشعرون بتهديد مصالحهم ونفوذهم.. هؤلاء قادة الصدفة.. وهم بعيدون كل البعد عن الإلتزام بفتح وبمبادئها وبنظاهمها الأساسي وبأدبياتها ونظرياتها وقناعاتها وممارساتها التي ربت أبناءها عليها.. والشواهد هنا كثيرة ومتعددة.. نعم إن لم تكن مراجعة لكل ذلك.. فلن يكون الغد مشرقا !!
لا يمكن أن نبقى نتغنى بإنجازات غيرنا من أبطال الفتح الذين استشهدوا وصنعوا المجد لـ "فتح" ولفلسطين... نريد المضي قدما على خطاهم.. لنحدث عن انجازاتنا لشعبنا.. ونراكم الأعداد وليس الأصفار.. لنشكل بذلك قيمة إضافية للعمل الوطني ولحركة "فتح".. فكلام الياسر واضح لا لبس فيه.. ومن يريد السير على خطاه.. فالطريق واضح.. ولو كان الياسر حيا يرزق لما عشنا كثيرا من اللحظات التي نعيشها، بعد رحيل القائد عليه الرحمة، وتمارس باسم الفتح وباسم الشرعية الفلسطينية..!!