نحو بيئة صديقة لتمكين الشباب
توصف مجتمعات المنطقة العربية بأنها شبابية الطابع فالبنية السكانية في اغلبها من الشباب، الا انها تعاني من تفشي البطالة وتدني الالتحاق ببيوت العلم اذ يعاني ربع الشعوب العربية من الامية، وان البطالة تظهر ارتفاعا غير مسبوق، وان الاقتصادات العربية منهكة مثقلة بالديون وعدم كفاية فرص العمل للداخلين الجدد لسوق العمل وارتفاع الغلاء المتراكم، فالسنوات الثلاث المقبلة لاشك حافلة بالتحديات امام الشباب في مقدمتها التشغيل اذ يحتاج الشباب الى توليد اكثر من 50 مليون فرصة عمل، وان ترك الشباب يواجهون الاصعب والاسوأ يدفعهم للمجهول ويقدم بعضهم الى الظلاميين، وان الوضع الطبيعي ان ينزع الشباب نحو التطور والمساهمة في التنمية، الا ان الاحباط وما تواجهه المنطقة من اقتتال والاخفاق في توجيه البوصلة بالاتجاه السليم، يضعنا جميعا على المحك ومعنا العالم فالمطلوب بث الاطمئنان في نفوس الشباب ومساندتهم ماديا وادبيا لحماية الواقع وبناء مستقبل افضل، لذلك يأتي العنوان الرئيسي للمنتدى الاقتصادي العالمي / البحر الميت 2017 «تمكين الأجيال نحو المستقبل» في وقته.
ان تمكين الشباب يستدعي بنية تشريعية ترعى ابداعاتهم والاستثمار في جهودهم، وهذه اولوية تعادل محاربة الارهاب، فالرعاية والتدريب المستمر وتقديم الاموال بسخاء لاطلاق مشاريعهم يساهم في تسريع وتائر التنمية ويعزز النسيج المجتمعي، فالطاقة الحقيقية هي لدى الشباب فهم جذوة الاعمال المنتجة، وان ادخال مواد في مناهج التربية والتعليم تقدس العمل باعتباره شرف الحياة البشرية، فالسنوات القليلة الفائتة اظهرت مدى شغف الشباب للابداع، والتفاني، فالحالات التي برزت مؤخرا تدعونا جميعا لاتاحة الفرص امامهم، اما قوائم الانتظار للالتحاق بالعمل التي تمتد الى سنوات هو هدر للجهود واضعاف لعزيمة المجتمع.
فالمسؤولية تطالنا جميعا افرادا ومؤسسات وشركات، ففي الدول المتقدمة تتيح المؤسسات والهيئات للخريجين الجدد التدريب المجاني وتدفع لهم مكافآت معينة للتسهيل عليهم التدرب، ثم بناء بنك معلومات حول قدرات كل منهم ويتم تمرير هذه المعلومات لتسهيل الالتحاق بالعمل، وهذه تتم آليا بما يضعف الواسطة في التشغيل، ومن المؤكد اننا في هذه المرحلة الدقيقة بحاجة لممارسة فضلى في التعامل مع هذا الملف المصيري.
ان الانفتاح والعدالة في المجتمعات هو الرد الناجح على ازهاق النفوس واختيار بعضهم خيارات غريبة على ثقافتنا والاديان السماوية، وعلينا ومعنا دول العالم بناء بيئة صديقة للشباب تمكنهم من العيش الطبيعي، وتتيح لهم التقدم في الحياة والمساهمة في العمل في كافة القطاعات، تمكين الشباب مسؤولية وطنية وإنسانية كبرى يجب ان تستند الى برامج عابرة للسنوات والحكومات، فالهدف الثابت.. الاستثمار في الانسان واحترام حقوقه في العيش دون منّه، فالابناء هم ابناء الحياة وعلينا تعبيد الطريق امامهم.الدستور