النسور: «الإخوان» يستهدفون صلاحيات الملك
جو 24 : اتهم رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور جماعة «الإخوان المسلمين» (الفرع الأردني) بالسعي إلى تقويض صلاحيات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لأسباب تُسأل عنها.
وأقر في لقاء أجرته معه «الحياة» عشية الانتخابات النيابية المقررة في 23 الشهر الجاري، بأن أداء البرلمانات السابقة لم يكن مقنعاً للأردنيين. وأكد أن الأخطاء التي حدثت خلال الانتخابات السابقة، في إشارة تبدو واضحة إلى الخروق الرسمية التي أقر بها مسؤولون بارزون، لن تتكرر هذه المرة، كاشفاً أن جهاز الاستخبارات العامة الواسع النفوذ والمتهم سابقاً بإدارة عمليات تزوير مبرمجة لإرادة الناخبين، تلقى كما الحكومة أوامر صارمة من العاهل الأردني بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية تحت أي ظرف.
وعن الأنباء المتعلقة بالتحضير لكونفيديرالية مقبلة بين فلسطين «الدولة الجديدة» والمملكة الهاشمية، أوضح أن هذا النوع من الحكم أو الوحدة «لن يبحث من دون اكتمال بناء الدولة الفلسطينية».
وجدد تأكيد بلاده عدم التدخل في الشأن السوري، وتحدث عن قرارات أردنية «سيادية» تمنع استقبال اللاجئين الفلسطينيين من سورية، معتبراً أن هذه القرارات بمثابة «خط أحمر».
وهنا نص الحوار:
> دعنا نبدأ الحديث عن استعداداتكم للانتخابات البرلمانية، هل أنهيتم الترتيبات؟
- الاستعدادات نوعان. فرغنا من الاستعدادات اللوجستية المتعلقة بتجهيز مراكز الاقتراع والتوعية الشعبية وكيفية الإدلاء بالأصوات، إلى جانب الاتفاق على آليات الفرز، كما أنجزنا تلك الاستعدادات المتعلقة بميكانيكية تسجيل الناخبين والمرشحين، وما هو مسموح وممنوع خلال اليوم الانتخابي. وهنا ينبغي أن نشير إلى الدور الجبار الذي قامت به الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات، إذ استطاعت أن تقوم بواجبها على أكمل وجه متبعة أعلى درجات الدقة والحداثة، إلى جانب الاعتماد على الأدوات العلمية المتاحة. الهيئة المستقلة هي المسؤولة وفق التعديلات الدستورية الأخيرة عن مراحل العملية الانتخابية كافة.
> لكن ماذا عن الناخبين، وكيف تقيمون تفاعلهم مع هذا الاستحقاق المقبل؟
- لا ننكر أن هناك صورة سلبية يحملها الناخب الأردني عن البرلمانات السابقة، فهي لم تكن كما يشاء، ولم يكن أداؤها مقنعاً وساطعاً. البرلمان السابق والذي سبقه أيضاً فشلا في تلبية تطلعات المواطن وأمله في التغيير نحو الأفضل. هناك من الأردنيين من يرى أن المجلس المقبل قد يحمل التركيبة نفسها والأداء السابق، لكنني أرى عكس ذلك، خصوصاً إذا عرفنا أن العملية الانتخابية ستكون مضبوطة إلى حد الكمال. وهنا نؤكد أننا ملتزمون التزاماً قاطعاً وحاسماً بإجراء انتخابات نزيهة ونظيفة 100 في المئة. لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تتدخل الدولة في ما يعيب هذه الانتخابات.
> وماذا عن المال السياسي واستخداماته خلال العملية الانتخابية.. بعض المسؤولين في الهيئة المستقلة أقروا بوجود هذه الظاهرة؟
- ثمة شكاوى من المواطنين بأن هناك مال سياسي يوظف لشراء ذممهم، وهذا التصرف كما تعلمون جريمة كبيرة ومعقدة، والأحكام القضائية بحقه مغلظة. لكن يبقى علينا دائماً عبء الإثبات، فالمحاكم تطلب شواهد وقرائن لا تتوافر في كثير من الأحيان. القضاء هو صاحب القول وليس السلطة التنفيذية. نحن أداة لتنفيذ القانون، ومن واجبنا أن نراقب بصورة حاسمة ودقيقة مثل هذه الأفعال الشائنة. لكن أي حكومة في العالم لا تستطيع أن تقوم بملاحقة أصحاب المال السياسي، إن لم يتعاون المواطن. ورغم ذلك، أكدنا ونؤكد أن هذا المال جزء من الفساد الذي يجب أن يحارب بشتى الطرق والوسائل.
> لكن كيف تنظرون إلى اتهامات المعارضة، خصوصاً الإسلامية، بوجود تدخلات أمنية مبكرة في العملية الانتخابية وممارسة أجهزة معينة ضغوطاً على بعض المرشحين للانسحاب من المنافسة؟
- الأجهزة الأمنية في الأردن تعمل كجزء من الحكومة، ولا تتدخل مطلقاً في العملية الانتخابية، ولا ينبغي لها أن تتدخل. وأنا كرئيس للوزراء، لا اكتفي فقط بنفي مثل هذه الاتهامات، لكن أنفي أيضاً حق الأجهزة الأمنية بالتدخل. أرى أن هذه الأقاويل غير صحيحة وهدفها فقط التشويش على سير العملية الديموقراطية، وربما يروج لها شخص أو أكثر.
> لنكن صرحاء أكثر، ما هو الدور الذي سيناط بجهاز الاستخبارات خلال اليوم الانتخابي، خصوصاً أن أحد جنرالات الجهاز السابقين أقر صراحة بتزويره انتخابات عام 2007؟
- جهاز الاستخبارات الأردنية هو جزء من حكومة المملكة الأردنية الهاشمية، وهو جهاز يتبع لرئيس الحكومة ويتلقى الأوامر المباشرة منه، وإذا ما ارتكب أي أخطاء خلال اليوم الانتخابي، سيكون الرئيس مسؤولاً عنه أيضاً. أؤكد لكم في شكل حاسم أن دائرة الاستخبارات، كما الحكومة، تلقت أوامر صارمة من جلالة الملك بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية، سواء كان ذلك التدخل مباشراً أم غير مباشر، ولن يكون هناك مجال للأخطاء التي وقعت خلال الانتخابات السابقة.
> لنذهب إلى علاقة الدولة بجماعة «الإخوان»، هل التجاذبات الحاصلة بينهما صحية أم أنها دليل على وجود أزمة مستحكمة؟
- حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) حزب محترم، ونحن في الحكومة نحترم حقه في المعارضة. لكن احترامنا لدوره لا يعني أنه يتخذ قرارات صائبة لأنها بالتأكيد لا تنزل من السماء. وعلى سبيل المثال، فإن مقاطعته الانتخابات النيابية ليست من الديموقراطية في شيء. المنطق الذي يحكم جماعة الإخوان غير صحيح، فهي تفرض على الأكثرية اللحاق بالأقلية، وهذا المنطق ليس موجوداً في أي دولة من دول العالم.
> نفهم من كلامك أن جماعة «الإخوان» خسرت نتيجة مقاطعتها الانتخابات؟
- اعتقد أنها أخطأت مرة أخرى. وهذا ليس الخطأ الأول من وجهة نظري. لكنني مع ذلك أتفهم الخلافات الداخلية التي تواجهها.
> كيف ستتعاملون مع نزولهم للشارع مجدداً يوم 18 الشهر الجاري احتجاجاً على إجراء الانتخابات في موعدها؟
- إذا كان المقصود من نزولهم عرقلة الانتخابات، فهذا أمر غير مقبول ويشكل مخالفة، وأعتقد أن الإخوان ومن معهم لا يفكرون في كسر القانون. حتماً لا نريد لبعض هؤلاء أن يخرج عن الممارسات الأخلاقية التي تعارفنا عليها في الأردن طيلة العقود الماضية.
> هل ترون أن مشكلتكم مع «الإخوان» تتمثل في قانون الانتخاب فقط، أم أن هناك إشكاليات أخرى كالحديث مثلاً عن صلاحيات القصر؟
- لا توجد صلاحيات للقصر في الأردن. الصلاحيات تمنح فقط لجلالة الملك. وجماعة الإخوان تريد أن تقلصها، وهي من تسأل عن أسباب ذلك. لنسلم جدلاً بتقليص صلاحيات الملك ومنحها حكماً إلى البرلمان المقبل. هل ستحل المشكلة؟ بالتأكيد لا. الإخوان ينظرون إلى هذا البرلمان على أنه مدان وليس موضع ثقة. كيف تأخذ الصلاحيات من الملك وتمنحها لمجلس نيابي أنت تدينه ولا يعجبك؟ ما فائدة التعديلات الدستورية التي تطالب بها إذا؟
> إذاً ما الحل؟
- الحل الواقعي يتمثل بتعظيم الديموقراطية، وأن نشارك في الانتخابات ونطور العمل الحزبي، وهو ما يعني بالمحصلة تطور الحياة السياسية بما يسمح للبرلمان بتشكيل أي حكومة مقبلة. كما يعني أن جلالة الملك صاحب الصلاحيات لن يكون بحاجة لإدارة تفاصيل الحياة السياسية من جديد. لكن الوصول إلى ذلك، بما فيه تشكل حكومات برلمانية، يحتاج إلى أكثر من دورة انتخابية حتى تختمر الفكرة وتحقق نجاحاً مضطرداً.
> الحراك في الشارع يخفت ويعلو منذ كانون الثاني (يناير) عام 2011 ويطالب بإصلاحات متعددة، كيف تنظرون إليه وهل هو في حال تصاعد أم انحسار؟
- لا أريد أن أقول إنه في حال انحسار لأن ذلك قد يؤذي مشاعر البعض. لكني أجيب عن سؤالك بأن الدولة الأردنية لم تصم آذانها عن مطالب الحراك. لقد استمعنا إليه باحترام، وتجاوبنا مع كل صوت مخلص يحمل فكرة أو رؤية صحيحة. قدمنا منجزات عدة أهمها حل البرلمان السابق، والتعديلات التي شملت ثلث الدستور بصورة عظمت دور السلطة التشريعية، وقللت من دور السلطة التنفيذية، وقوت السلطة القضائية، وجاءت بالمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب. الحراك الشعبي طالب مراراً بمحاربة الفساد، وأنتم تشهدون اليوم الإحالات المتواصلة لكبار المتهمين بقضايا فساد على القضاء.
> تسربت خلال الفترة الماضية أنباء من عمان عن إمكان التحضير لكونفيديرالية قادمة بين فلسطين «الدولة الجديدة» والمملكة الهاشمية، ما صحة هذه المعلومات؟
- أفضل استغلال فرصة الحديث إلى «الحياة» لأعلن رسمياً باسم الحكومة الأردنية أنه لا مجال للحديث عن الفيديرالية أو الكونفيديرالية قبل انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي المحتلة، ومنها القدس الشرقية.
> إذاً المسألة قابلة للنقاش؟
- عندما يكتمل بناء الدولة الفلسطينية ويكتمل استقلالها وتحرير ترابها، عندئذ من حق الشعبين الأردني والفلسطيني أن يتحاورا في شأن المستقبل. لكن يجب أن لا نعفي إسرائيل من القضية الفلسطينية وأن نحملها على أكتافنا منفردين.
> وماذا عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للأردن أخيراً، وكيف تردون على اتهامات المعارضة بأن استقبالكم له منحه خدمة دعائية مع اقتراب الموسم الانتخابي داخل إسرائيل؟
- لا أقول إن الزيارة تمت. لكني أتساءل هل زيارة نتانياهو لعمان ستغير قناعات الناخب الإسرائيلي وستمنحه المزيد من الأصوات. اتهامات المعارضة بهذا الخصوص تبسيط للأمر وتسطيح له على نحو غير مقبول.
> تقيمون على خط التماس مع الحرب المفتوحة على سورية، كيف ستتعاملون مع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد مستقبلاً؟ وما هي تأثيرات الوضع هناك على بلادكم؟
- لا نريد أن نبحث أي تطورات متعلقة بالقيادة السورية الحالية إلى جانب التأثيرات المترتبة على الأردن من عدمها، لكننا في المملكة الهاشمية جاهزون لأي مفاجآت أو تطورات، ومعنيون بحماية حدودنا. سورية بلد عربي شقيق نتمنى له الاستقرار أولاً وأخيراً، ونحن في الأردن استقبلنا عشرات آلاف اللاجئين من إخوتنا السوريين. نتمنى حقن الدماء قبل أي شيء وبأسرع وقت ممكن، ونؤكد مرة أخرى ضرورة حل النزاع الدائر لدى الجارة الشمالية سياسياً.
> لكن لماذا تمنعون اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سورية دخول المملكة، علماً أنهم يحملون وثائق سفر سورية؟
- هناك من يريد إعفاء إسرائيل مرة أخرى من التبعات المترتبة عليها في خصوص تهجير الفلسطينيين من ديارهم. الأردن ليس مكاناً لحل مشاكل إسرائيل، وهناك قرار أردني سيادي واضح وصريح بعدم عبور الإخوة الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية إلى الأردن. استقبالنا لهؤلاء الأشقاء خط أحمر لأن ذلك سيكون مقدمة لموجة تهجير أخرى، وهو ما تريده الحكومة الإسرائيلية. إخواننا الفلسطينيين في سورية أصحاب حق في بلادهم الأصلية، وعليهم البقاء هناك لحين انتهاء الأزمة.
> كيف تقيمون علاقتكم بالمملكة العربية السعودية، خصوصاً أنها سارعت أخيراً إلى دعم الأردن بمنحة مالية جديدة؟
- الأشقاء في السعودية يحرصون علينا أشد الحرص، ويقفون معنا ويدعموننا في كل وقت، ولا يمكن أن ننكر فضلهم. التواصل بيننا مستمر لبحث تطورات المنطقة، والإخوة هناك يعرفون جيداً خطورة الوضع المحيط بنا، ويعرفون أن سلامتنا وأمن بلادنا مشترك ومتبادل، فنحن نرتبط سوياً بحدود جبارة تصل إلى نحو 770 كيلومتراً.
> يقال أن علاقتكم بدولة قطر متوترة بعض الشيء بسبب موقفكم من الأزمة السورية وحديثكم المتواصل عن الحل السياسي؟
- العلاقات مع قطر عادية لا شي إيجابياً ولا شيء سلبياً جديداً. آخر زيارة بين الزعيمين كانت جيدة ونأمل في أن تستمر العلاقة كذلك.
> سؤال أخير، هل فقدت شعبيتك كرجل معارض وبرلماني سابق لعدة دورات عندما قبلت بمنصب رئيس الحكومة؟
- (ضاحكاً) لا أريد أن أبيع وأشتري مثلاً. القارئ العربي لا يعلم أنني تجاوزت الـ 70 سنة. بالتأكيد لست باحثاً عن فرصة. كل ما أريده هو إرضاء ربي ووطني ومليكي، وأن أؤدي واجبي بكل نزاهة كما البلور.
(الحياة - تامر الصمادي)
وأقر في لقاء أجرته معه «الحياة» عشية الانتخابات النيابية المقررة في 23 الشهر الجاري، بأن أداء البرلمانات السابقة لم يكن مقنعاً للأردنيين. وأكد أن الأخطاء التي حدثت خلال الانتخابات السابقة، في إشارة تبدو واضحة إلى الخروق الرسمية التي أقر بها مسؤولون بارزون، لن تتكرر هذه المرة، كاشفاً أن جهاز الاستخبارات العامة الواسع النفوذ والمتهم سابقاً بإدارة عمليات تزوير مبرمجة لإرادة الناخبين، تلقى كما الحكومة أوامر صارمة من العاهل الأردني بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية تحت أي ظرف.
وعن الأنباء المتعلقة بالتحضير لكونفيديرالية مقبلة بين فلسطين «الدولة الجديدة» والمملكة الهاشمية، أوضح أن هذا النوع من الحكم أو الوحدة «لن يبحث من دون اكتمال بناء الدولة الفلسطينية».
وجدد تأكيد بلاده عدم التدخل في الشأن السوري، وتحدث عن قرارات أردنية «سيادية» تمنع استقبال اللاجئين الفلسطينيين من سورية، معتبراً أن هذه القرارات بمثابة «خط أحمر».
وهنا نص الحوار:
> دعنا نبدأ الحديث عن استعداداتكم للانتخابات البرلمانية، هل أنهيتم الترتيبات؟
- الاستعدادات نوعان. فرغنا من الاستعدادات اللوجستية المتعلقة بتجهيز مراكز الاقتراع والتوعية الشعبية وكيفية الإدلاء بالأصوات، إلى جانب الاتفاق على آليات الفرز، كما أنجزنا تلك الاستعدادات المتعلقة بميكانيكية تسجيل الناخبين والمرشحين، وما هو مسموح وممنوع خلال اليوم الانتخابي. وهنا ينبغي أن نشير إلى الدور الجبار الذي قامت به الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات، إذ استطاعت أن تقوم بواجبها على أكمل وجه متبعة أعلى درجات الدقة والحداثة، إلى جانب الاعتماد على الأدوات العلمية المتاحة. الهيئة المستقلة هي المسؤولة وفق التعديلات الدستورية الأخيرة عن مراحل العملية الانتخابية كافة.
> لكن ماذا عن الناخبين، وكيف تقيمون تفاعلهم مع هذا الاستحقاق المقبل؟
- لا ننكر أن هناك صورة سلبية يحملها الناخب الأردني عن البرلمانات السابقة، فهي لم تكن كما يشاء، ولم يكن أداؤها مقنعاً وساطعاً. البرلمان السابق والذي سبقه أيضاً فشلا في تلبية تطلعات المواطن وأمله في التغيير نحو الأفضل. هناك من الأردنيين من يرى أن المجلس المقبل قد يحمل التركيبة نفسها والأداء السابق، لكنني أرى عكس ذلك، خصوصاً إذا عرفنا أن العملية الانتخابية ستكون مضبوطة إلى حد الكمال. وهنا نؤكد أننا ملتزمون التزاماً قاطعاً وحاسماً بإجراء انتخابات نزيهة ونظيفة 100 في المئة. لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تتدخل الدولة في ما يعيب هذه الانتخابات.
> وماذا عن المال السياسي واستخداماته خلال العملية الانتخابية.. بعض المسؤولين في الهيئة المستقلة أقروا بوجود هذه الظاهرة؟
- ثمة شكاوى من المواطنين بأن هناك مال سياسي يوظف لشراء ذممهم، وهذا التصرف كما تعلمون جريمة كبيرة ومعقدة، والأحكام القضائية بحقه مغلظة. لكن يبقى علينا دائماً عبء الإثبات، فالمحاكم تطلب شواهد وقرائن لا تتوافر في كثير من الأحيان. القضاء هو صاحب القول وليس السلطة التنفيذية. نحن أداة لتنفيذ القانون، ومن واجبنا أن نراقب بصورة حاسمة ودقيقة مثل هذه الأفعال الشائنة. لكن أي حكومة في العالم لا تستطيع أن تقوم بملاحقة أصحاب المال السياسي، إن لم يتعاون المواطن. ورغم ذلك، أكدنا ونؤكد أن هذا المال جزء من الفساد الذي يجب أن يحارب بشتى الطرق والوسائل.
> لكن كيف تنظرون إلى اتهامات المعارضة، خصوصاً الإسلامية، بوجود تدخلات أمنية مبكرة في العملية الانتخابية وممارسة أجهزة معينة ضغوطاً على بعض المرشحين للانسحاب من المنافسة؟
- الأجهزة الأمنية في الأردن تعمل كجزء من الحكومة، ولا تتدخل مطلقاً في العملية الانتخابية، ولا ينبغي لها أن تتدخل. وأنا كرئيس للوزراء، لا اكتفي فقط بنفي مثل هذه الاتهامات، لكن أنفي أيضاً حق الأجهزة الأمنية بالتدخل. أرى أن هذه الأقاويل غير صحيحة وهدفها فقط التشويش على سير العملية الديموقراطية، وربما يروج لها شخص أو أكثر.
> لنكن صرحاء أكثر، ما هو الدور الذي سيناط بجهاز الاستخبارات خلال اليوم الانتخابي، خصوصاً أن أحد جنرالات الجهاز السابقين أقر صراحة بتزويره انتخابات عام 2007؟
- جهاز الاستخبارات الأردنية هو جزء من حكومة المملكة الأردنية الهاشمية، وهو جهاز يتبع لرئيس الحكومة ويتلقى الأوامر المباشرة منه، وإذا ما ارتكب أي أخطاء خلال اليوم الانتخابي، سيكون الرئيس مسؤولاً عنه أيضاً. أؤكد لكم في شكل حاسم أن دائرة الاستخبارات، كما الحكومة، تلقت أوامر صارمة من جلالة الملك بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية، سواء كان ذلك التدخل مباشراً أم غير مباشر، ولن يكون هناك مجال للأخطاء التي وقعت خلال الانتخابات السابقة.
> لنذهب إلى علاقة الدولة بجماعة «الإخوان»، هل التجاذبات الحاصلة بينهما صحية أم أنها دليل على وجود أزمة مستحكمة؟
- حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) حزب محترم، ونحن في الحكومة نحترم حقه في المعارضة. لكن احترامنا لدوره لا يعني أنه يتخذ قرارات صائبة لأنها بالتأكيد لا تنزل من السماء. وعلى سبيل المثال، فإن مقاطعته الانتخابات النيابية ليست من الديموقراطية في شيء. المنطق الذي يحكم جماعة الإخوان غير صحيح، فهي تفرض على الأكثرية اللحاق بالأقلية، وهذا المنطق ليس موجوداً في أي دولة من دول العالم.
> نفهم من كلامك أن جماعة «الإخوان» خسرت نتيجة مقاطعتها الانتخابات؟
- اعتقد أنها أخطأت مرة أخرى. وهذا ليس الخطأ الأول من وجهة نظري. لكنني مع ذلك أتفهم الخلافات الداخلية التي تواجهها.
> كيف ستتعاملون مع نزولهم للشارع مجدداً يوم 18 الشهر الجاري احتجاجاً على إجراء الانتخابات في موعدها؟
- إذا كان المقصود من نزولهم عرقلة الانتخابات، فهذا أمر غير مقبول ويشكل مخالفة، وأعتقد أن الإخوان ومن معهم لا يفكرون في كسر القانون. حتماً لا نريد لبعض هؤلاء أن يخرج عن الممارسات الأخلاقية التي تعارفنا عليها في الأردن طيلة العقود الماضية.
> هل ترون أن مشكلتكم مع «الإخوان» تتمثل في قانون الانتخاب فقط، أم أن هناك إشكاليات أخرى كالحديث مثلاً عن صلاحيات القصر؟
- لا توجد صلاحيات للقصر في الأردن. الصلاحيات تمنح فقط لجلالة الملك. وجماعة الإخوان تريد أن تقلصها، وهي من تسأل عن أسباب ذلك. لنسلم جدلاً بتقليص صلاحيات الملك ومنحها حكماً إلى البرلمان المقبل. هل ستحل المشكلة؟ بالتأكيد لا. الإخوان ينظرون إلى هذا البرلمان على أنه مدان وليس موضع ثقة. كيف تأخذ الصلاحيات من الملك وتمنحها لمجلس نيابي أنت تدينه ولا يعجبك؟ ما فائدة التعديلات الدستورية التي تطالب بها إذا؟
> إذاً ما الحل؟
- الحل الواقعي يتمثل بتعظيم الديموقراطية، وأن نشارك في الانتخابات ونطور العمل الحزبي، وهو ما يعني بالمحصلة تطور الحياة السياسية بما يسمح للبرلمان بتشكيل أي حكومة مقبلة. كما يعني أن جلالة الملك صاحب الصلاحيات لن يكون بحاجة لإدارة تفاصيل الحياة السياسية من جديد. لكن الوصول إلى ذلك، بما فيه تشكل حكومات برلمانية، يحتاج إلى أكثر من دورة انتخابية حتى تختمر الفكرة وتحقق نجاحاً مضطرداً.
> الحراك في الشارع يخفت ويعلو منذ كانون الثاني (يناير) عام 2011 ويطالب بإصلاحات متعددة، كيف تنظرون إليه وهل هو في حال تصاعد أم انحسار؟
- لا أريد أن أقول إنه في حال انحسار لأن ذلك قد يؤذي مشاعر البعض. لكني أجيب عن سؤالك بأن الدولة الأردنية لم تصم آذانها عن مطالب الحراك. لقد استمعنا إليه باحترام، وتجاوبنا مع كل صوت مخلص يحمل فكرة أو رؤية صحيحة. قدمنا منجزات عدة أهمها حل البرلمان السابق، والتعديلات التي شملت ثلث الدستور بصورة عظمت دور السلطة التشريعية، وقللت من دور السلطة التنفيذية، وقوت السلطة القضائية، وجاءت بالمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب. الحراك الشعبي طالب مراراً بمحاربة الفساد، وأنتم تشهدون اليوم الإحالات المتواصلة لكبار المتهمين بقضايا فساد على القضاء.
> تسربت خلال الفترة الماضية أنباء من عمان عن إمكان التحضير لكونفيديرالية قادمة بين فلسطين «الدولة الجديدة» والمملكة الهاشمية، ما صحة هذه المعلومات؟
- أفضل استغلال فرصة الحديث إلى «الحياة» لأعلن رسمياً باسم الحكومة الأردنية أنه لا مجال للحديث عن الفيديرالية أو الكونفيديرالية قبل انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي المحتلة، ومنها القدس الشرقية.
> إذاً المسألة قابلة للنقاش؟
- عندما يكتمل بناء الدولة الفلسطينية ويكتمل استقلالها وتحرير ترابها، عندئذ من حق الشعبين الأردني والفلسطيني أن يتحاورا في شأن المستقبل. لكن يجب أن لا نعفي إسرائيل من القضية الفلسطينية وأن نحملها على أكتافنا منفردين.
> وماذا عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للأردن أخيراً، وكيف تردون على اتهامات المعارضة بأن استقبالكم له منحه خدمة دعائية مع اقتراب الموسم الانتخابي داخل إسرائيل؟
- لا أقول إن الزيارة تمت. لكني أتساءل هل زيارة نتانياهو لعمان ستغير قناعات الناخب الإسرائيلي وستمنحه المزيد من الأصوات. اتهامات المعارضة بهذا الخصوص تبسيط للأمر وتسطيح له على نحو غير مقبول.
> تقيمون على خط التماس مع الحرب المفتوحة على سورية، كيف ستتعاملون مع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد مستقبلاً؟ وما هي تأثيرات الوضع هناك على بلادكم؟
- لا نريد أن نبحث أي تطورات متعلقة بالقيادة السورية الحالية إلى جانب التأثيرات المترتبة على الأردن من عدمها، لكننا في المملكة الهاشمية جاهزون لأي مفاجآت أو تطورات، ومعنيون بحماية حدودنا. سورية بلد عربي شقيق نتمنى له الاستقرار أولاً وأخيراً، ونحن في الأردن استقبلنا عشرات آلاف اللاجئين من إخوتنا السوريين. نتمنى حقن الدماء قبل أي شيء وبأسرع وقت ممكن، ونؤكد مرة أخرى ضرورة حل النزاع الدائر لدى الجارة الشمالية سياسياً.
> لكن لماذا تمنعون اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سورية دخول المملكة، علماً أنهم يحملون وثائق سفر سورية؟
- هناك من يريد إعفاء إسرائيل مرة أخرى من التبعات المترتبة عليها في خصوص تهجير الفلسطينيين من ديارهم. الأردن ليس مكاناً لحل مشاكل إسرائيل، وهناك قرار أردني سيادي واضح وصريح بعدم عبور الإخوة الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية إلى الأردن. استقبالنا لهؤلاء الأشقاء خط أحمر لأن ذلك سيكون مقدمة لموجة تهجير أخرى، وهو ما تريده الحكومة الإسرائيلية. إخواننا الفلسطينيين في سورية أصحاب حق في بلادهم الأصلية، وعليهم البقاء هناك لحين انتهاء الأزمة.
> كيف تقيمون علاقتكم بالمملكة العربية السعودية، خصوصاً أنها سارعت أخيراً إلى دعم الأردن بمنحة مالية جديدة؟
- الأشقاء في السعودية يحرصون علينا أشد الحرص، ويقفون معنا ويدعموننا في كل وقت، ولا يمكن أن ننكر فضلهم. التواصل بيننا مستمر لبحث تطورات المنطقة، والإخوة هناك يعرفون جيداً خطورة الوضع المحيط بنا، ويعرفون أن سلامتنا وأمن بلادنا مشترك ومتبادل، فنحن نرتبط سوياً بحدود جبارة تصل إلى نحو 770 كيلومتراً.
> يقال أن علاقتكم بدولة قطر متوترة بعض الشيء بسبب موقفكم من الأزمة السورية وحديثكم المتواصل عن الحل السياسي؟
- العلاقات مع قطر عادية لا شي إيجابياً ولا شيء سلبياً جديداً. آخر زيارة بين الزعيمين كانت جيدة ونأمل في أن تستمر العلاقة كذلك.
> سؤال أخير، هل فقدت شعبيتك كرجل معارض وبرلماني سابق لعدة دورات عندما قبلت بمنصب رئيس الحكومة؟
- (ضاحكاً) لا أريد أن أبيع وأشتري مثلاً. القارئ العربي لا يعلم أنني تجاوزت الـ 70 سنة. بالتأكيد لست باحثاً عن فرصة. كل ما أريده هو إرضاء ربي ووطني ومليكي، وأن أؤدي واجبي بكل نزاهة كما البلور.
(الحياة - تامر الصمادي)