«سلي صيامك»!
حينما كنا صغارا، اعتدنا أن نسمع كلما هل رمضان، مصطلحين اثنين، يبدو أنهما في طريقهما للانقراض، بسبب الانفجار المعرفي وتعدد أنواع ووسائل الترفيه، المصطلحان هما: سلي صيامك، وتضييع الوقت، استعجالا لموعد الإفطار، ويبدو أن غياب هذين المصطلحين له وجاهة كبرى، ذلك أن أحدا لم يعد يتحدث عن تسلية الصائم، بسبب وفرة وسائل التسلية و»تضييع» الوقت(!) الذي هو عمر الإنسان، فيكفي أن يمسك أحدنا بالريموت كنترول الخاص بالتلفزيون، ليلج عالما من الخيارات المتعددة، المستعدة لتضييع عمرك كله، لا نهار رمضان فحسب، وبالطبع هي لن تسلي صيامك، بل سترفصه في ظهره، فلا تبقي من الصيام غير العطش والجوع!
-2-
سأروي لكم اليوم حكاية من حكايات العلم الحديث، لطالما تداولها الناس، وأرسلوها لبعضهم البعض، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تأتيني بين حين وآخر، وليس سيئا تعميمها لما في من فائدة تسلي الصيام فعلا...
مجموعة من العلماء وضعوا 5 قرود في قفص واحد وفي وسط القفص يوجد سلم، في أعلاه هناك بعض الموز، في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد، بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يحاول الصعود لأخذ الموز, يقوم الباقين بمنعه، و ضربه حتى لا يرشون بالماء البارد، بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب، بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قردا جديدا، وكان أول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز، ولكن الأربعة الباقين كانوا يضربونه و يجبرونه على النزول.. بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب! قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد وحل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب وهو لا يدري لماذا يضرب!، و هكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة..حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا، ومع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب!
لو فرضنا .. وسألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟ أكيد سيكون الجواب: لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا هكذا، عملياً هذا ما نطبقه نحن في أعمالنا وحياتنا اليومية، نبقى في الروتين (والأهم الخوف من اللاشيء!) خوفاً من التغيير!
-3-
تذكرني هذه القصة بقصة أخرى، تسلي الصيام فعلا، وهي قصة تاجر فئران التجارب، الي يجمعها ويورّدها لمراكز البحوث، وسافر معه أحد الكتاب من الصعيد إلى القاهرة، حيث لاحظ أنه كان يهز الكيس الذي يحوي الفئران حينا بعد حين، وكان الجواب أنه يفعل هذا كي تبقى الفئران في حالة انشغال بعضها ببعض، لأنها إن استقرت وهدأت، ستبدأ بقضم الكيس والهروب وتحرير نفسها منهن لذا يجب ان تبقى منشغلة بمهاجمة بعضها البعض كلما هز الرجل كيسه ظنا منها أنها تدافع عن نفسها من هجوم مفتعل لإخوتها!
ودمتم، هل سليت صيامكم فعلا؟
الدستور